في الفترة ما بين 1977 و1982، كان هناك ما لا يقل عن 51 حالة وفاة مفاجئة وغير مفهومة السبب في الولايات المتحدة، وهو رقم قد يبدو عادياً خلال هذه المدة، لكن الأمر لم يكن اعتيادياً بالمرة، فهؤلاء الأشخاص كانوا جميعاً من اللاجئين من جنوب شرق آسيا.
وكان أغلبهم بمتوسط عمر يصل إلى 33 عاماً، ويتمتعون جميعاً بصحة جيدة، وحدثت جميع حالات الموت أثناء النوم، وفي الليل. وأكدت مراجعات تحقيقات الطب الشرعي حينها عدم وجود نتائج مرضية أو سُمّية.
فأُطلق على تلك الحالة، "متلازمة الموت الآسيوي" أو "متلازمة الموت المفاجئ"، وبينما حاول الأطباء دراسة هذه الحالة وإيجاد تفسير لها، قدم البعض معتقدات خرافية يؤمن بها بعض شعوب جنوب آسيا، ومنها ما يتعلق بمخلوق شرير يجثم على صدور الرجال ويسبب لهم الموت أثناء النوم.
ظهور متلازمة الموت المفاجئ بين اللاجئين الهاربين للولايات المتحدة
في الولايات المتحدة كانت أقلية "الهمونغ" من دولة لاوس المجاورة لفيتنام هم أكثر ضحايا حالات "متلازمة الموت المفاجئ".
جندت وكالة المخابرات الأمريكية أكثر من 30 ألف جندي من الهمونغ، لمحاربة الجنود الفيتناميين الشماليين خلال حرب فيتنام.
وفي عام 1975، ومع نهاية حرب فيتنام، نظرت القيادة الجديدة هناك، إلى قومية الهمونغ من جمهورية لاوس على أنهم خونة بسبب تعاونهم مع الولايات المتحدة. فر العديد منهم من ديارهم بعد الحرب ليصبحوا لاجئين في تايلاند أو أمريكا.
وحتى بعد وصولهم إلى أمريكا، لم تنته مشاكلهم بعد، عانى الكثير منهم من الصدمات التي عايشوها في الحرب، وسرعان ما سُجلت عشرات الحالات للمرض الغامض، وظهرت المقالات الصحفية التي تتحدث عن ضحايا "الموت أثناء النوم".
لم يجد المحققون أي تفسير طبي للوفيات، لكن ظهر العديد من النظريات، وأرجع البعض متلازمة الموت المفاجئ، إلى الضغط النفسي الذي تعرض له الجنود في حرب فيتنام. ومع ذلك، لم يدعم الأطباء هذه النظرية.
ارتداء الملابس النسائية للهروب من الموت أثناء النوم
بعد البحث والتقصي اكتشف الباحثون أن "متلازمة الموت المفاجئ" لم تظهر في الولايات المتحدة فجأة وليست حكراً على اللاجئين "الهمونغ"، ولكنها موجودة بين شعوب اليابان وفيتنام وتايلاند والفلبين وكمبوديا منذ القدم، وفي الفلكلور الشعبي لتلك الثقافات كانوا ينسبون تلك الوفيات إلى روح شريرة، أو مخلوق أسطوري. تختلف تسميته من بلد لآخر.
ويُقال انه يتشكل على هيئة امرأة، ويستهدف الرجال النائمين، ويجلس هذا المخلوق الأسطوري على وجه الضحية أو على صدره لخنقه وشل حركته؛ لذلك كان بعض رجال "الهمونغ" يرتدون ملابس نسائية ليتفادوا تلك الروح الشريرة والنجاة من متلازمة الموت الآسيوي.
خلل جيني ربما يكون السبب وراء متلازمة الموت الآسيوي
قدم الأطباء تفسيرات معقولة أكثر، تفسر سبب حدوث "متلازمة الموت المفاجئ"، وأن السبب وراءها هو عدم انتظام ضربات القلب، أما سبب حدوثها بين قومية أو شعوب بعينها، لأنها حالة قلبية وراثية تؤثر على النظام الكهربائي للقلب، مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب.
واذا تُركت بدون علاج تعرض المريض لخطر الموت المفاجئ، والذي يحدث أحياناً أثناء النوم، أما السبب وراء عدم اكتشاف الأطباء وقتها حقيقة متلازمة الموت الآسيوي، فلأن القلب بعد الموت بهذه المتلازمة سيبدو طبيعياً.
وهناك عدد قليل من الحالات التي يمكن أن تسبب "متلازمة الموت المفاجئ" تغييرات طفيفة للغاية في القلب. بحيث لا يمكن رؤيتها عند فحص القلب بعد الموت.
ولكن الكثير من الأطباء قدموا وصفاً لمجموعة من الأعراض التي قد تدل على احتمال إصابة الشخص بإحدى حالات الخلل الوراثي في عضلة القلب، وعلى الرغم من أنها قد تختلف نوعاً ما بين حالات متلازمة الموت المفاجئ إلا أن الأعراض الشائعة تشمل:
- الإغماء أو حدوث نوبة خفقان أثناء ممارسة الرياضة أو الإثارة أو الخوف.
- ألم في الصدر أثناء التمرين.
- ضيق التنفس أثناء ممارسة الرياضة.
- حدوث السكتة القلبية، غالباً أثناء النوم.
- الإغماء المتكرر.
- نوبات اضطراب دقات القلب والخفقان.
- تنفس غير عادي.
ورغم تحديد هذه الأعراض، لكن الآليات الأساسية المسؤولة عن هذه الحالة المرضية المأساوية لم يتم فهمها بالكامل، ولا يزال هناك العديد من الدراسات والبحوث لفهم متلازمة الموت المفاجئ بشكل أفضل.