عام 1921 دخل الأستاذ السويسري "بول ديناخ" في غيبوبة استمرت عاماً كاملاً. خلال ذلك العام، سافر وعيه إلى المستقبل، واستيقظ في العام 3906، وعاد بعدها ليدون ما شاهده في المستقبل في مذكراته، وعلى الرغم من أن هذا يبدو مستحيلاً وضرباً من الخيال، إلا أن مذكرات "ديناخ" قد تم أخذها على محمل الجد من قبل المحفل الماسوني في اليونان، ولم يتم تداولها أو نشرها للعامة سوى بعد 50 عاماً، وإليك مستقبل البشرية، بحسب رجل دخل في غيبوبة واستيقظ في المستقبل.
"بول ديناخ" أصابه وباء النوم الغامض
كان "بول ديناخ" أستاذاً للغتين الألمانية والفرنسية في سويسرا، وفي عام 1917، انتشر في أوربا وباء "مرض النوم" الغامض، وحتى عام 1927، أصاب الوباء ما بين 5 ملايين و10 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم.
عانى المصابون بهذا المرض من نوبات النعاس المفرط، واضطرابات حركية في العين، والحمى، واضطرابات الحركة، وكانت تظهر نوبات يومية، وحتى متباعدة بساعات، وفي كثير من الحالات كانوا يدخلون في غيبوبة ويتحولون لتماثيل حية. ولا يستيقظون من تلك الحالة حتى الموت.
عام 1921 أصيب بول ديناخ بهذا المرض، وكانت النوبات تسبب له النوم لأيام وساعات أحياناً، وحتى تلك اللحظة لم يكن بول مهتماً بالتأليف أو الكتابة، ولم يُعرف عنه أي ادعاءات غريبة.
تضاعفت نوبات المرض على بول ديناخ، ودخل في غيبوبة لعدة أيام، وتم وضعه تحت المراقبة، في مستشفى زيورخ، تحولت الأيام لأشهر، والأشهر أصبحت عاماً كاملاً، قضاه ديناخ في غيبوبة.
لحسن الحظ استيقظ بول فجأة عام 1922، وكان يبدو عليه التشتت والذهول، وعانى من بعض الأعراض التي تصيب الناجين من هذا المرض.
في سن السادسة والثلاثين، ومع مشاكله الصحية بعد التعافي من الغيبوبة، انتقل ديناخ إلى اليونان في خريف عام 1922، لأن المناخ المعتدل سيحسن بالتأكيد نوعية حياته، وانتهز الفرصة لممارسة مهنته وتعليم اللغة الألمانية في إحدى الجامعات.
وهناك أصبح مقرباً من أحد طلابه اليونانيين، "جورجيوس باباتشاتزيس"، وفي عام 1924 أصيب بول ديناخ بمرض السل، ومع علمه أنه لم يتبق له الكثير من الوقت بسبب صحته الهشة، عكف ديناخ على كتابة مذكراته.
ولأنه كان بدون أصدقاء مقربين أو أقارب، سلم مذكراته إلى تلميذه المفضل، وكانت وصية ديناخ الوحيدة، هي عدم مشاركة المعلومات داخل المذكرات أو محتوياتها مع أي شخص آخر، خوفاً من وصفه بالجنون.
مذكرات بول ديناخ في المحفل الماسوني
توفي بول ديناخ، وأصبح جورجيوس باباتشاتزيس، فيما بعد أستاذ القانون الإداري البارز، ورئيس جامعة بانتيون للعلوم الاجتماعية والسياسية، ونائب رئيس مجلس الدولة في اليونان. وعضواً في المحفل الماسوني اليوناني.
قرأ جورجيوس مذكرات أستاذه، ليكتشف أنها تتحدث عن السفر عبر الزمن، وأنه يدعي أنه طوال فترة غيبوبته، كان واعياً ويعيش حياة طبيعية، ولكن ليس في زمنه أو جسده وإنما في المستقبل. مع وصف تفصيلي ودقيق للعالم في ذلك الزمن.
طوال 50 عاماً لاحقة، لم يعرض جورجيوس تلك المذكرات إلا على أعضاء المحفل الماسوني، لكنه في عام 1972، نشر صفحات فقط من يوميات بول ديناخ، فتعرض جورجيوس للهجوم على الفور، ثم فقد وظيفته، واتهمته الكنيسة بالزندقة، وسرعان ما اختفت نسخ الكتاب.
جرت محاولة أخرى للنشر في عام 1979، ومنها انتشر الكتاب بـ800 صفحة. بعنوان "Chronicles From The Future: The amazing story of Paul Amadeus Dienach" وفيه القصة الكاملة لحياة بول ديناخ والسفر عبر الزمن إلى المستقبل.
السفر عبر الزمن وحياة البشر في العام 3906
جاء في مذكرات بول ديناخ أنه عندما دخل في غيبوبة، استيقظ ليجد نفسه في المستشفى، ولكن ليس المستشفى الذي كان فيه في العام 1921، إنما في مستشفى غريب، بطريقة بناء مختلفة لم يشاهدها من قبل، وبمجرد استيقاظه هرع إليه طاقم المستشفى، والذين كانوا يتحدثون لغة غريبة لم يستطع فهمها، ويرتدون ملابس غريبة.
بعد عدة محاولات، تحدث معه أحد الممرضين بلغة ألمانية ضعيفة، وشرح له أنه حالياً في العام 3906، وأنه يعاني من وضع طبي خاص يطلق عليه "الانزلاق الواعي".
وهي أن ينتقل وعي شخص ما من الماضي إلى جسد شخص آخر في المستقبل. وأن تلك الحالة رغم ندرة حدوثها، لكنها معروفة في المستقبل.
وأنه الآن في جسد رجل آخر، يدعى "أندرياس نورثام"، والذي كان في المستشفى بعد تعرضه لحادث، وقع جراء اصطدام ما وصفه ديناخ بـ"سيارات المستقبل الطائرة".
في البداية، لم يصدق بول ديناخ الأمر، لكنه شعر بالصدمة حين نظر في المرآة، وشاهد وجه رجل آخر بدل وجهه.
بعدها بدأ يستمع للطاقم وهم يقصون عليه الأحداث التي وقعت بين القرنين الـ21 والـ39. لكنهم لم يخبروه القصة الدقيقة لكل الأحداث، في حالة عودة وعيه إلى جسده الأصلي وعصره، لأنه وبحسب قولهم، سيكون من الخطر إخباره بمستقبله القريب ومستقبل عصره، لأنه قد يغير مسار التاريخ.
أخبر الطاقم الطبي بول ديناخ أن أسوأ فترة مرت على البشرية، كانت الفترة من عام 2000 لغاية 2300، عانت البشرية مع مشاكل الاكتظاظ السكاني، وتدمير البيئة، وعدم المساواة الاقتصادية، والانهيار الاقتصادي، والمجاعات، والحروب الأهلية.
وعاش البشر خلال تلك الفترة، من أجل التطور المادي، دون وقت للبحث عن الذات، والتطور الروحي.
في عام 2204، تم إنشاء مستعمرة كبيرة على كوكب المريخ، بلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة. لكن في عام 2265، حدثت كارثة طبيعية مدمرة على المريخ، قضت على كل البشر هناك، ولم تحاول البشرية مرة أخرى استعمار المريخ أبداً.
العام 2309، حدثت كارثة كبيرة أخرى على كوكب الأرض، وهي الحرب العالمية الكبرى. وبسببها اختفى جزء كبير من الحضارة البشرية، ودُمر معظم قارة أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولم يتبقّ من البشر سوى مليار إنسان.
العام 2396، أدت تلك الحرب لظهور حكومة عالمية موحدة تحكم الكوكب، وكانت تلك الحكومة، ديكتاتورية شمولية، ونشبت عدة ثورات لقرون عديدة. واستمر "عصر الظلام"، لما يقرب من ألف عام.
العام 3382 حدثت ظاهرة غريبة لدى البشرية. اكتسب الناس واحداً تلو الآخر فجأة قدرة دماغية، تمكنهم من تحصيل علوم كثيرة من عوالم مختلفة.
العام 3400، يظهر "العصر الذهبي" الجديد للبشرية، ويتولى الحُكم في الحكومة العالمية، شخصيات تجمع في نفس الوقت صفات وقدرات الفيلسوف والفنان والعالم والصوفي. ويشهد الكوكب الازدهار أخيراً.
أصبح كل شيء في المجتمع مجانياً، الملابس، والمنزل، والطعام، والنقل. ويعمل البشر لمدة عامين فقط في حياتهم كلها. المال كما نعرفه لم يعد موجوداً.. تمت إعادة توزيع موارد الكواكب وهي الآن كافية لكل شخص. تم حل مشكلة الاكتظاظ السكاني والمناخ والتغذية والمشاكل البيئية.
لغاية اليوم هناك الكثير من المشككين في حقيقة ما كتبه ديناخ، معتبرين مذكراته مجرد أفكار شخص ربما شاهد حلماً غريباً أو لم يشاهده من الأصل، وأن تلك الأفكار والتخيلات هي وليدة عصره، فمثلاً فكرة حرب عالمية مدمرة ربما استلهمها من الحرب العالمية الأولى، التي انتهت 1918، أي قبل 3 سنوات من دخوله الغيبوبة.
وفكرة الحكومة العالمية ربما استلهمها من فكرة عصبة الأمم، التي عقدت أولى جلساتها 1920 أي قبل عام واحد من دخوله الغيبوبة.
بينما يعتقد البعض أنه مر بتجربة السفر عبر الزمن، وشاهد المستقبل فعلاً، وأنها ليست مجرد قصة خيالية مفبركة.