تسعى السلطات في الهند لإدراج مادة إجبارية لتعليم الأطفال "الشطرنج"، بعد ضجة كبيرة أُثيرت هذا العام، بسبب المراهق المعجزة، البالغ من العمر 17 عاماً، راميشبابو براجناناندا، بعد فوزه مرتين على ماغنوس كارلسن، بطل العالم النرويجي في لعبة الشطرنج.
صحيفة The Times البريطانية قالت إنه سيُطلَب من 10 ملايين طفل في 60 ألف مدرسة حكومية في ولاية راجستان الهندية الجلوس على ألواح الشطرنج للتعلم، وأضافت أنه سيُدرّس الشطرنج باعتباره مادة إلزامية مرة واحدة في الشهر، ضمن محاولة لجعل الهند قوة عالمية في اللعبة التي قدمتها للعالم في القرن السادس.
يقود الحملة أمين اتحاد الشطرنج لعموم الهند، بهارات سينغ تشوهان، وهو مقتنع بأنَّ اللعبة تبني الشخصية، والأهم من ذلك أنها تبقي الأطفال بعيداً عن الشاشات. وأضاف تشوهان: "سيساعد ذلك في إبعادهم عن هواتفهم، وأجهزة آيباد، والأدوات الرقمية، والمخدرات، والله أعلم ماذا أيضاً. وهو مصدر بهجة أيضاً لمدى الحياة"، مضيفاً أنَّ الشطرنج يمكن أن يحسّن قدرات حل المشكلات، ويساعد الضعفاء في الرياضيات والفيزياء؛ لأنه "يساعد على التفكير".
جعلت 4 من ولايات الهند الـ28 لعبة الشطرنج مادة إلزامية، ويريد تشوهان أن تحذو الولايات الأخرى حذوها. وأيّد رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، هذا المخطط لكن السياسة التعليمية تضعها حكومات الولايات. وقال وزير التعليم في ولاية راجستان، بي دي كالا: "سوف يمنح هذا الأطفال فرصة لزيادة التركيز والذاكرة والانضباط والتأمل الذاتي".
يشار إلى أن الهند التي تضم 73 من كبار الأساتذة المُصنّفين دولياً، استضافت أولمبياد الشطرنج الدولي لأول مرة في يوليو/تموز، وقال شوهان إنَّ المعلمين سيستمتعون أيضاً بتعلم الشطرنج. وأضاف: "لا تنس أنَّ الشطرنج لعبة عالمية. بعض المعلمين الذين دربناهم يواصلون التدريس بشكل خاص أو عبر الإنترنت لطلاب في جنوب إفريقيا أو الولايات المتحدة. إنها وسيلة لهم لكسب أموال إضافية".
ويُدرّس الشطرنج على نطاق واسع في المدارس في روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة. ويُعتقَد أنَّ أرمينيا هي الدولة الأولى التي جعلتها مادة إلزامية في جميع مدارس الدولة عام 2012. وقال تشوهان: "مرة واحدة في الشهر هي بداية رائعة. فلنرَ إلى أين يأخذنا ذلك".
فيما تشير الأبحاث إلى أنَّ لعب الشطرنج يمكن أن يعزز القدرة العقلية؛ فقد وجدت دراسة أُجرِيَت عام 2011 على تلاميذ المدارس الابتدائية الأمريكية أنَّ أولئك الذين تعلموا اللعبة حسّنوا من نتائج اختبارات القراءة وأدائهم. ووجدت دراسة أجراها أستاذ الشطرنج، البروفيسور بيتر دوفيرني، أنَّ اللعب بانتظام يمكن أن يعزز درجات معدل الذكاء ومهارات حل المشكلات. كما وجدت دراسة أمريكية عام 2006 أنَّ كبار السن الذين لعبوا اللعبة انخفضت مخاطر إصابتهم بمرض ألزهايمر بمقدار النصف، مقارنة بمن لم يفعلوا ذلك، ويقول روبرت سابولسكي، من جامعة ستانفورد، أنَّ الشطرنج يحسّن الصحة ويحرق السعرات الحرارية.
ويعلم الشطرنج حل المشكلات. ففي الواقع، هذه اللعبة هي في الأساس تمرين في حل المشكلات؛ وتتطلب في بعض الأحيان تركيزاً مكثفاً للحساب بدقة، لكن في حالات أخرى يلزم اتباع نهج أقل قوة.
كما يعلم الشطرنج أيضاً كيفية التعلم والدراسة وتقدير الجمال. ويُقارَن عباقرة الشطرنج الكلاسيكيون بأصحاب الأعمال الفنية العظيمة. ربما يكون هذا خيالياً بعض الشيء، لكن يمكنهم بالتأكيد خلق نفس النوع من الرهبة مثل مراوغة مارادونا، أو الضربة الأمامية لروجر فيدرير.