لطالما كانت النجوم المتناثرة في السماء مصدراً لكثير من التساؤلات بالنسبة للبشر منذ القديم وحتى يومنا هذا، في البداية كانت معلوماتنا عن هذه العمالقة الغازية متواضعة للغاية، لكن مع تقدم العلم أصبح بإمكاننا الإجابة عن أكثر الأسئلة صعوبة وضمن ذلك: ما أقدم نجم في الكون؟
أقدم نجم في الكون
بعض النجوم الموجودة في كوننا الشاسع قديمة أكثر بكثير مما تتوقع، إنها قديمة لدرجة أنها شهدت أيام كوننا الأولى منذ بزوغه.
ووفقاً لما ورد في موقع Live Science الأمريكي، فقد عرف العلماء أقدم نجم مسجل -الملقب بـMethuselah- منذ عقود.
وقد أثار العلماء الجدل عندما قدروا في في عام 2000، أنّ عمر هذا النجم القديم 16 مليار عام، وفقاً لوكالة ناسا. إذا افترضنا أن هذه التقديرات صحيحة، فهذا يجعل نجم Methuselah أقدم من الكون الذي يبلغ عمره نحو 13.8 مليار سنة.
لذلك تنبأ علماء الفلك على الفور بوجود خطأ في كيفية حساب عمر هذا النجم.
وللوصول إلى إجابة شافية، استخدم علماء الفلك تلسكوب هابل الفضائي لإعادة تحديد عمر Methuselah في عام 2013، وتوصلوا إلى تقديرٍ بـ14.5 مليار سنة بناءً على سطوعه وبعده عن الأرض (إذ يبعد عنا نحو 190 سنة ضوئية). وهذا من شأنه أن يجعله أقدم بقليل من الكون، على الرغم من وجود هوامش خطأ في تقدير العمر.
يقول هوارد بوند، عالم الفلك المتقاعد في معهد علوم تلسكوب الفضاء: "لقد قمنا بقياس المسافة من أجل تحديد اللمعان المطلق، وبالتالي العمر، بمساعدة الدراسات النظرية لتطور النجوم". وأضاف: "وجدنا عصراً متوافقاً -ضمن أوجه عدم اليقين في القياس والنظرية- مع عمر الكون".
ما هو نجم Methuselah؟
اتخذ هذا النجم اسمه "ميثوشالح" نسبة إلى أسقف ورد ذكره في الكتاب المقدس وقيل إنه توفي عن عمر يناهز 969 عاماً، مما يجعله الأطول عمراً من بين جميع الشخصيات في الكتاب المقدس، وفقاً لما ورد في موقع space.
يُعَد Methuselah نجماً عملاقاً، وهو أكثر إشراقاً من معظم النجوم ولكنه لا يزال غير ساطع مثل النجوم العملاقة، وهي ضخمة جداً لدرجة أن حجمها يبدو غير طبيعي بالنسبة لدرجة حرارتها وكتلتها، كما قال بوند. النجوم العملاقة أيضاً أكثر احمراراً.
كما هو معلوم، تطلق النجوم الطاقة عن طريق حرق الهيدروجين في قلبها وتحويله إلى هيليوم من خلال الاندماج النووي. وتصل النجوم الضخمة إلى مرحلة ما تحت العملاق عندما تبدأ في استنفاد احتياطيات الهيدروجين الخاصة بها. وفي هذه المرحلة من حياة النجم، يصبح سطوعه أو لمعانه طريقة ممتازة لتقدير عمره، بحيث تكون النجوم الخافتة هي الأقدم.
يميل Methuselah إلى الحمرة، وقد ظل يتضاءل ببطء على مدار مليارات السنين، رغم أن قربه نسبياً من الأرض يعني أنه لا يبدو باهتاً جداً بالنسبة لنا ويمكن رؤيته بالمنظار.
ومن المهم أن نذكر أن شمسنا الساطعة لم تعش كما عاش هذا النجم. إذ يبلغ عمر الشمس 5 مليارات سنة بقليل، ومن المتوقع أن تعيش نحو 5 مليارات سنة أخرى.
كيف يستطيع العلماء تحديد عمر النجوم؟
تولد النجوم في أعماق غيوم هائلة من الغبار والغاز تُعرف بالسديم.
ووفقاً لوكالة ناسا، فإن بعض كتل الغاز في السديم تثقلها الكثير من المواد لدرجة أن جاذبيتها تجبرها على الانهيار (لأن مزيداً من الكتلة يعني مزيداً من الجاذبية)، وقوة الجذب الشديدة للجاذبية في مركز سحابةٍ منهارة تولّد غازاً -الهيدروجين في الأغلب- وهنا يتشكل لدينا نجم أولي.
تبدأ هذه الأجنة النجمية في دمج أنوية الهيدروجين في الهيليوم وينبعث منها الإشعاع في هذه العملية. لا يمكن أن يُطلق على النجم أنه نجم بالفعل حتى يشع طاقة، وهذا ما يجعله شديد السطوع.
وغالباً ما تطلق النجوم الوليدة (أو الأجنة النجمية) نوبات من الإشعاع، تُعرَف باسم نوبات التراكم.
وعندما تطلق النجوم نوبات التراكم تلك، فإنها تصبح أكثر سخونة وإشراقاً.
نظراً إلى أن النجوم الفتية لا تزال تراكم المواد، فإنها تطرد دفقات هائلة من الغاز نتيجة لذلك. هذا يعني أنها لا تزال تراكم الكتلة؛ نظراً إلى أن التدفقات الخارجة تتلاشى مع تقدمها في السن، وبالتالي فإن كمية الغاز المنبعثة تساعد علماء الفلك في تقدير عمر النجم. فمزيد من الغاز يعني نجماً أصغر سناً.