تضم مدناً كاملة في باطن الأرض! سوليدار وباخموت.. “هدية الملح” الأوكرانية التي تسعى روسيا لإسقاطها

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/11 الساعة 12:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/11 الساعة 12:14 بتوقيت غرينتش
المدن تحت الأرض استقبلت من قبل مباراة كرة قدم وحفلات مسويقية - ShutterStock

بعدما صعّدت القوات الروسية هجماتها بقيادة وحدات ميليشيا فاغنر على مدينة سوليدار قرب باخموت شرق أوكرانيا، بات من المهم معرفة أهمية هذه المدينة التي تُعد متاهة متعرجة من الكهوف ومناجم الملح الممتدة لعشرات الأميال تحت الأرض.

تجتوي المدن تحت الأرض على منحوتات ملحية مزخرفة - ShutterStock
تجتوي المدن تحت الأرض على منحوتات ملحية مزخرفة – ShutterStock

تاريخ منطقة سوليدار وباخموت في أوكرانيا

شهدت سوليدار الواقعة في منطقة دونيتسك، على بعد حوالي 15 كيلومتراً بالتحديد من باخموت، قتالًا عنيفًا منذ غزو روسيا لأوكرانيا العام الماضي في فبراير/شباط. ولكن ماذا يوجد في "مدن باطن الأرض" في باخموت؟ وما الذي تخبئه سوليدار لكي تحظى بتلك الأهمية؟

الأمر ببساطة هو أنه منذ حوالي 250 مليون سنة، كان جزء من أوكرانيا التي نعرفها اليوم، مدفوناً تحت محيط من الماء الضحل. ولكن عندما جف المحيط، ترك وراءه رواسب ضخمة من الملح التي دفنت تحتها بسبب الاضطرابات في قشرة الأرض.

وفيما يعرف اليوم بمنطقة باخموت، يوجد تركيز كبير من هذا الملح تحت مدينة صغيرة تسمى سوليدار، وهي كلمة روسية تعني "هدية الملح".

ولفترة طويلة، اشتهرت هذه المنطقة بالينابيع المالحة الناتجة عن محلول رواسب الملح بواسطة المياه الجوفية. وقد تم استخدام هذا المحلول الملحي لإنتاج الملح منذ القرن السادس عشر ميلادياً.

وبحسب موقع Unknown World للمعرفة، فقد تم طهي المحلول الملحي في أحواض باستخدام حرائق الخشب لتبخير الماء. كانت هذه العملية جشعة للغاية لصنع الثروات من بيع الملح، مما أدى إلى إزالة الغابات على نطاق واسع في المناطق الواقعة جنوب سوليدار.

وبحلول القرن الثامن عشر، تم استبدال الخشب بالفحم في عملية التبخير، لكن حجم إنتاج الملح كان لا يزال منخفضاً نسبياً. ولم يتم اكتشاف رواسب الملح الجوفية في المناجم العميقة إلا في أواخر القرن التاسع عشر، ومن هذه اللحظة بدأت أول عملية تعدين على نطاق صناعي في عام 1881.

ما جعلها منطقة غنية بالموارد الطبيعية ونقطة هامة في الاقتصاد الأوكراني عبر قرون طويلة، حتى أصبحت المدينة أحد أبرز مواقع تصدير الملح لكل المنطقة المجاورة، في شرق أوروبا.

لماذا سميت بالمدينة تحت الأرض؟

أكثر من قرن كامل من التعدين ترك فراغات ضخمة وممرات تربط 300 متر تحت السطح، وهي كبيرة جدًا لدرجة أن إحدى الغرف تم تحويلها إلى قاعة للحفلات الموسيقية.

حتى إنه لاحقاً تم تخصيص مساحات لكي تكون ملعباً لكرة القدم، وكذلك توجد حتى كنيسة تحت الأرض لعمال المناجم ومقاهي للسياح، وقد تم تقويس الجدران بالعديد من المنحوتات والنقوش.

كذلك تم تحويل جزء من الكهف إلى مصحة طبية للعلاج الشعبي؛ إذ يُعتقد أن الهواء البارد والجاف الذي يحتوي على كميات صغيرة من غبار الملح له تأثير علاجي على مرضى الجهاز التنفسي والحساسية والأمراض الجلدية، وفقاً لموقع Amusing planet للمنوعات.

المدن تحت الأرض استقبلت من قبل مباراة كرة قدم وحفلات مسويقية - ShutterStock
المدن تحت الأرض استقبلت من قبل مباراة كرة قدم وحفلات مسويقية – ShutterStock

ماذا في سوليدار وباخموت؟

مثلما قال يفجين بريجوزين، الحليف المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم ميليشيا فاغنر، فإن المناجم في باخموت وسوليدار ستفيد روسيا في الحرب مع أوكرانيا باعتبارها "الكرزة الموجود على الكعكة".

وترجع هذه الأهمية لنظام مناجم سوليدار وباخموت شديد التعقيد الذي يختبيء بأمان في باطن الأرض، وهو في الواقع عبارة عن شبكة من المدن تحت الأرض.

ووفقاً لرويترز التي نقلت عنه، فإن المدينة ليست قادرة فقط على استيعاب مجموعة كبيرة من الأشخاص على عمق 80-100 متر بأمان تحت الأرض، ولكن يمكن أيضًا للدبابات وعربات المشاة القتالية التحرك فيها بأمان من الاستهداف.

وفي ذلك إشارة إلى الشبكة الضخمة من مناجم الملح والموارد الطبيعية الأخرى الممتدة في باطن الأرض، وتمتد على مساحة 125 ميلاً تقريباً من الأنفاق.

مساحات ضخمة ومدن كاملة تحت الأرض

تضم بلدة سوليدار المنجمية غرف وصالات شاسعة تحت الأرض شهدت سابقاً تنظيم مباريات كرة القدم وحفلات موسيقية كلاسيكية.

وأشارت مجلة Newsweek الأمريكية للأخبار إلى أن أوركسترا دونيتسك الفيلهارمونية قد أقامت حفلة موسيقية كلاسيكية بحضور 350 شخصاً دفعة واحدة، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2007.

الأنفاق تحت الأرض شاسعة ويمكنها استقبال مئات الأشخاص - ShutterStock
الأنفاق تحت الأرض شاسعة ويمكنها استقبال مئات الأشخاص – ShutterStock

كذلك فإن منجم ملح سوليدار، المعروف أيضاً باسم منجم ملح أرتيومسول، هو أكبر منتج للملح في وسط وشرق أوروبا. كما أن المدينة تتميز بجدران عالية مشيدة بعناية في باطن الأرض، تضاهي حجم وارتفاع البنايات الشاهقة التي تتكون من تسعة طوابق، علاوة منحوتات من الملح، وكنيسة صغيرة أيضاً، ما يجعلها مدينة كاملة إذا لزم الأمر.

وقد أفاد راديو أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) بأن آبار الملح الضخمة تحت سوليدار تشكلت بعد جفاف بحر قديم في المنطقة.

وفقاً لتصريحات روسية سابقة بحسب ذات المصدر، يُعتقد أيضاً أنه قد تم الاحتفاظ بمخزون كبير من الأسلحة في مجمعات تحت الأرض في باخموت منذ فترة الحرب العالمية الأولى.

تحميل المزيد