مقاطعة كندية تحارب المخدرات بمنع تجريمها.. حددت قواعد استخدامها وفتحت خط مساعدة للمدمنين

استحدثت مقاطعة كولومبيا البريطانية التابعة لكندا إجراءً يلغي تجريم حيازة المخدرات، في خطوة لقيت إشادات من مؤيديها؛ حيث وصفوها بـ "التحول الهائل" في سياسة التعامل مع المخدرات، لكن النقاد ادَّعوا أنها قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى، بحسب ما قالت صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني 2023. 

بموجب هذه التجربة، يُسمح لأي متعاطي مخدرات يتجاوز عمره 18 عاماً، بأن يحمل جرعة وزنها 2.5 غرام من المخدرات. وتقول السلطات إنها من الآن فصاعداً سوف تعالج الإدمان بوصفه "حالة صحية، وليس حالة عدالة جنائية".

يقول المسؤولون في كولومبيا البريطانية، التي تعد معقلاً للتقدمية، إن "الخطوة الجريئة" كانت ضرورية للتصدي لأزمة جرعات المخدرات الزائدة التي تعصف بالمقاطعة؛ حيث توفي أكثر من 11 ألف شخص منذ إعلان حالة طوارئ صحية عامة في 2016.

 في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي، ارتبط مخدر الفنتانيل، وهو مادة أفيونية اصطناعية أقوى 50 مرة من الهيروين، بوفاة 83% من حالات الوفاة بسبب الجرعات الزائدة، التي تجاوزت 1000 حالة وفاة.

غير أن النقاد يقولون إنه من أجل أن يكون إلغاء التجريم ناجعاً، يجب أن يكون مقترناً بمحاولات جادة لدفع المدمنين نحو تلقِّي العلاج، وفي الوقت ذاته تنتشر مخاوف أيضاً من أن رعونة التعامل مع المخدرات قد يعرض العامة للمخاطر.

تأييد للخطة الحكومية 

طلب مايك جويتز، عمدة مدينة ميريت بمقاطعة كولومبيا البريطانية، مشورة قانونية حول فرض قوانين ثانوية لتقييد الأماكن التي يمكن تعاطي المخدرات فيها؛ خوفاً من التحول إلى الفوضى بسبب تفشي التعاطي. 

قال جويتز: "إذا جرى تعاطي هذه المخدرات في الأماكن العامة، وكان لدينا شخص يعمل في مطعم ويذهب ليبدل كيس القمامة، وكان هناك إبرة حقن كبيرة، أو إذا كانت هناك جرعة متبقية من مسحوق الكوكايين أو الفنتانيل على الطاولة، ووصل إليها طفل ما… فهذه الأمور تقلقني حقاً"، وأوضح: "قد يصير هذا موقفاً يتضرر فيه أشخاص لا علاقة لهم بهذا". 

أضاف جويتز، الذي فقد صهره بسبب جرعة زائدة، أن القوانين الجديدة تخفق في تقديم طرق العلاج للمدمنين. وتابع قائلاً: "إنني لا أرى الدعم لهؤلاء الذين يريدون إحداث تغيير.. إن خطة التعافي مفقودة".

يقول مؤيدو إلغاء التجريم إن الحرب على المخدرات مثلت إخفاقاً لا يمكن إنكاره، ويشير هؤلاء إلى حوالي 23 ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب المواد الأفيونية في كندا بين عامَي 2016 و2021، بوصفه دليلاً على هذا الإخفاق. وبالاتجاه نحو جنوب البلاد، ثمة أكثر من 100 ألف أمريكي فقدوا حياتهم بسبب الجرعات الزائدة في عام 2021 وحده، ويُعزى جانب كبير من هذا إلى مخدر الفنتانيل، وسوف تتابع المدن الأمريكية، التي تستكشف الحلول الجذرية، متابعةً عن كثب ما يتكشف في فانكوفر.

يقول المسؤولون في مقاطعة كولومبيا البريطانية إن الوقت قد حان للتخلص من "الخزي ووصمة العار"، من الإدمان. قالت جينيفر وايتسايد، وزيرة الصحة العقلية والإدمان في المقاطعة، في بيان: "نعرف أن تعاطي المخدرات حالة صحية، وليس حالة عدالة جنائية". 

آراء من الشارع 

يعمل الفنان لويس كام، 24 عاماً، في متجر Eastvan للملابس العصرية، وقال إن المتاجر تبيع الكريمات المطهرة إلى المدمنين الباحثين عن مسكنات للقروح التي يسببها حقن المخدرات بالإبر. أوضح كام أن متجر الملابس ينتج أيضاً قمصاناً لعديد من المدمنين، وغالبيتهم من الشباب، الذين توفوا بسبب الجرعات الزائدة في المدينة.

ويبدو الشاب متشككاً في التأثير الذي قد يحدث بسبب القوانين الجديدة. أضاف كام: "الناس تتعاطى بالفعل، فماذا سيكون الفارق؟".

وفي غضون ذلك، تنقسم آراء المدمنين.. قضت كولين ريدج، مدمنة الفنتانيل البالغة من العمر 49 عاماً، تسع سنوات مشردة في شوارع فانكوفر، لكنها انتقلت إلى منزل مؤخراً. ترحب كولين، التي تعمل منزِّهة كلاب، بإلغاء التجريم. وأوضحت: "سوف ينقذ حياة الأشخاص ويمنع اعتقال أي شخص لمجرد أنه متعاطي مخدرات. أعتقد أنه من غير العادل اعتقال المرء لحيازته المخدرات فحسب".

وأضافت أن المتعاطين يموتون في الغالب من الجرعات الزائدة؛ لأن المدمنين الآخرين يخافون من إبلاغ الشرطة؛ خوفاً من الاعتقال أو مصادرة مخدراتهم.

يصرُّ مدمن آخر من مدمني الفنتانيل، يُدعى "تي" في الستينيات من عمره، على أن إلغاء التجريم لن يُحدث أي فارق لمشكلة الجرعات الزائدة في كولومبيا البريطانية؛ لأن المواد الأفيونية منتشرة بالفعل. وقال إن المدمنين "يسقطون "مثل الذباب" بسبب الفنتانيل، الذي يباع في فانكوفر عن طريق "كل الناس تقريباً" مقابل 100 دولار كندي للغرام الواحد (75.14 دولار أمريكي). 

لكنه لا ينوي أن ينضم إلى قائمة الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب المخدرات. قال تي: "سوف أُقلع في أبريل/نيسان".