تسبب زلزال تركيا وسوريا في حصيلة مفجعة من الخسائر البشرية إلى جانب الخسائر الاقتصادية الكبيرة، وبحسب آخر حصيلة، فقد تسبب الزلزال المدمر في سقوط أزيد من 22 ألف ضحية، جراء الذي وُصف بـ"أكبر زلزال تشهده تركيا منذ قرن على الأقل".
وتشير التقديرات المبكرة إلى أنّ آثار الزلزال المدمّر ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية تركيا كما أنّها ستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام لأنقرة بحسب تقريرٍ لوكالة رويترز.
المشهد الاقتصادي في سوريا سيكون أكثر حدّة، خصوصاً أن الوضع الإنساني في الشمال السوري قبل الزلزال كان مأساوياً للغاية بسبب الحصار والحرب المستمرة.
وتخلّف الزلازل المدمّرة خسائر اقتصادية باهظة تصل إلى عشرات المليارات، وفي بعض الأحيان تستمر آثار الزلازل الاقتصادية لسنواتٍ طويلة، فالعديد من الدول التي ضربتها كارثة الزلازل، عانت كثيراً للنهوض من جديد.
فاليابان مثلاً التي تعد أكثر بلدٍ متضررٍ من الزلازل، تكبدت خسائر فاقت 360 مليار في آخر ثلاثة زلازل كبرى ضربت البلد الآسيوي.
1- زلزال اليابان 2011 خلّف خسائر بلغت 360 مليار دولار
في 11 مارس/آذار 2011، ضرب زلزال عنيف بقوة 9.0 درجات بمقياس ريختر قبالة ساحل سانريكو باليابان، نتجت عنه موجات تسونامي هائلة تسببت في أضرار مادية جسيمة وخسائر بشرية هائلة، إذ قتل نحو 20 ألف شخص، ودمّر 122 ألف مبنى سكني، إضافة إلى تضرر العديد من المنشآت الصناعية، كان أبرزها محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية.
تسبب الزلزال في خسائر اقتصادية هائلة وصلت قيمتها لما يزيد على 360 مليارات دولار؛ مما جعله ليس فقط الزلزال الأكثر تكلفة على الإطلاق ولكن أيضاً أكثر الكوارث الطبيعية تكلفة على الإطلاق.
قال ناوتو كان، رئيس الوزراء الياباني في ذلك الوقت، إنها كانت أصعب كارثة لليابان منذ الحرب العالمية الثانية؛ إذ ساهمت الحوادث النووية في محطة فوكوشيما للطاقة في ترك حوالي 4.4 مليون أسرة بدون كهرباء.
2- خسائر زلزال كوبي بلغت 197 مليار دولار
في 17 يناير/كانون الثاني عام 1995، ضرب زلزال قوي بلغت قوته 7.3 درجة على مقياس ريختر مدينة كوبي في محافظة هيوغو اليابانية متسبباً في أضرار هائلة بالمدينة والجزر اليابانية المحيطة.
كانت التكلفة البشرية لهذا الزلزال قليلة مقارنة مع خسائره المادية؛ إذ قتل نحو 7 آلاف شخص، بينما بلغت قيمة خسائره الاقتصادية نحو 197 مليار دولار.
تسبب الزلزال في أضرار دائمة لحوالي 400 ألف مبنى، وتسبب في اندلاع حوالي 300 حريق، وأضرار جسيمة للبنية التحتية للنقل في اليابان.
وعلى الرغم من أن الخسائر المؤمن عليها كانت 3 مليارات دولار فقط، كان إجمالي الضرر حوالي 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في ذلك الوقت.
3- زلزال سيتشوان يكبّد الصين 85 مليار دولار
في عام 2008 ضرب زلزال عنيف مقاطعة سيتشوان الصينية، بلغت قوته 7.9 درجة على مقياس ريختر، وتبعته هزة أرضية بقوة 6.1 درجة على مقياس ريختر.
تسبب ذلك الزلزال في أكبر عدد من الوفيات في الصين منذ عام 1900، حيث قتل أزيد من 80 ألف شخص، وفقد نحو 5.7 ملايين شخص منازلهم، بعد حدوث أكثر من 200 ألف انهيار أرضي.
أمّا التكلفة الاقتصادية لهذا الزلزال المدمّر فكانت باهظة جداً للصينيين؛ إذ قُدّر إجمالي الأضرار التي لحقت بالممتلكات بسبب الزلزال بنحو 148 مليار دولار.
4- زلزال لوس أنجلوس سنة 1994 يكبّد أمريكا خسائر كبيرة
في 17 يناير/كانون الثاني 1994، وقع زلزال بقوة 6.7 درجة على سلّم ريختر في وادي سان فرناندو شمال لوس أنجلوس؛ مما أسفر عن مقتل 60 شخصاً وإصابة أكثر من 7 آلاف أخرين وإلحاق أضرار بـ 40 ألف مبنى وترك 20 ألف شخص بلا مأوى. تمت تمّ تغطية حوالي 15 مليار دولار فقط من الأضرار من خلال مراكز التأمين، على الرغم من أن الخسائر الإجمالية كانت أعلى من ذلك بكثير؛ إذ وصلت إلى 44 مليار دولار.
5- زلزال نيوزيلندا كلّف 40 مليار دولار
في 13 يونيو/حزيران 2011 ، تعرضت الجزيرة الجنوبية لنيوزيلندا لزلزال بقوة 6.3 درجة على مقياس ريختر، تسبب في أضرار جسيمة.
تلقت مدينة كانتربري وضواحيها العبء الأكبر من الخسائر، كانت هناك 185 حالة وفاة والعديد من الإصابات الناجمة عن الزلزال.
مع ذلك، بلغت تكلفة الإعمار 40 مليار دولار، في حين كانت 5 مليارات دولار حجم الخسائر المؤمنة.
ماذا عن خسائر زلزال تركيا وسوريا؟
تسبب الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في الـ6 من فبراير/شباط 2023، في خسائر بشرية ومادية كبيرة، وتأتي تأثيرات الزلزال الاقتصادية بالمقام الأوّل كونه ضرب إحدى أهم المناطق الصناعية التركية؛ إذ تبلغ حصة المناطق المنكوبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 9.3%، أي ما يعادل 76 مليار دولار أمريكي، حسب أرقام مؤسسة الإحصاءات التركية الرسمية، وتظهر هذه الأرقام أيضاً أن هذه المناطق تسهم بـ14% في الناتج الزراعي، و11.2% من الناتج الصناعي، و1% من قطاع السياحة، و8.5% من إجمالي الصادرات التركية.
كما توقف الإنتاج على نحو واسع في مدينة غازي عنتاب التي تعدّ أهم مدينة اقتصادية تركية، وذلك تخوفاً من حدوث هزات ارتدادية خلال الساعات القادمة.
وأعلنت السلطات التركية انهيار أكثر من 7 آلاف مبنى في الولايات العشر التي تأثرت بالزلزال الذي بلغت شدته 7.8 درجة على مقياس ريختر.
لحد اللحظة لم تعلن السلطات التركية عن الخسائر المحتملة للزلزال، رغم رصد الحكومة التركية مبلغ 5 مليارات دولار كخطوة أولى لاسترجاع الخدمات الأساسية سريعاً في المناطق المتضررة، في وقتٍ أشار فيه مراقبون إلى أنّ الخسائر ستتجاوز مليارات الدولارات.
في حين لم تظهر أي بيانات حول حجم الخسائر الاقتصادية في سوريا التي ضرب الزلزال الجزء الشمالي منها.