اخترعها التونسيون خلال الجفاف سنة 1864.. “عصيدة الزقوقو” من حل للمجاعة إلى أكلة للمناسبات الخاصة

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/15 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/15 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
عصيدة الزقوقو|shutterstock

تعتبر أكلة "عصيدة الزقوقو" من بين الأكلات الفاخرة وغالية الثمن في تونس؛ إذ ارتبط تحضيرها بالمناسبات الخاصة، والأعياد، خصوصاً في ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث يتم استهلاك كميات كبيرة من دقيق الزقوقو، من أجل تحضير هذه الأكلة التي تدخل في خانة الحلويات.

وقبل أن تصبح عصيدة الزقوقو حكراً على المناسبات الخاصة، كانت عبارة عن أكلة الفقراء خلال المجاعة التي شهدتها تونس سنة 1864، وهناك تم اكتشاف هذا المكون الجديد، الذي أصبح مشهوراً في المطبخ التونسي دون غيره من المطابخ.

الزقوقو بديل الدقيق والقمح خلال مجاعة تونس

وحسب ما نشرته عدة مصادر إخبارية تونسية، نقلاً عن المؤرخ التونسي عبد الستار عمامو، تعود قصة استهلاك الزقوقو في تونس، أو الصنوبر الحلبي، وهو الاسم المعروف به في الوطن العربي، إلى سنة 1864، بعد ثورة علي بن غذاهم التي شهدها البلاد احتجاجاً على النظام آنذاك، حيث شهدت تونس جفافاً تسبب في  مجاعة شملت كل المحافظات، ما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية.

عصيدة الزقوقو|shutterstock
عصيدة الزقوقو|shutterstock

ومن أجل الحصول على بديل للدقيق والقمح والشعير، لجأ العديد من سكان تونس إلى الصنوبر الحلبي "الزقوقو"، من أجل استخراج حبوبه الموجودة داخل المخاريط، وتحميصها ثم طحنها، للحصول على دقيق صالح للأكل، من خلال تحضيره على شكل خبز وعصيدة.

إذ إنه قادر على سد جوعهم لفترة طويلة، إضافة لأنه مصدر للطاقة، ويمتاز بطعمه اللذيذ، بعد مزجه بالسكر على شكل عصيدة.

عصيدة الزقوقو.. من أكلة الفقراء إلى وجبة للأغنياء

بعد انتهاء فترة المجاعة في تونس، توقف المواطنون عن استهلاك الزقوقو، بعد أن كانوا قد تفننوا في تحضيره سابقاً، وذلك لأن استهلاكه كان مرتبطاً بالفقر، والمجاعة، وقلة الغذاء.

إلا أن الزقوقو عاد للاستهلاك مرة أخرى، خلال سبعينيات القرن الماضي، لكن من طرف العائلات الفقيرة فقط، إذ إن الاغنياء كانوا يرون فيه طعاماً خاصاً بالأشخاص غير القادرين على توفير لقمة عيش لهم ولأسرهم.

ومع مرور السنين، وقلة الصنوبر الحلبي في الأسواق التونسية، بسبب خطورة الحصول عليه واستخراجه، أصبح الزقوقو حكراً على العائلات الميسورة، فيما يتم شراء كميات كبيرة من دقيقه، من طرف كافة المواطنين خلال ذكرى المولد النبوي الشريف، وهي المناسبة التي تشتهر فيها "عصيدة زقوقو" بالمكسرات في مختلف المدن التونسية.

عصيدة الزقوقو|shutterstock
عصيدة الزقوقو|shutterstock

ارتفاع سعر الزقوقو بسبب صعوبة الحصول عليه

وبعد أن كان الزقوقو مرتبطاً في ذاكرة التونسيين بالمجاعة، إلا أنه أصبح مكلفاً، ولا يتمكن الجميع من شرائه خلال الأيام العادية، إذ إن سعر الكيلوغرام الواحد قد يصل إلى 13 دولاراً أمريكياً، خصوصاً في فترات الأعياد، حيث يتم استهلاكه بكثرة.

ويعود السبب في ارتفاع سعر الزقوقو إلى طريقة الحصول عليه، التي تعتبر خطرة في كل مراحلها، حيث يقوم منتجوه بتسلق الأشجار العالية الخاصة بالصنوبر الحلبي، الموجودة في شمال البلاد على مساحة تقدر بـ300 ألف هكتار، من أجل الحصول على الثمار، التي تستخرج منها الحبوب الصالحة للأكل فيما بعد.

إذ إن 100 كيلوغرام من مخاريط الصنوبر الحلبي يتم منها جني 3 كيلوغرامات فقط من حبات الزقوقو، التي يتم استخراجها باستعمال أفران تقليدية، ذات درجة حرارة عالية جداً، من الممكن أن تتسبب في الأذى لمن يستعملها.

الصنوبر الحلبي|shutterstock
الصنوبر الحلبي|shutterstock

غني بالفيتامينات ومضادات الأكسدة

يعتبر التونسيون الشعب الوحيد الذي يستهلك حبات الصنوبر الحلبي، ويقوم بتحضير عصيدة منه، والتي أصبحت تعتبر من بين أشهر الأكلات المحلية للبلاد. 

وبالإضافة إلى طعمه اللذيذ، عند تحضيره على شكل حلويات مع المكسرات، فإن استهلاك الزقوقو يعود على الصحة بعدة فوائد، بفضل عناصره الغذائية المهمة.

إذ إن الزقوقو يحتوي على نسبة مهمة من الفيتامينات، والألياف الغذائية، ومضادات الأكسدة، التي تحمي الجسم من عدة أمراض.

إذ إن استهلاك الصنوبر الحلبي يقلل خطر الإصابة بمرض السرطان، ويساعد على تسهيل عملية الهضم، والحد من مشاكل الجهاز الهضمي.

كما أن الفيتامينات التي يحتوي عليها الزقوقو تساعد على تقوية المناعة، فيما تساعد الألياف على الشعور بالشبع لمدة طويلة، ما يجعله مناسباً للأشخاص الذين يريدون إنقاص الوزن.

حبوب الزقوقو| shutterstock
حبوب الزقوقو| shutterstock

يقلل ظهور علامات التقدم في السن

وبالإضافة إلى فوائده الصحية، فإن استهلاك الزقوقو يساعد على تقليل ظهور علامات التقدم في السن، من خلال إعطاء إشراقة ونضارة للبشرة.

كما أن له دوره في تقليل ظهور البثور على الوجه، والتخفيف من حدة الهالات السوداء في محيط العينين، ما يعزز صحة البشرة بشكل عام.

تحميل المزيد