في مباريات إنجلترا، خلال دور الـ16 بكأس العالم لكرة القدم 2022 في دولة قطر، تم منع المشجعين الإنجليز من ارتداء زي الصليبيين وحضور المباراة به لتشجيع منتخبهم، وذلك لتجنب إثارة غضب المسلمين الموجودين في المباريات، وعبر وسائل الإعلام التي تغطي الحدث المهم.
وغالباً ما يحضر المشجعون مباريات إنجلترا وهم يرتدون زي القديس جورج المعروف، وهو رجل الدين الراعي الذي يُصوَّر عادةً على أنه فارس يمتطي صهوة حصان في الرسوم التعبيرية التي ترمز للمملكة أو التاريخ الإنجليزي.
الملابس الصليبية وتاريخها المسيء للعرب
ترمز الأزياء الصليبية بكافة أشكالها لماضٍ مسيء للعرب والمسلمين، حيث دارت أشهر الحروب الصليبية بين عامي 1095 و1291، عندما قاتلت الجيوش المسيحية في الشرق للاستيلاء على القدس والمنطقة المحيطة بها من الحكم الإسلامي.
وقد حذر متحدث باسم منظمة Kick It Out، المناهضة للعنصرية، جماهير إنجلترا من "ارتداء أزياء الصليبيين في نهائيات كأس العالم، التي لن تكون موضع ترحيب في قطر والدول الإسلامية الأخرى".
تاريخ عَلم القديس جورج المستخدم بإنجلترا
عَلم القديس جورج هو علم إنجلترا المشتق من صليب القديس جورج، الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى. ويتكون العلم من صليب باللون الأحمر على خلفية بيضاء، ويتم استخدامه كعنصر في تصميم علم الاتحاد بالمملكة المتحدة منذ عام 1606.
وفي الآونة الأخيرة تستخدم العديد من الأحداث الرياضية العَلم كرمز وطني لتشجيع المنتخبات الإنجليزية.
ولكن من أين نشأ علم القديس جورج؟
في الحملة الصليبية للملك هنري الثاني ملك إنجلترا، وفيليب الثاني ملك فرنسا، عام 1188، تم تحديد الصليبين الأحمر والأبيض للقوات الإنجليزية والفرنسية.
وأصبح اللون الأحمر والأبيض رمزاً معترفاً به للصليبيين من بريطانيا، كما فعلت الحملة على مدينة القدس. ففي القرن الثالث عشر، بدأ العديد من قادة الأنظمة السياسية الذين أرادوا ربط أنفسهم بالحملات الصليبية في استخدامه كشعار رسمي مُعتمد ومعروف.
ويدّعي التقليد أن ريتشارد قلب الأسد كان أول من تبنى استخدام العلم والقديس الراعي جورج في جنوة خلال حملته الصليبية.
ومن المثير للاهتمام أنه يمكن تتبع هذه الفكرة إلى العصر الفيكتوري، على أنها "اعتقاد مشترك" ما زال يتم استخدامه حتى اليوم. ومع ذلك لا يمكن تأكيد بداية استخدام هذا العلم الأيقوني بالتحديد.
استخدام علم القديس جورج اليوم
وفي يومنا هذا يتم استخدام عَلَم القديس جورج على نطاق واسع في مناسبات عديدة، إذ غالباً ما ترفع كنائس إنجلترا علم القديس جورج، وخلال المناسبات الرسمية في المملكة المتحدة منذ بدايات القرن العشرين.
كذلك تستخدم الأحداث الرياضية في جميع أنحاء العالم العلم كشعار رسمي لإنجلترا، فهو الشعار الوطني الإنجليزي في الأحداث الرياضية، بما في ذلك كأس العالم لكرة القدم والكريكيت وغيرها.
كما تم استخدام العلم في احتفالات عيد ميلاد الملكة السابقة إليزابيث الثانية، وعُلق على قلعة وندسور، وطارت أعلام صليب القديس جورج على رؤوس الخيول الملكية إلى جانب أعلام أيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز، للإشارة إلى كافة أراضي بريطانيا العظمى.
أسطورة القديس جورج هازم التنانين!
وبشكل دقيق، وُلد القديس جورج وفقاً لموقع English Heritage للتاريخ الإنجليزي، حوالي عام 280، فيما يُعرف الآن بتركيا. وقد كان جندياً عسكرياً وترقَّى في صفوف الجيش الروماني، إلى أن انتهى به المطاف في مركز رفيع، بعدما أصبح في النهاية حارساً شخصياً للإمبراطور دقلديانوس.
وبعد سقوط الأخير تم إعدام القديس جورج، في 23 أبريل/نيسان عام 303، ودُفن في اللد في الأراضي الفلسطينية.
وبحسب الأسطورة التي يرجع لها سبب تقديس الحارس الراعي، فإنه تمكّن من قتل تنين كان يحرس البئر الوحيدة في بلدة سيلين. وللحصول على الماء كان على سكان المدينة تقديم ذبيحة بشرية كل يوم لهذا التنين.
ثم ذات يوم اختاروا أميرة لتُقتل كقربان للتنين، لكي يتمكنوا من الرعي والشرب، فجاء القديس جورج، فارس الحروب الصليبية القديمة إلى المدينة على حصانه الأبيض، ثم ترجّل وسحب سيفه وقتل التنين، وأنقذ حياة الأميرة.
وفي بريطانيا اليوم، يُمثل القديس جورج "الشهيد المسيحي العظيم"، الفروسية الإنجليزية التقليدية التي تُلهم الرجال على الإقدام والشجاعة، كما تم ربطه بالعديد من ميداليات البطولة والتكريم في تاريخ بريطانيا.
على سبيل المثال، ابتكر الملك جورج السادس صليباً باسم "القديس جورج" خلال الحرب العالمية الثانية، والذي أصبح آنذاك أعلى جائزة يمكن أن يحصل عليها المدني عند تقديم أعمال بطولية كبيرة.
في 23 أبريل/نيسان من كل عام، تحتفل الكنائس والمدن المسيحية الغربية بعيد القديس جورج، وهو عيد ديني أقره لأول مرة مجلس أكسفورد الكنسي بإنجلترا عام 1222.
وفي وقت لاحق، عام 1348، أصبح القديس جورج شفيعاً ورمزاً رسمياً للمسيحية في إنجلترا، ثم في العام 1415، أعلنت إنجلترا هذا اليوم عيداً وطنياً وعطلة رسمية، بحسب موقع FlagPoles التاريخي.
هذا التقليد لم يدُم سوى بضعة قرون، فبعد اتحاد اسكتلندا مع المملكة في نهاية القرن الثامن عشر تضاءل التقليد، وخفتت شعائر تقديس الرجل، ثم لم تعد هناك عطلة وطنية في هذا اليوم.