يتعرض إنتاج القمح، الذي يوفر 20% من السعرات الحرارية التي يستهلكها الإنسان كل يوم، للخطر بسبب الاحتباس الحراري والجفاف وحرائق الغابات التي يمكن أن تدمر المحاصيل بشكل واسع.
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 8 يناير/كانون الثاني 2023، فإنه يمكن تجنب الأزمة بفضل بحث يجريه باحثون في مركز في بريطانيا لجعل القمح أكثر مقاومة للحرارة والجفاف.
أثبتت هذه الجهود أنها صعبة للغاية، ولكنها من المقرر أن تكون موضوعاً لمجموعة جديدة من التجارب كجزء من مشروع تُزرَع فيه أنواع مختلفة من القمح -أُنشِئت جزئياً بواسطة تقنية تعديل الجينات في التجارب الميدانية في إسبانيا.
إن قدرة هذه الأنواع على تحمل حرارة أيبيريا ستحدد مدى قدرة علماء المحاصيل على حماية المزارع الصالحة للزراعة في المستقبل من أسوأ تقلبات تغير المناخ، وبالتالي تعزيز إنتاج الغذاء لمليارات البشر على الأرض، كما يقول فريق مركز جون إينيس.
لم يكن القمح العامل النباتي الوحيد الذي غذى الثورة الزراعية. لعبت المواد الغذائية الأخرى، مثل الأرز والبطاطس، دوراً في ذلك. لكن القمح يُمنح عموماً الدور الرائد في إطلاق الثورة الزراعية التي خلقت عالمنا الحديث من "الانفجارات السكانية والنخب المدللة"، كما يطرح هراري في كتابه الأكثر مبيعاً في العالم "Sapiens – الإنسان العاقل".
البحث عن الجينوم الرئيسي
يُزرَع نوعان رئيسيان من القمح في المزارع: قمح المعكرونة والقمح الطري. قال البروفيسور غراهام مور، عالم وراثة القمح ومدير مركز جون إينيس إنهما يلعبان دوراً مهماً في النظم الغذائية لنحو 4.5 مليار شخص. وأضاف: "من بين هؤلاء، يعتمد حوالي 2.5 مليار في 89 دولة على القمح في غذائهم اليومي، لذا يمكنك أن ترى مدى الأهمية الحيوية للمحصول بالنسبة للعالم".
وأضاف مور أن المشكلة التي واجهت علماء المحاصيل، الذين كانوا يسعون إلى تحسين مرونة وإنتاجية أصناف القمح، هي تعقيد جينات القمح. البشر لديهم جينوم واحد يحتوي على تعليمات الحمض النووي الخاصة بنا. لكن قمح المعكرونة له جينومان مختلفان عن الأجداد، بينما يحتوي قمح الخبز على ثلاثة جينومات.
كان لهذا التعقيد عواقب مهمة. من أجل التحكم في الجينات والكروموسومات المختلفة، اكتسب القمح جيناً مستقراً يفصل بين الكروموسومات المختلفة في جينوماته المختلفة. وقد ضمن هذا أن هذه الأشكال من القمح لها عوائد عالية. ومع ذلك، فإن الجين يمنع أيضاً أي تبادل للكروموسومات مع الأقارب البرية للقمح، مما يحبط جهود علماء الوراثة الذين يحاولون صنع أصناف جديدة ذات خصائص مفيدة.
قال مور إن الأقارب البرية تتمتع بخصائص مفيدة حقاً -مقاومة الأمراض، وتحمل الملح، والحماية من الحرارة- وهي السمات التي من المُفترض إضافتها لجعل القمح أكثر قوة ويسهل نموه في الظروف القاسية. لكن لا يمكنك فعل ذلك لأن هذا الجين منع استيعاب هذه السمات.
وأضاف أن هذا الجين كان يعرف باسم "الكأس المقدسة" لعلماء وراثة القمح. أثبت القمح -رغم أهميته الحاسمة لتغذية العالم- أنه الأصعب من بين جميع المحاصيل الرئيسية للدراسة بسبب تعقيد الجينوم الخاص به وحجمه. ومن هنا تأتي أهمية البحث للعثور على الجين الذي كان سبب هذه المشكلة.
لقد استغرق الأمر عدة عقود، ولكن العلماء في مركز جون إينيس نجحوا الآن في البحث عن الكأس المقدسة. حددوا الجين الرئيسي، وأطلقوا عليه اسم Zip4.5B وخلقوا نسخة متحولة منه، واحدة تسمح للجين بأداء وظيفته الرئيسية -للسماح لكروموسومات القمح بالاقتران بشكل صحيح والحفاظ على الغلة- ولكنها تفتقر إلى قدرتها على حجب إنشاء متغيرات جديدة بسمات من الأعشاب البرية.