بعد الزلزال الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا يوم الإثنين، 6 فبراير/شباط 2023، ظهرت صيحات قلق حول إمكانية حدوث موجة تسونامي مدمّرة في البحر الأبيض المتوسط، حسب ما ذكرته "رويترز".
خاصة أن هناك دولاً عديدة شعرت بالزلزال، سواء لبنان أو الأردن، وحتى مصر، لكن لم تكن هذه الموجات مؤثرة، وقد بلغت قوة الزلزال 7.8 درجة على مقياس ريختر، وهو من أخطر الزلازل التي ضربت تركيا منذ زلزال 1999.
فيما قالت إدارة الكوارث التركية إنه لا يوجد مخاطر تتسبب في حدوث موجات تسونامي في البلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط.
البحر الأبيض منطقة نشطة جيولوجياً
يُعد البحر الأبيض المتوسط من المناطق النشطة جيولوجياً نتيجة اصطدام القارات الإفريقية والأوروبية والآسيوية الغربية، أدى هذا الاصطدام الذي يستمر منذ 65 مليون سنة إلى تكوين جبال الألب، فيما ساهم في تقليص مساحة البحر الأبيض المتوسط.
تتحرك القارة الإفريقية بمقدار 2.5 سم في السنة تحت الصفيحة الأوروبية، الشيء الذي يسبب زلازل متكررة ونشاطات بركانية، فعلى الرغم من أن البنية الجيولوجية تحت السطحية للبحر الأبيض المتوسط قد تمت دراستها على نطاق واسع، فإن البيانات الإقليمية القليلة المتاحة حتى الآن لا تسمح لنا بتحديد الحدود بين الصفيحتين، وفهم النشاط التكتوني حولها.
حسب موقع "nature communications" الأمريكي، فالصدوع النشطة تحت سطح البوران الواقع غرب البحر الأبيض المتوسط، أي بين سواحل المغرب والجزائر وسواحل إسبانيا قد تتسبب في زلزال أو تسونامي.
وأضاف الموقع أن هذه الدراسات ضرورية لإعادة تقييم مخاطر الزلازل والتسونامي الناتج عنها في المناطق الساحلية غرب البحر الأبيض المتوسط، خاصة أن الدراسات السابقة أثبتت وقوع موجات تسونامي عنيفة، ويرجع ذلك في الغالب إلى الزلازل القوية والانهيارات الأرضية.
تاريخ تسونامي البحر الأبيض المتوسط
شهد البحر الأبيض المتوسط العديد من موجات التسونامي، والتي كانت الزلازل القوية أو انهيارات أرضية، بالإضافة إلى البراكين النشطة الواقعة على طول الحدود بين القارة الإفريقية والقارة الأوروبية والآسيوية الغربية.
كانت أكثر موجات التسونامي تدميراً في التاريخ قبل حوالي 3500 سنة، فحسب موقع "greek reporter" اليوناني تسببت موجة التسونامي في تدمير الحضارة المينوية، وهي من أقدم الحضارات اليونانية، وتعود إلى العصر البرونزي.
استوطنت هذه الحضارة جزيرة كريت منذ أن بدأ بناؤها في الألفية السابعة قبل الميلاد، كان سبب التسونامي، حسب نفس المصدر، أحد البراكين النشطة الواقعة في سانتوريني باليونان، كما تقول بعض الأساطير أنه كان سبب اختفاء أتلانتس.
وفي عام 365 بعد الميلاد، ضرب زلزال بقوة 8.5 درجة على مقياس ريختر سواحل جزيرة كريت، ما تسبب في موجة تسونامي في العديد من السواحل في اليونان وإيطاليا ومصر، الشيء الذي أدى إلى مقتل 5 آلاف شخص في الإسكندرية وحدها، حسب الموقع الإسباني "vistaalmar".
أما خلال القرون الأخيرة، فضربة تسونامي وصل طولها إلى 13 متراً بالسواحل الأوروبية المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك سنة 1908، وكان سببها زلزال في عمق البحر قبالة سواحل صقلية، وهي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، ما تسبب في مقتل أكثر من ألفي شخص.
أما منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط غير البعيدة عن حوض البوران، والتي تم تضمينها في الدراسة الأخيرة، فإن آخر تسونامي شهدته هذه المنطقة يعود إلى عام 2003. وبلغ ارتفاع تسونامي حوالي مترين، وألحق أضراراً بشواطئ جزر البليار الإسبانية، على بُعد حوالي 300 كيلومتر شمال مركز الزلزال.
توقعات تسونامي بعد زلزال تركيا وسوريا
حسب تقرير نشرته صحيفة "theguardian" تواجه بلدان البحر الأبيض المتوسط خطر حدوث موجات تسونامي، يزيد طولها عن متر واحد في غضون الثلاثين عاماً المقبلة بنسبة 100% تقريباً، فيما أضافت أن هذه الموجات ستضرب بعض المدن الكبيرة مثل مرسيليا والإسكندرية وإسطنبول.
فيما يتوقع العلماء، حسب نفس المصدر، أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى زيادة مخاطر حدوث موجات تسونامي، كما أظهرت دراسة علمية أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 45 سم يمكن أن يزيد من مخاطر الفيضانات بنحو 2.5 متر من تدفق المياه إلى اليابسة.
وفقاً لنفس المصدر، ستكون جميع المجتمعات السكنية المهددة جاهزة للتعامل مع مثل هذا الحدث بحلول عام 2030، وذلك بفضل نظام الإنذار المبكر الذي ركزت عليه اليونسكو منذ عام 2004.