إذا كنت من عشاق الكاريوكي، فربما تساءلت في وقت ما عن مصدر كل هذا النوع من الموسيقى والغناء الذي اشتهر في جميع أنحاء العالم بسرعة كبيرة، وأصبح الشكل الأكثر شيوعاً لوسائل الترفيه.
إذ تعدّ موسيقى وغناء الكاريوكي مصدراً ممتعاً للترفيه في أجزاءٍ واسعة من العالم، حيث يغني الأشخاص بعض أغانيهم المفضلة أثناء تشغيل الموسيقى، وغالباً ما تظهر الكلمات على الشاشة بحيث يستطيع المغني ببساطة الغناء مع موسيقى الكاريوكي.
وعادةً ما تكون أغاني الكاريوكي نسخاً موسيقية للأغاني دون صوت المطربين، وهو ما يجعل الأصوات المزعجة تختفي، ويكون بإمكان الجميع أداء أغانيهم المفضلة بطريقة جميلة، وهو الأمر الذي جعل موسيقى الكاريوكي تنتشر بسرعة.
في الواقع، زادت النوادي والملاهي والمهرجانات الموسيقية والغنائية من شعبية الكاريوكي، فخلالها يصبح الناس أكثر شجاعة للغناء أمام الغرباء.
ما هي موسيقى الكاريوكي؟
كما سبق أن ذكرنا، موسيقى الكاريوكي هي إحدى الأشكال الشائعة للترفيه في العالم، يقوم من خلالها الناس بالغناء للموسيقى المسجلة، وذلك عبر استخدام ميكروفون، وعادة ما تكون الموسيقى مصحوبة بشاشة فيديو تعرض كلمات الأغنية.
ومنذ انطلاقة هذا النوع من الموسيقى، أصبحت النوادي التي تقدّم الكاريوكي وجهة مفضلة للحياة الليلية في اليابان، كما تحتوي بعض الفنادق على غرف كاريوكي خاصة يمكن استئجارها بالساعة.
ومنذ الوهلة الأولى قام اليابانيون بتصدير ثقافة الكاريوكي اليابانية إلى بلدان أخرى، إذ صارت منتشرة اليوم في العديد من البلدان عبر العالم.
وتأتي كلمة "الكاريوكي" في الواقع من اللغة اليابانية، وتتكون من جزأين: "كارا"، والتي تعني "فارغ"، و"أوكي"، وهي اختصار لكلمة "أوركسترا"، أي أنها تعني الأوركسترا الفارغة، وبمعنى آخر، الكاريوكي في اليابانية هي "الغناء من دون موسيقى".
أين ومتى بدأت موسيقى الكاريوكي؟
نشأت الكاريوكي لأول مرة في اليابان خلال سبعينيات القرن الماضي، ففي عام 1971، اخترع الموسيقي دايسوكي إينو أول آلة كاريوكي في كوبي باليابان.
كان إينو عازفاً محترفاً على الطبول والبيانو، وفي إحدى المرات تمت دعوته للانضمام إلى إحدى الحفلات من أجل تشغيل الموسيقى لأحد المغنين، لكنه رفض الدعوة وأرسل شريطاً موسيقياً حتى يتمكن من الأداء بمفرده، ثم قام بعدها باختراع أول آلة كاريوكي تسمى 8 Juke. تتميز بجهاز استريو ومكبر صوت وميكروفون.
في الواقع، عندما دخلت الأوركسترا باليابان في الإضراب، وبدلاً من الأوركسترا، ارتجل المغنون باليابان واستخدموا آلة الكاريوكي بدلاً من ذلك لتشغيل الموسيقى.
سرعان ما أصبح الكاريوكي شائعاً في اليابان، وانتشر إلى أجزاء أخرى من آسيا والعالم، وطورت الصين وكوريا بشكل خاص ثقافتيهما الخاصة حول الكاريوكي.
كانت في الأصل مجرد وسيلة للناس للغناء جنباً إلى جنب مع تسجيلات الأغاني الشعبية. ومع ذلك، سرعان ما تطورت إلى نشاط تنافسي، حيث بات الآسيويون يتنافسون حول من يمكنه أن يغني أفضل أداء لأغنية ما.
اليوم، أصبحت موسيقى الكاريوكي مشهورة كالنار على العلم، وقد ظهرت حتى في أفلام هوليوود مثل فيلم "The Joy Luck Club" و"Lost in Translation".
الكاريوكي تحوّل إلى ثقافة باليابان
يتم أداء موسيقى الكاريوكي عادةً في غرف خاصة في اليابان بدلاً من الأماكن العامة، وهذا ما يسمح للناس بالغناء دون الشعور بالخجل أو الخوف، وعادةً ما تحتوي نوادي الكاريوكي اليابانية على خيارات متنوعة للأغاني، من الأغاني اليابانية التقليدية إلى أغاني البوب المعاصرة، وهو الأمر الذي ساعد على انتشارها بين اليابانيين، كونها كانت تغطي كل الأغاني اليابانية.
من جهة أخرى ساهمت نوادي الكاريوكي في انتشار هذا النوع من الموسيقى، وذلك عبر تقديمها لخدمتي الطعام والشراب، فصار مؤدُّو الكاريوكي يستمتعون بوجباتهم وهم يؤدون الكاريوكي.
تحوّل الكاريوكي إلى وسيلة شائعة لدى اليابانيين للتواصل الاجتماعي والمتعة، كما صار نشاطاً سياحياً شهيراً في اليابان.
كما يحتفل بيوم الكاريوكي في اليابان في كل يوم 19 يناير /كانون الثاني من كل عام.
الكاريوكي انتشر في كامل أرجاء العالم
بسرعة كبيرة تحوّل الكاريوكي إلى ظاهرة عالمية، وأصبح منتشراً في كل أنحاء العالم، بعد أن أصبح الكاريوكي طريقة غير مكلفة للاستمتاع بالموسيقى، ونشاطاً اجتماعياً يمكن أن يتمتع به الأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات أثناء ممارسة المهارات اللغوية.
وصل الكاريوكي لأول مرة إلى الولايات المتحدة ومن بعدها إلى العالم أجمع عبر المطاعم الآسيوية، وزاد من شهرتها استضافة برنامج The Tonight Show على NBC في عام 1986 لهواة الكاريوكي، وهو الأمر الذي جعل نوادي الكاريوكي تنتشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن أماكن الكاريوكي الأولى كانت عبارة عن نوادٍ ومطاعم، إلا أن آلات الكاريوكي المنزلية أصبحت أكثر شهرة في التسعينيات.
كما وصلت موسيقى الكاريوكي إلى العالم العربي مع بداية الألفية، فشهدت معظم الدول العربية انتشاراً لهذه الموسيقى العالمية، ومن الأسباب التي دفعت بالكاريوكي إلى الانتشار في العالم العربي، أغاني الإنمي التي كانت تعرض مكتوبةً ويؤديها الكثير من متابعيها.
وانتشر الكاريوكي في مصر، فظهرت فرقة باسم فرقة "كاريوكي"، التي تأسست سنة 2003، واشتهرت مع ثورة 25 يناير من خلال أغنية "صوت الحرية"، كما انتقل الكاريوكي سريعاً إلى النوادي والمطاعم العربية؛ إذ أصبح الكاريوكي أحد الخدمات التي تقدمها النوادي في دبي.
وفي الجزائر، اشتهرت فرقة "carpool karaoke dz – الداي"، بأداء موسيقى الكاريوكي، وأسهمت في انتشاره بالجزائر وشمال إفريقيا.
كما أسهم في انتشار موسيقى الكاريوكي في العالم العربي ظهور العديد من تطبيقات غناء الكاريوكي على الهواتف الذكية.
إذ يعدّ تطبيق Yokee التطبيق الكاريوكي الشائع الذي يتيح لمستخدميه الغناء بطريقة كاريوكي مجاناً.