هناك قوانين كثيرة حول العالم يمكن أن تدخل في خانة الغرابة، ولا يتم تصديقها عند السماع بها، من بينها القانون الذي يعطي الحق للفرنسيين بالزواج من شخص ميت.
لا تتعجب من هذا القانون الذي ظهر لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية، خصوصاً أنه مفعل بشكل رسمي في فرنسا إلى يومنا هذا، ولا يزال الفرنسيون يقدمون طلبات للزواج من أشخاص ماتوا بالفعل.
إذ يتم قبول عدد مهم من طلبات الزواج هذه بعد التأكد من استيفاء الشروط المنصوص عليها، أهمها التأكيد على نية الشخص الميت في الزواج قبل وفاته.
الزواج من الأموات لإثبات نسب الأطفال بعد الحرب
كانت بداية ظهور قانون الزواج من موتى في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك لكي يتمكن الأطفال الذين لم يولدوا بعد، وتوفي آباؤهم خلال الحرب، من الحصول على شرعية حمل اسم آبائهم حتى بعد وفاتهم.
خصوصاً أنه خلال، وبعد الحرب العالمية الأولى، لم تتمكن العديد من النساء من إثبات نسب أطفالهن بعد وفاة آبائهم خلال الحرب.
وتم تفعيل القانون بشكل رسمي في ديسمبر/كانون الأول من سنة 1959، حسب القانون المدني بموجب المادة 23، إذ تم خلال تلك الفترة تقديم العديد من طلبات الزواج من الضباط المتوفين سنوات الحرب العالمية الثانية.
رئيس الجمهورية الوحيد المخول لقبول طلب الزواج من ميت
مازال قانون زواج الفرنسيين من أشخاص أموات مفعلاً إلى الآن، المنصوص عليه في المادة رقم 171 من القانون المدني، وحسب الموقع الرسمي لوزارة العدل في فرنسا، فإنه لا تجوز الموافقة على طلب الزواج من ميت إلا من طرف رئيس الجمهورية بشكل شخصي، ثم يليه موافقة النائب العام والمدعي العام.
وفي هذه الحالة، يجب تقديم أسباب منطقية، لكي تتم الموافقة على طلب الزواج، أهمها إثبات أن الشخص الميت كان ينوي فعلاً الزواج من الشخص صاحب الطلب، عن طريق إحضار بطاقات دعوة لحفل الزفاف، أو محادثات بين الطرفين تبين نية الزواج، أو حتى فاتورة فستان الزفاف، أو البدلة التي كان سيتم ارتداؤها خلال الاحتفال بالعرس.
وبعد تقديم جميع الأوراق، من بينها موافقة عائلة المتوفي، يتم التحقق من الطلب، إذ تفرض محكمة النقض عملية تحقق إضافية تتمثل في الوصول إلى حفاظ الميت على موافقته إلى آخر يوم قبل الوفاة، بموجب الحكم الصادر في 28 فبراير/شباط سنة 2006 عن الدائرة المدنية الأولى في فرنسا.
لا حق للزوج في الميراث بعد الزواج من الميت!
على الرغم من أن الزواج يتم بشكل قانوني، إلا أنه يعتبر إجراءً شكلياً، وذلك انطلاقاً من الأسباب المؤدية له، والتي قد تكون نفسية، بسبب حالة الحب الكبيرة التي كانت تجمع الطرفين، والتي كان من المفترض أن تتوج بزواج عادي، ورغبة الطرف الحي في الارتباط بالطرف الآخر حتى وإن كان ميتاً.
وهناك أسباب أخرى، من بينها تحقيق رغبة الشخص الميت في الزواج من الشخص الذي يحب، أو إعطاء أحقية النسب للأطفال في حال كان المتوفي رجلاً، وكانت المرأة حاملاً بطفله.
وفي هذه الحالة، لا يحق للشخص المتزوج من الميت الحصول على الميراث، أو أي حقوق أخرى ينص عليها القانون، في حال كانت الوفاة خلال زواج قائم منذ فترة.
فيما يحق له الحصول على المعاش التقاعدي من الضمان الاجتماعي، الذي يتم صرفه للزوج أو الزوجة، بعد وفاة الطرف الثاني.
وفي حال كان سبب الوفاة عبارة عن جريمة قتل، يحق للزوج الحي أن يقاضي مرتكب الفعل من أجل الحصول على تعويض مادي.
وحسب قانون البنوة الصادر في 3 يناير/كانون الثاني سنة 1972، فإن الأطفال المولودين بعد زواج الأم من الأب بعد وفاته، لا يملكون نفس حقوق الأطفال الآخرين، خصوصاً فيما يتعلق بمسائل الميراث.
الحمل.. السبب الشائع لطلبات الزواج من ميت
وحسب البند الثاني من المادة رقم 171، التي ينص عليها القانون المدني الفرنسي، فإنه يتم تحديد تاريخ الزواج بنفس تاريخ وفاة الشخص الميت، لكي يتمكن الشخص الحي من كسب صفة أرمل أو أرملة.
وفي سنة 2008، تم قبول طلب حوالي 60 شخصاً، فيما تم تسجيل خلال سنة 2018 طلبات أكثر، وصل عددها إلى 112 طلب زواج من أشخاص ميتين، إذ تم قبول 89 منهم، فيما تم رفض 23 طلباً فقط.
ويكون السبب الأول لتقديم طلب الزواج من شخص ميت، هو حالة الحمل، إذ لا يزال هذا السبب يدفع النساء للقيام بهذا الإجراء لضمان نسب أطفالهن، حتى وإن كان القانون لا يسمح لهن بالحصول على حقوق أخرى.