في كل عام يُسهم الباحثون من جميع أنحاء العالم في تراكم المعرفة التي وصلت إليها العلوم البشرية، فعلماء الحفريات وعلماء الآثار يتوصلون إلى اكتشافات علمية متعلقة بآثار الماضي، ويكشفون عن النظم البيئية والحضارات المفقودة مع مرور الوقت.
بينما يسعى علماء الفلك إلى شرح ألغاز العوالم الأخرى، ويكشف علماء الأحياء وعلماء الأرض بدورهم عن طريقة عمل كوكبنا والحياة التي كانت وما زالت تسري فوقه.
كما يدرس الباحثون الطبيون تعقيدات جسم الإنسان والأمراض التي تهدده، ويطورون أدوات جديدة لحماية جنسنا البشري. فيما يلي بعض من أبرز الاكتشافات لهذا العام، وفقاً لأبرز وأهم المجلات والمواقع العلمية المتخصصة.
غابة مطيرة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ
في يناير/كانون الثاني عام 2022، كشف الباحثون عن موقع جديد في جنوب شرق أستراليا، حيث تحتوي الصخور على سجل مذهل للحياة التي كانت يوماً غابة مطيرة قديمة.
وتعود الحفريات الجديدة تحديداً إلى ما بين 11 مليون و16 مليون سنة مضت، وهي تمثل بعض النظم البيئية الوحيدة المعروفة للغابات المطيرة.
وفي المحتوى المكتشف حديثاً، يتضح في الأحفوريات المخلوقات الصغيرة ذات الأجسام الرخوة بتفاصيل غير عادية، بما في ذلك العناكب المتحجرة، وصولاً إلى شعر أرجلها والأسماك ذات البطون المليئة بالبراغش والتجاعيد الغريبة.
يمكن للباحثين حتى رؤية المسام في الأوراق المتحجرة التي كانت تحتوي على ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب مجلة Science العلمية، يقول ماثيو ماكوري، عالم الحفريات في معهد أبحاث المتاحف الأسترالية في سيدني: "نظراً لدرجة الحفظ العالية للكائنات الحية، يمكننا أن نرى في هذه النظم البيئية الكثير مما لم يسبق لنا معرفته من قبل عن كوكبنا، وكيف كانت الحياة عليه منذ ملايين السنين".
البحيرات الجافة على سطح المريخ
واصل أحدث مسبار لاستكشاف المريخ، التابع لوكالة ناسا الأمريكية، البحث عن علامات تشير لوجود الحياة القديمة على الكوكب الأحمر.
وهذا العام تم العمل على منطقة تسمى "فوهة جيزيرو"، وهو حوض يبلغ عرضه 28 ميلاً كان من المحتمل أنه كان بحيرة قديمة مليئة بالمياه.
حيث رصدت العربة الجوالة بعض الميزات المدهشة أثناء سيرها عبر أرضية الحوض، مثل الطلاءات الأرجوانية الرقيقة على بعض الصخور التي تذكرنا بنوع من الورنيش الصخري الذي تشكله الميكروبات على الأرض عندما تتعرض لدرجات معينة من الرطوبة.
كما أحرز المسبار تقدماً ثابتاً في مجاميع من الصخور، وجمع 14 عينة سيتم تخزينها مؤقتاً على سطح المريخ لمهمة مستقبلية لجمعها وتحليلها، لمعرفة ما إن كانت هناك أي صور من أشكال الحياة على الكوكب قبل ملايين السنين.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2022، شرعت العربة الجوالة في الاستكشاف الذي طال انتظاره لدلتا نهر قديم، على حافة الحوض الجاف للمريخ.
اكتشافات علمية حول تشغيل أعضاء الجسم الميت!
في أول دراسة طبية من نوعها، حافظ العلماء في جامعة ييل على وظيفة أعضاء الخنزير، بما في ذلك الدماغ والقلب والكبد والكلى، وذلك بعد ساعة كاملة من نفوق الحيوان.
يمكن أن يساعد البحث يوماً ما في تمديد صلاحية الأعضاء البشرية المخصصة لعمليات الزرع المنقذة للحياة، التي يتبرع بها الشخص قبل وفاته، والتي يتم التخلص من الآلاف منها سنوياً، لأنه لا يتم حفظها على الفور بالطريقة الفعالة.
إذ عادةً يجب نزع الأعضاء مباشرة بعد توقف القلب عن ضخ الدم حتى تكون قابلة للحياة، وهو ما لا يحدث إلا في حالات محدودة للوفاة مثل الموت السريري في المستشفيات المتخصصة.
لكن الجديد هذا العام هو أن محلول الياقوت الأزرق المسمى OrganEx الذي طوره عالم الأعصاب نيناد سيستان وفريقه سمح لهم باستعادة وظائف الأعضاء الأساسية، بعد أن تلقت الأنسجة دماً جديداً مرة أخرى.
حيث تسبب الباحثون في سكتة قلبية للخنازير، وتركوا الجثث في درجة حرارة الغرفة لمدة ساعة قبل حقن دمائهم بـOrganEx، الذي يحتوي على أحماض أمينية وفيتامينات ومستقلبات و13 مركباً إضافياً.
وباستخدام آلة قاموا بتوزيع المزيج لمدة 6 ساعات في أعضاء الحيوان النافق، ولاحظوا علامات الانتعاش في الأعضاء المحتضرة، إلى أن بدأت خلايا القلب في النبض، وامتصت خلايا الكبد الجلوكوز من الدم، واستؤنف إصلاح الحمض النووي كما لو كان الحيوان حيّاً وبصحة جيدة.
مع ذلك، يتساءل الخبراء إلى أي مدى ستعمل تلك الأعضاء المُعاد إحياؤها بكفاءة، ما سيتطلب المزيد من الدراسات مستقبلاً مثل زرع الأعضاء المعالجة في خنازير حية لمعرفة مدى نجاح الفكرة.
منظار غير مسبوق يكشف ملامح الكون بدقة عالية
أمضى تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا، وهو أداة الأشعة تحت الحمراء العملاقة الممتدة على بعد مليون ميل من الأرض، نصف عام من سنة 2022 بالكامل، في الاستعداد لالتقاط صوره الأولى.
وبحلول يوليو/تموز، تم تقديم هذه الصور أخيراً، وكشفت عن رؤية تفصيلية غير مسبوقة للكون بدقة عالية.
وكانت إحدى الصور للمجرات البعيدة التي تضخمت بفعل جاذبية المجرات الأخرى، والتي تمثل "أعمق منظر للكون على الإطلاق". كما تشمل الصور الأخرى منظراً مبدعاً لسديم كارينا، وصورة مذهلة لحلقات نبتون.
ويعمل التلسكوب الآن بنشاط في توثيق قائمة طويلة من الأمور المخطط لها، مثل أقدم المجرات أو أجواء الكواكب البعيدة.
جسم الإنسان اليوم بات مليئاً بالبلاستيك!
تم العثور على شظايا بلاستيكية دقيقة على ارتفاعات مثل جبل إيفرست وفي أعماق المحيط، والآن، ولأول مرة، عُثر على البلاستيك داخل دم ورئتي الإنسان.
ففي عينات الدم المتبرع بها، وجد الباحثون "بلاستيك نانوي"، أي يبلغ حجمه أقل من ميكرومتر واحد، والذي صار بالإمكان استنشاقه أو أكله.
كما عثروا على ألياف بلاستيكية يصل طولها إلى 2 ملم في رئتي المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية. ولا يزال من غير الواضح كيف، أو حتى ما إذا كانت هذه القطع البلاستيكية يمكن أن تضر بصحتنا – ولكن يقول عالم السموم البيئية ديك فيتاك، بحسب مجلة National Geographic العلمية، إنه "لا ينبغي أن يكون البلاستيك في الدم، وهو أمر يجب أن نشعر بالقلق منه".