أطلقت فرنسيتان مسلمتان موقعاً إلكترونياً، يساعد النساء المحجبات في العثور على وظائف، مقدماً لهن حلاً للعمل في القطاع الخاص، الذي يتمتع أرباب العمل فيه بحرية تقرير الالتزام بـ"الحياد الديني"، في مقابل تشديد القطاع العام الذي يحظر ارتداء رموز دينية ظاهرة مثل الحجاب أو الصلبان.
صحيفة The Times البريطانية نقلت، الإثنين 23 يناير/كانون الثاني 2023، عن ياسمين درواز البالغة من العمر 21 عاماً، وهي مؤسِّسة موقع JobHijab، قولها إن المسلمات اللائي يتقدمن للوظائف ويرغبن بالاحتفاظ بحجابهن في الوقت ذاته يصعب عليهن التعرف على الشركات التي لا تمانع ذلك.
أشارت ياسمين إلى أنه نتيجة لذلك، تتقدم كثير منهن لوظيفة معينة، ويتفاجأن بعد ذلك بأنه لا يمكنهن توليها.
أنشأت ياسمين مع الطالبة هانيا الشيخ (19 عاماً) الموقع، إضافة إلى حساب على إنستغرام لإنقاذ النساء من إحباط التقدم للوظائف التي "تضطرهن بعد ذلك للاختيار بين دينهن وعملهن".
لا يعرض موقع JobHijab إلا الشركات المعروفة بأنها مفتوحة للموظفين الذين يرتدون رموزاً دينية، وهذه المعلومة تحصل عليها الفتاتان شفهياً أو من أقسام الموارد البشرية في الشركة، وتحدد الوظائف التي تعرضانها أيضاً إن كانت ستمنح الموظفين المسلمين وقتاً لأداء الصلاة.
تقول الفتاتان إنهما تعرفان مسلمات كثيرات يشعرن بأنهن مجبرات على التنازل عن قيمهن لأجل إعالة أسرهن، وقالت هانيا: "نتلقى باستمرار رسائل من نساء يخبرننا أنهن لا يستطعن تحمل الاضطرار إلى خلع الحجاب أمام زملائهن، وهذا يحزننا لأنها إهانة كبرى".
أضافت هانيا، التي تدرّس اللغة الإنجليزية في المدارس الخاصة بجانب دراستها في مجال الاتصالات، إنها تخبر أصحاب العمل دائماً بأنها محجبة عند التقدم لوظيفة، وهي أحياناً لا تتلقى رداً منهم "رغم أن كل شيء آخر يسير على ما يرام".
بحسب الصحيفة البريطانية، نجحت الفتاتان في توفير وظائف لأكثر من 100 سيدة مسلمة منذ إطلاق موقعهما في الصيف، وهما تعرضان وظائف جديدة كل يوم، لكن مع وجود أكثر من 30 ألف متابع على إنستغرام وتويتر وتيكتوك، لا يمكنهما مواكبة الطلب، الذي كان "مرتفعاً جداً".
أشارت الفتاتان إلى أنه من القطاعات التي تتقبل الموظفات المحجبات، التسويق وأي أعمال في المجال الرقمي، وقالتا إن العثور على عمل في المجالات التقليدية، مثل البنوك أو الموارد البشرية، "صعب"، في حين أن الوظائف التي تتطلب تفاعلاً مباشراً مع العملاء أشد ندرة.
كذلك لفتت ياسمين وهانيا إلى أنهما تعرضتا لانتقادات عنيفة منذ إطلاقهما للموقع، وخاصة من اليمين المتطرف، الذي ينتقد "أسلمة" فرنسا، وقالت هانيا: "واجهنا كراهية شديدة، لكن ذلك لن يوقفنا، حتى لو شعرنا بالخوف أحياناً".
كانت السلطات الفرنسية قد اتخذت عدة إجراءات للتضييق على المحجبات في البلاد، وسبق أن تصدرت قضية الحجاب أجندة الحملات الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية الماضية، وسط ضغط اليمينية المتطرفة مارين لوبان، لحظره بشكل كامل في الدولة، التي تضم أكبر عدد من المسلمين في أوروبا الغربية.
يُشار إلى أن ارتداء الرموز الدينية في الأماكن العامة ووضع الدين بشكل عام، يُعدان موضوعين مثيرين للجدل منذ فترة طويلة في فرنسا، التي تصنف كدولة علمانية.