لا شك في أنك تعتبر أحد الأشخاص الذين شاهدوا صورة النعيم، التي وضعتها شركة مايكروسوفت، الشركة المختصة في مجال تقنيات الحاسوب، خلفيةً لنظام تشغيل "ويندوز إكس بي"، الذي أطلقته سنة 2001.
فهذه الصورة التي ميزت هذا النظام الجديد أصبحت أكثر صورة مشاهدة في العالم، وذلك بحساب عدد الحواسيب التي تم بيعها، والعاملة بنظام "ويندوز إكس بي".
لكن هل تساءلت يوماً: هل هذه الصورة حقيقية أم أنها مفبركة؟ وما قصتها وكيف تم التقاطها؟ أو حتى دفعك الفضول لمعرفة هذا المكان الذي لم يلتقط أحد صورة له قبل أن يظهر خلفية لحاسوبك.
صدفة التقاط صورة النعيم
تعود قصة التقاط صورة النعيم، (الاسم الذي أُطلق عليها بعد شراء شركة "مايكروسوفت" لها من أجل حملتها الإعلانية)، لسنة 1996، عندما كان المصور الأمريكي تشارلز أورير، الذي كان يعمل لدى ناشيونال جيوغرافيك، في طريقه للقاء صديقته في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وخلال رحلته، كان المصور الأمريكي يحمل معه كاميرته التي لم تكن تفارقه، وذلك لأنه كان ينوي التقاط بعض الصور للمناظر الطبيعية التي سوف تصادفه في الطريق، التي اعتادها في كل مرة أراد زيارة صديقته، خصوصاً أنه كان يعلم أن الجو سيكون صحواً بعد انتهاء عاصفة مطرية في ولاية كاليفورنيا.
وعند مرور تشارلز من الطريق السريع 12، متوجهاً إلى منطقة سوناما، سحره منظر التلال الخضراء، التي كانت عادةً ما تكسوها كروم العنب التي كانت تغطي المنطقة، وكذا منظر السحاب المتحرك في السماء الصافية.
وفي تلك اللحظة، قرر المصور النزول من سيارته، لالتقاط بعض الصور للمكان، فاختار فيلماً للتصوير يستخدم خاصة بين مصوري الطبيعية، وهو "Fujifilm's Velvia"، وذلك لأنه يقوم بتصحيح الألوان، والحصول عليها كما هي في الحقيقة، دون الحاجة إلى تعديلات.
ثاني أغلى صورة في العالم
التقط تشارلز أورير العديد من الصور لتلك التلال الخضراء، ثم أكمل طريقه، ولم يكن يعلم في تلك اللحظات أنه التقط أكثر الصور شهرة، وثاني أغلى صورة في العالم.
وكما اعتاد دائماً، عرض تشارلز الصور التي التقطها في الطريق للبيع، عبر وكالة شهيرة لبيع الصور، وهي الوكالة نفسها التي لجأت إليها شركة مايكروسوفت سنة 2000، لشراء صورة لخلفية شاشة نظامها الذي تستعد لإطلاقه، "ويندوز إكس بي".
وقع اختيار الشركة على صورة المصور تشارلز أورير، وذلك لأنها تعبر عما تريد الشركة إيصاله إلى المتلقي، وهو "الحرية، الاحتمال، الهدوء، الدفء"، من خلال شعار "أنت تقدر".
تواصلت الشركة مع تشارلز لشراء الصورة، والحصول على حقوق ملكيتها بالكامل، وكان هذا يعني أنها لن تكون متوفرة لدى أي وكالة لبيع الصور، لتكون حصرية عليهم فقط.
وهذا ما حصل بالفعل، إذ تم توقيع عقد بيع صورة النعيم في سرية تامة، دون الإفصاح عن تفاصيل العقد، أو حتى المبلغ الذي تم دفعه مقابل هذه الصورة، إلا أن بعض المصادر تقول إن الشركة صرحت فيما بعد بأنها أغلى ثاني صورة في العالم، وذلك بعد صورة "راين 2″، للمصور الألماني أندرياس غورسكي، حيث بيعت بمبلغ 4.3 مليون دولار، سنة 1999.
عناصر جودة صورة النعيم
في أحد تصريحات المصور تشارلز أورير، قال إن الكاميرا التي استعملها في التصوير، وكذلك الفيلم الخاص بصور المناظر الطبيعية كانا السبب في الحصول على هذه الصورة بتلك الجودة.
وأشار كذلك إلى أن مقاس الصورة كان عاملاً كبيراً في جودتها، وذلك لأنه تمكن من خلال الأبعاد التي اختارها، من التقاط حركة السحاب، الذي كان يسير بسرعة، وهو الأمر الذي ظهر في الصورة النهائية، التي تجمع بين الهضاب الخضراء، والسماء الصافية، مع السحب البيضاء، وهو ما أعطها طابع الهدوء والراحة في شكلها النهائي.
لكن على الرغم من أن تشارلز باع الصورة بلا أي تعديلات، فإنه أشار إلى أن الشركة بعد شرائها قصت جزءاً منها، كما جعلت لون العشب أكثر اخضراراً من لونه الحقيقي عند التصوير.
الصورة الأكثر مشاهدة في العالم
وبعد أن استخدمت شركة مايكروسوفت صورة النعيم في الحملة الإعلانية لإطلاق نظام "ويندوز إكس بي"، تم إعلان أن هذه الصورة هي الأكثر مشاهدة في العالم.
حيث بلغ عدد الحواسيب التي بيعت بهذا النظام، إلى حدود سنة 2014، العام الذي أوقفت فيه الشركة هذا النظام، أزيد من مليار نسخة، مما يعني أن الصورة شاهدها أكثر من مليار شخص، على أقل تقدير.
سر مكان التقاط صورة النعيم
ولأن الشركة لم تعلن عن مكان التقاط صورة النعيم، ظل الأمر لغزاً حيَّر العديد من الأشخاص حول العالم، قبل أن يتم الكشف عن مكانها.
توقع البعض أن المكان في فرنسا، وقال آخرون إنه في سويسرا، أو منطقة شمال أوتاجو بنيوزيلندا، فيما قال البعض الآخر إنه مكان شهير في جنوب توبنغن بألمانيا.
وقد اعتقد المستخدمون الهولنديون أن الصورة التُقطت في مقاطعة كيري بأيرلندا، وذلك منذ أن سميت الصورة بـ"أيرلندا" في الإصدار الهولندي للبرنامج.
فيما تمت تسمية الصورة "ألينتيخو" في النسخة البرتغالية، مما دفع المتحدثين بتلك اللغة إلى اعتقاد أنها التُقطت في منطقة ما بالبرتغال.
وبعد سنوات من السرية حول مكان التقاط الصورة، وبالتحديد عام 2006، حاول عدة مصورين تقليد الصورة، وإعادة التقاطها مرة أخرى من المكان نفسه، إلا أن الأمر لم يتكلل بالنجاح، بسبب تغير الظروف المناخية، وغياب العناصر نفسها التي ميزت الصورة الأولى.