“نهاية أسطورة”.. من هو “ماتيو ميسينا دينارو” زعيم المافيا الإيطالية الذي بقي هارباً من قبضة العدالة 30 عاماً!

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/18 الساعة 17:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/18 الساعة 17:51 بتوقيت غرينتش
Getty Images / ماتيو ميسينا دينارو

عندما تم القبض على ماتيو ميسينا دينارو، قيل إن أكثر من 100 من أفراد القوات المسلحة الإيطالية شاركوا في العملية، لأنه كان لسنوات طويلة رمزاً لعجز الدولة عن الوصول إلى المستويات العليا من عصابات الجريمة المنظمة.

من هو ماتيو ميسينا دينارو، كيف وصل إلى قمة هرم المافيا الإيطالية، وما الذي سيتغير باعتقاله على صعيد الجريمة المنظمة؟

من هو ماتيو ميسينا دينارو؟

وُلد دينارو في مدينة كاستيلفيترانو بصقلية في أبريل/نيسان 1962، وكان والده فرانشيسكو، المعروف باسم "دون سيسيو"، وباسم دون سيسيو، رئيساً لمافيا كوسا نوسترا الصقلية في منطقة تراباني.

كان منغمساً في أسلوب حياة المافيا منذ صغره، ويقال إنه تدرب على استخدام مسدس في سن الرابعة عشرة، وزُعم أنه ارتكب أول جريمة قتل له عندما كان في الثامنة عشرة من عمره.

وقد حقق دينارو نجاحات كبيرة في تجارة العائلة، حيث بنى إمبراطورية غير مشروعة بالمليارات في التخلص من النفايات، وطاقة الرياح وقطاعات البيع بالتجزئة.

استغرق القبض على زعيم المافيا ماتيو ميسينا دينارو 30 عاماً!

كان ماتيو ميسينا دينارو، زعيم عصابة مافيا كوزا نوسترا و"الأب الروحي الأخير"، أحد أكثر الهاربين المطلوبين للحكومة الإيطالية، فعلى الرغم من ماضيه الدموي، فإن اعتقاله في صباح يوم 16 يناير/كانون الثاني 2023، في باليرمو صقلية جاء دون عنف.

كان ميسينا دينارو يعالج من السرطان في مستشفى لا مادالينا الخاص في باليرمو تحت الاسم المستعار أندريا بونافيد عندما تدخلت الشرطة واحتجزته، صفق السكان المحليون وصافحوا الضباط، حيث تم نقل القاتل المدان البالغ من العمر 60 عاماً في شاحنة سوداء.

يأتي اعتقاله بعد 30 عاماً ويوم واحد من انتهاء البحث عن "رئيس الزعماء" سالفاتور "الوحش" رينا بعد 23 عاماً من الفرار، وحسبما ورد، فإن رينا الذي توفي في عام 2017، قام بتوجيه ميسينا دينارو.

تاريخ ميسينا دينارو الدموي

مهما كان ما يخبئه المستقبل للمافيا الإيطالية، فإن لميسينا دينارو ماضياً عنيفاً جداً، حتى إنه كان يطلق على نفسه لقب "ديابوليك" نسبة إلى سارق كتب هزلية لا يمكن القبض عليه ولا رؤيته.

وعلى الرغم من سنوات الهروب، فقد أدين في غيابه بارتكاب جرائم مروعة، ومن بين تلك الجرائم قتل المدعيَين العامَّين المناهضَين للمافيا جيوفاني فالكون وباولو بورسيلينو عام 1992، والهجمات القاتلة عام 1993 في ميلانو وفلورنسا وروما والتي أسفرت عن مقتل 10 أشخاص، فضلاً عن اختطاف وتعذيب وقتل نجل مافيا يبلغ من العمر 11 عاماً فقط.

علاوة على ذلك، يُعتقد على نطاق واسع أن ميسينا دينارو تفاخر بأفعاله العنيفة، يُزعم أنه قال ذات مرة: "ملأت مقبرة بنفسي".

في عام 2002، حُكم عليه بالسجن المؤبد لتورطه في تفجيرات عام 1993.

أشرف رئيس المافيا أيضاً على عمليات الابتزاز وإلقاء النفايات غير القانوني وغسل الأموال وتهريب المخدرات لنقابة الجريمة المنظمة القوية كوزا نوسترا.

وبحسب ما ذكرته شبكة BBC البريطانية، فقد كان تحت حماية سلفاتوري رينا، زعيم عصابة كورليوني، الذي تم القبض عليه في عام 1993 بعد 23 عاماً من الهروب.

كيف اختفى زعيم الجريمة وهرب من القبض عليه؟

عندما ألقي القبض على سلفاتوري رينا في عام 1993، اختفى ميسينا دينارو في ذلك الصيف بعد قضاء إجازته في إقليم توسكانا الإيطالي.

خلال سنوات الفرار من مكان إلى آخر، كان رئيس المافيا يعيش حياة مريحة نسبياً، ويُقال إنه كان يمارس ألعاب الفيديو ويستمتع بالعديد من الصديقات، وفقاً لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

كما كان معروفاً بأسلوب حياته الفخم وملابسه باهظة الثمن، ويُعتقد أنه تمكن من الحفاظ على طريقة العيش هذه أثناء الاختباء، وفقاً لما ذكره موقع The Standard البريطاني.

فيما أكدت وكالة رويترز أنه قبل أن يختبئ، كان معروفاً بقيادة سيارات باهظة الثمن وذوقه في ارتداء بدلات مصممة بدقة وساعات رولكس.

لكنه كان نشطاً بما يكفي لإثبات أنه لا أسهل من الهرب من الشرطة، ولسنوات عديدة كان رفاقه من رجال العصابات ينبهونه من أي غارات للشرطة وينقلونه من مخبأ إلى مخبأ.

وفي 16 يناير/كانون الثاني 2023، تمكنت الشرطة في صقلية من اعتقاله بعد تلقي المحققين معلومات تفيد بأنه يخضع للعلاج من ورم بعيادة معروفة في باليرمو، وعلى أثرها ألقي القبض على ماتيو ميسينا دينارو (60 عاماً)، عند خروجه من منشأة لا مادالينا الصحية الخاصة في ضواحي مدينة صقلية، حيث كانت القوات الخاصة تراقب المكان منذ أن علمت السلطات بتردده عليه قبل ثلاثة أيام، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.

وكان زعيم المافيا يتلقى العلاج بشكل دوري في المنشأة منذ عام تقريباً تحت اسم أندريا بونافيد، وقال المحققون إنه في نحو الساعة 8:30 صباحاً، ذهب دينارو مرتدياً قبعة من الصوف بيضاء ونظارات ملونة ومعطفاً من جلد الغنم البني، إلى العيادة مع ورقة في يده تحوي فحصاً سلبياً لكوفيد، وهو مطلب إلزامي لمن هم في مثل حالته، ومجموعة من تحاليل الدم.

وحين داهمت الشرطة العيادة لاعتقاله، حاول دينارو الهرب، ولكنه حين أدرك أنه محاصر، لم يبدِ أي مقاومة، وكانت الشرطة قد أغلقت بالفعل جميع منافذ الهروب في العيادة والطرق.

"لا يمكن تعويض دينارو".. الخبراء في الجريمة المنظمة يشككون في قوة المافيا

يُقال إنه "لم يعد هناك رؤساء كبار" لاستبدال أشخاص أمثال رينا وميسينا دينارو، وأنّ المنافسة بين العصابات جعلت الحياة صعبة على العصابات التي تعمل في قلب المافيا الإيطالية التقليدية.

وعلى الرغم من احتفاظ مافيا كوزا نوسترا بالسيطرة على أراضيها، فقد حلت محلها مجموعات مثل عصابة ندرانجيتا التي سيطرت على تجارة المخدرات في إيطاليا وأوروبا.

قال فيديريكو فاريزي، أستاذ علم الإجرام في جامعة أكسفورد، إن حقيقة اعتقال ميسينا دينارو توضح الكثير عن كيفية استمرار عمل مافيا "كوزا نوسترا".

وأضاف وفقاً لما ذكره موقع Sky News: "المافيا ليست عالمية في الحقيقة، عكس ذلك، فهم متجذرون في أراضيهم والهاربون الذين يريدون الحفاظ على نوع من السيطرة والدور في المنظمة يتسكعون في المكان الذي يعملون فيه فقط".

في حين تعتقد آنا سيرجي، الخبيرة في الجريمة المنظمة بجامعة إسيكس البريطانية، أن ميسينا دينارو قد يكون الأخير من نوعه كزعيم للمافيا.

وأضافت: "ميسينا دينارو كان الأب الروحي الأخير، لقد مثل كل أسرار عصابة كوزا نوسترا، إنها نهاية أسطورة وسيتعين على المنظمة التعامل مع هذا".

وتابعت: "إذا أرادت مافيا كوزا نوسترا إعادة بناء القيادة التي كانت عليها في الماضي، فإنها تحتاج إلى توجيهات، لكن لم يعد هناك رؤساء كبار بعد الآن".

وأضافت أنها تتوقع من المجموعة محاولة إعادة بناء العلاقات مع العصابات في الولايات المتحدة.

تحميل المزيد