لجأ فريق علمي إلى أسماك "قرش النمر" للبحث عن مروج الأعشاب البحرية في جزر الباهاما، حيث ربط الباحثون بزعانفها كاميرات وأجهزة تعقب، لكي توصل لهم ساعات من لقطات الفيديو المباشرة لقاع المحيط، بحسب ما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية الأحد 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
كشفت البيانات التي جمعها الفريق البحثي عما يُوصف بأنه أكبر تجمع بيئي معروف للأعشاب البحرية في العالم، فهو يمتد عبر مسافة تصل إلى 92 ألف كيلومتر مربع من قاع البحر الكاريبي.
أشارت الدراسة المنشورة في دورية Nature Communications في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلى أن هذا الاكتشاف يزيد مساحة الأعشاب البحرية المعروفة في العالم بأكثر من 40% من المساحة المعروفة سابقاً.
وقال البروفيسور كارلوس دوارتي، المؤلف المشارك في التقرير والأستاذ في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا بالسعودية: "تدل هذه النتيجة على شدة بعدنا عن اكتشاف المحيطات اكتشافاً كاملاً، ليس أعماقها فحسب، بل حتى مناطقها القريبة من السطح".
أسماك القرش حلت الأزمة
اعتنى العلماء بالبحث في مروج الأعشاب البحرية منذ زمن طويل، وتمتد التقديرات المعروفة لإجمالي مساحتها من 160 ألف كيلومتر مربع إلى 1.6 مليون كيلومتر مربع.
مع ذلك، فقد استعصى عليهم رسم خرائط محددة لمناطق الأعشاب البحرية، لأن الطائرات والأقمار الصناعية يصعب عليها أحياناً رصد مروج الأعشاب في المياه العميقة والعكرة، كما أن المروج الصغيرة قد تكون متناثرة أو متشابكة مع نباتات بحرية أخرى، ما يجعل تمييزها أمراً صعباً.
نتيجة لتلك الصعوبات، صار الكشف عن المروج البحرية يحتاج إلى "تيقن مباشر من مواقع وجودها الميدانية"، أي يجب الاستعانة بشخصٍ ما أو وسيلةٍ ما لرؤيتها رؤية مباشرة. غير أن إرسال غواصين لتصوير مساحات شاسعة من قاع المحيط أمر عالي التكلفة، فضلاً عن المصاعب اللوجستية والمدد الزمنية الطويلة التي يحتاج إليها الأمر.
لذلك لجأ العلماء إلى أسماك قرش النمر، فهي كائنات تميل إلى التحرك بكثرة، ولديها القدرة على الوصول إلى أعماق كبيرة، وتتنقل في مساحات شاسعة، وتقضي الكثير من الوقت في مروج الأعشاب البحرية.
عمد الباحثون بين عام 2016 وعام 2020 إلى تثبيت كاميرات متصلة بالأقمار الصناعية وإشارات الراديو، على الزعانف الظهرية لسبع أسماك قرش.
وقال أوليفر شيبلي، كبير الباحثين في مؤسسة Beneath the Waves العاملة في مجال العلوم البحرية، إنهم لجأوا إلى أسلم طريقة لتقييد حركة أسماك القرش وأقلها في الأضرار طويلة المدى، وهي إمساك الحيوانات باستخدام حبال الطبل ذات الخطاف الدائري، والتي تعلق في فكي الأسماك، وقد استخدم الباحثون كابلات ربط قابلة للتحلل الحيوي، وخطافات قابلة للذوبان وتتحرر منها الأسماك بعد بضع ساعات.
قال ريتشارد أنسوورث، الأستاذ المساعد في جامعة سوانسي البريطانية، إن استخدام الحيوانات البحرية في هذه الدراسات "يفتح لنا نافذة على العالم البحري، ويساعدنا في الإجابة عن أسئلة كثيرة بشأن أزمات المناخ والتنوع البيولوجي. وتعيين خرائط انتشار الأعشاب البحرية أمر بالغ الأهمية، فنحن إن لم نعرف مكانها، لن نستطيع حمايتها".
يقول العلماء إن الأعشاب البحرية مصادر تغذية مهمة لكثير من الحيوانات البحرية، وتستخدمها مصايد الأسماك التجارية، وتوفر حاجزاً ضد تآكل السواحل، فضلاً عن كونها مصدراً مهماً لـ"الكربون الأزرق"، أي الكربون المخزن بكميات هائلة في قاع البحر، ومن ثم فهو وسيلة لا غنى عنها في التخفيف من أزمة المناخ.
على الرغم من ذلك، فإن الأعشاب البحرية تهددها مخاطر عديدة، أبرزها القوارب وسفن الشحن وتنمية السواحل وتقلبات الطقس الشديدة. وتشير البيانات إلى أن العالم يفقد نحو 7% من مناطق الأعشاب البحرية كل عام.