يحتفل محرك البحث "جوجل" بذكرى ميلاد الكاتب والروائي المصري إحسان عبد القدوس، الذي وُلد عام 1919 في القاهرة، ويُعتبر صاحب أكبر عدد من الأعمال التي تحوّلت إلى أفلامٍ ومسلسلات تلفزيونية.
ويُمكن القول إن أدب إحسان عبد القدوس هو بمثابة نقلةٍ نوعية في الرواية العربية، لا سيما أنه نجح في الخروج من المحلية نحو آفاقٍ عالمية، وتُرجمت معظم رواياته إلى لغاتٍ أجنبية عدة، منها الإنجليزية والصينية والألمانية والأوكرانية، وغيرها.
ولعلّ أبرز ما يميّز عبد القدوس، إلى جانب أدبه وأسلوبه، أنه كان صاحب إنتاجٍ غزيرٍ؛ فقد أصدر أكثر من 600 قصة ورواية على مدى حياته، وهو رقمٌ كبير بالنسبة لروائي وكاتب.
فمَن هو إحسان عبد القدوس؟
وُلد في يناير/كانون الثاني 1919 لعائلةٍ من الأثرياء ذات الأصول الشركسية، فجدّه لوالده هو الشيخ أحمد رضوان من علماء الأزهر، ورئيس كتاب بالمحاكم الشرعية. كما تربى وسط أجواءٍ فنية وأدبية بامتياز، بين والده الممثل والمؤلف محمد عبد القدوس، ووالدته فاطمة اليوسف، مؤسّسة مجلة "روز اليوسف".
تطلق والدا إحسان عبد القدوس قبل ولادته بشهرين، ورضيت روز اليوسف أن يتربى في بيت جدّه الملتزم والمتمسك بالعادات والتقاليد القديمة في العباسية، قبل أن يعود ليعيش معها في شقتها بشارع "عماد الدين"، عندما وصل إلى الثامنة عشرة من عمره.
تخرّج إحسان عبد القدوس في كلية الحقوق عام 1942، لكن مهنة المحاماة لم تستهوِه، فتركها متجهاً إلى الكتابة الصحفية. وفي العام 1945 تولى رئاسة تحرير مجلة "روز اليوسف"، حين كان عمره 26 عاماً فقط.
في تلك الفترة، جمعته قصة حبٍّ كبيرة مع لواحظ عبد المجيد المهيلمي، المعروفة بـ"لولا"، خلال بداية أربعينيات القرن الماضي، وقد تُوّجت بالزواج يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1942.
ربطتهما قصة حبٍّ قوية، بقيت متماسكة حتى الرمق الأخير، حتى أن للأديب الراحل مقولة شهيرة عن الزواج كان يرددها دائماً: "ليس هناك زوجة جميلة وزوجة غير جميلة، ولا زوجة ذكية وزوجة غبية. هناك زوجة يحبها زوجها، وزوجة لا يحبها زوجها".
ترك إحسان عبد القدوس مجلة "روز اليوسف" في العام 1966 ليتولى رئاسة تحرير جريدة "أخبار اليوم" حتى العام 1968، قبل أن يستلم رئاسة مجلس إدارتها في الفترة ما بين 1971 إلى 1974، إلى جانب رئاسة التحرير.
كانت لعبد القدوس مقالات سياسية هزّت الشارع المصري، أشهرها قضية الأسلحة الفاسدة التي فجّرها في "روز اليوسف" يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 1950، وبسببها تعرّض لعدة محاولات اغتيال.
وقد كان لتفجير هذه القضية، إعلامياً، دورٌ بارز بخدمة حركة الضباط الأحرار في الجيش، بزعامة جمال عبد الناصر، الذين أطاحوا بالملك فاروق بعدها بسنتين، في 23 يوليو/تموز 1952.
كما سُجن بعد ثورة 1952 مرتين في السجن الحربي، وذلك بسبب مقالٍ نشره في مجلة "روز اليوسف" بعنوان "الجمعية السرية التي تحكم مصر"، هاجم فيه مجلس قيادة الثورة.
روايات إحسان عبد القدوس
اشتُهر إحسان عبد القدوس بنشاطه الأدبي، فكتب أكثر من 600 عمل أدبي بين رواية وقصة، واشتُهر بجرأته ودخوله مناطق محظورة وجديدة أدبياً، مثل الحديث عن علاقات الحب والغرام.
49 من أعماله تحوّلت إلى أفلامٍ سينمائية، أشهرها: "النظارة السوداء"، و"أنا حرة"، و"لا تطفئ الشمس"؛ كما تحوّلت 5 روايات إلى نصوصٍ مسرحية، أشهرها "شيء في صدري"، و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية، منها: "وادي الغلابة"، و"أرجوك خذني من هذا البرميل".
إضافةً إلى ذلك، فإن 10 روايات أخرى تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية، أشهرها: "لن أعيش في جلباب أبي" (الذي جمع نور الشريف وعبلة كامل)، و"رائحة الورد"، و"زهرة والمجهول".
حصل إحسان عبد القدوس على مجموعة كبيرة من الجوائز، كما كانت له تكريمات عدة، منها: وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، والذي منحه إياه الرئيس جمال عبد الناصر، كما منحه حسني مبارك وسام الجمهورية. بالإضافة إلى ذلك، فقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989، والتي تقدّمها وزارة الثقافة المصرية.
وكان له دورٌ بارز في صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الأفلام التي اقتُبست من رواياته، بل من خلال مشاركته في كتابة سيناريو وحوار العديد من الأفلام السينمائية.
16 مخرجاً قدّموا أعمال إحسان عبد القدوس في السينما المصرية، كان النصيب الأكبر منها للمخرجَين حسين كمال وصلاح أبو سيف. فقد أخرجَ كمال 9 أفلام مقتبَسة من روايات إحسان عبد القدوس، أشهرها: "أبي فوق الشجرة"، و"إمبراطورية ميم"، و"أنف وثلاث عيون".
أما بالنسبة إلى صلاح أبو سيف، الذي اشتُهر بتقديم أعمالٍ مقتبَسة عن روايات نجيب محفوظ، فقد أخرجَ لعبد القدوس مجموعة أفلام، أشهرها: "الوسادة الخالية" عام 1957، في أول تعاون مع عبد الحليم حافظ وأول ظهور للبنى عبد العزيز، و"لا أنام"، و"الطريق المسدود". والمفارقة أن نجيب محفوظ هو من كتب سيناريو فيلم "الطريق المسدود"، ونجاح الثلاثي أبو سيف وإحسان ومحفوظ أغراهم لتقديم رواية "أنا حرة" في مطلع العام 1959.