قلادة تُخفي في شيفراتها كنزاً عظيماً.. أوليفييه ليفاسور صاحب أعظم سطو قراصنة في التاريخ

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/14 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/14 الساعة 12:51 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لأوليفييه ليفاسور مع كنزه /Shutterstock

وُلد أوليفييه ليفاسور "Olivier Levasseur" سنة 1680 داخل عائلة غنية في مدينة كاليه شمال فرنسا، وتلقى تعليماً جيداً في الهندسة، ثم التحق بالبحرية الفرنسية خلال حرب الخلافة الإسبانية ما بين "1701 و 1714" كقرصان قانوني "كانت الحكومات الأوروبية توظف بعض القراصنة القانونيين للاستيلاء على سفن الدول الأخرى"، الأمر الذي كان شائعاً في تلك الحقبة.

لكن مع انتهاء الحرب رفض أوليفييه العودة، وأعلن تمرده على الملك الفرنسي حينها، وانضم في شراكة مع قرصان آخر يدعى "بنجامين هورنيغولد" سنة 1716، خلال تلك الفترة تمكن أوليفييه من إثبات براعته رغم إصابة إحدى عينيه خلال الحرب؛ ما أدى إلى ضعف نظرها، وأطلق عليه لقب "الصقر"؛ بسبب سرعته ووحشيته بالانقضاض على أعدائه.

صورة تعبيرية عن أوليفييه ليفاسور / مواقع التواصل الاجتماعي
صورة تعبيرية عن أوليفييه ليفاسور / مواقع التواصل الاجتماعي

أبحر بسفينة وعاد بقارب

حسب المجلة الفرنسية المتخصصة في الأحداث التاريخية "Histoire Du Monde"، هاجم أوليفييه العديد من السفن والقوارب بالقرب من سواحل البرازيل، كانت أبرزها سفينة محملة بالعبيد قادمة من أنغولا، حيث تركها تغرق بطاقمها وأنقذ قرابة 240 عبداً مسروقاً كان على متنها وتركهم في جزيرة قريبة من ريو دي جانيرو بالبرازيل.

جراء هذا الحادث نشبت صراعات بينه وبين السفن البرازيلية والبرتغالية، خلال هذه الحروب استطاع قتل أكثر من 10 ربابين لتلك السفن وتوجه بعدها إلى سواحل قريبة من كانايا بالبرازيل لبضعة أيام، إلى أن يصله خبر وجود تاجر فرنسي في خليج باراناغوا البرازيلية ليقدم أوليفييه على مطاردته.

لم يكن الحظ في هذه المرة لصالح أوليفييه؛ حيث تمكن التاجر من القبض عليه وإغراق سفينته التي تضم قرابة 80 بحاراً، استطاع أوليفييه مع الناجين من طاقم سفينته الهروب بواسطة أحد القوارب واتجه به جنوباً إلى ساو فرانسيسكو دو سول.

عند وصوله قام بسرقة قارب مُحمَّل بالدقيق، ثمّ أكمل رحلته وأبحر مرة ثانية إلى كانانيا، واتجه القراصنة للإبحار في اتجاه الشمال للاستيلاء والقرصنة على السفن، وفي يونيو/حزيران سنة 1718 ظهر أوليفييه في منطقة البحر الكاريبي، على متن سفينة صغيرة تمكن من سرقتها في طريق عودته من البرازيل.

قبر أوليفييه ليفانسور / مواقع التواصل الاجتماعي
قبر أوليفييه ليفانسور / مواقع التواصل الاجتماعي

أضخم عمليات القرصنة في التاريخ

توجه أوليفييه إلى مكان جديد سنة 1719 وأنشأ شراكة جديدة مع قرصانين آخرين يدعيان "هول دافيس" و"توماس كوكلين" لفترة معينة في عمليات القرصنة التي كان يقوم بها، لكن لم تدُم الشراكة طويلاً بسبب تحطم سفينته سنة 1720 قرابة الموزمبيق؛ ليستقر في جزيرة أنجوان؛ حيث ساءت حالة عينه وفقد القدرة على الرؤية بها.

خلال سنة استطاع أوليفييه الاستيلاء على إحدى السفن ليبدأ سنة 1721 بإطلاق حملاته من جزيرة سانت ماري الواقعة بشواطئ مدغشقر بالاشتراك مع القرصانين جون تايلور وإدوارد إنغلاند، خلال الرحلة تخلى كل من أوليفييه وتايلور عن شريكهما إدوارد بسبب تصرفاته وتركوه في جزيرة موريشيوس.

ليقدم بعدها الرجلان على ما سُمي حسب نفس المصدر "أضخم عمليات القرصنة في التاريخ"، في 27 أبريل/نيسان 1721، حيث قاما بالاستيلاء على السفينة البرتغالية العظيمة التي كانت تسمى "Nossa Senhora do cabo" التي تعود ملكيتها إلى أحد نبلاء البرتغال.

تلك السفينة كانت مزوَّدة بـ72 مدفعاً لحماية الكنوز التي كانت تحملها، إلا أنها تضررت بسبب عاصفة واجهتها خلال الرحلة ليضطر طاقمها للتخلص من المدافع، الأمر الذي لعب إيجابياً على قرصانين.

لم يكن أوليفييه وصديقه على علم بما تحمله السفينة، هذه الأخيرة كانت متخمة بسبائك الذهب والفضة وعشرات الصناديق الممتلئة بالألماس والحرير، بالإضافة إلى مقتنيات فنية ودينية نفيسة أبرزها صليب من الذهب الخالص مرصع بالألماس احتاج الأمر ثلاثة رجال لنقله إلى سفينة أوليفييه.

تُقدر قيمة الكنز بقرابة 100 مليون جنيه إسترليني، كما صادر أوليفييه السفينة وأطلق عليها سفينة النصر، ومن ثم تقاسم الكنز مع تايلور؛ حيث حصل كل واحد منها على ما يُقدر حالياً بثمانية ملايين جنيه إسترليني بالإضافة إلى 42 ألماسة لكل منهم.

كما تقاسم القرصانان باقي الكنوز بالتساوي، وكان الصليب من نصيب أوليفييه ليبدأ برحلة البحث عن مخبأ لكنزه الثمين، كان في كل مرة يقوم بتخبئته في مكان جديد ويقتل كل من ساعده في المهمة؛ لكي لا يعود ويأخذه.

استمر أوليفييه بالقرصنة لسنوات إلى حدود سنة 1729؛ حيث تمكنت السلطات الفرنسية من إلقاء القبض عليه وحكم عليه بالإعدام؛ لتبدأ من هناك قصة البحث عن الكنز.

شيفرة القلادة التي تد على الكنز /مواقع التواصل الإجتماعي
شيفرة القلادة التي تد على الكنز /مواقع التواصل الإجتماعي

شيفرة قلادة تخبئ كنزاً عظيماً 

قُبيل الإعدام بلحظات قليلة ألقى أوليفييه قلادةً كان يرتديها أمام الحشد الذي كان يشاهد، وصاح بصوت عالٍ: من يستطيع فك شيفرة القلادة باستطاعته الوصول إلى كنزي الثمين، ومن ثم نفذ حكم الإعدام عليه شنقاً.

لم يستطِع أحد في تلك الفترة معرفة مكان الكنز أو حتى فك شيفرة القلادة، لينسى المنقبون فكرة التنقيب لفترة من الزمن، لكن سنة 1923 وجدت سيدة تدعى روز سايفي بعض المحفورات في الصخور قرب شاطئ جزيرة سيشل بالقرب من تانزانيا.

هذه المحفورات ظهرت نتيجة انخفاض مستوى الماء، المحفورات كانت عبارة على رأس أفعى وثقب مفتاح، بالإضافة إلى عين تحدق في الفراغ وشكل امرأة يافعة ورأس رجل، هذه الرسومات -حسب علماء الآثار- تعود إلى القراصنة.

محافظ المنطقة ربط الرسومات مع رسالتين محفوظين في الأرشيف لديه؛ إحداهما خريطة بتوقيع القرصان أوليفييه، أما الثانية فتعود إلى قرصان آخر يدعى "ماردين ناجيون" توفي بعد أوليفييه بـ70 سنة.

حسب الرسالة، هذا الأخير تمكن من الحصول على جزء من كنز أوليفييه، لتبدأ قصة البحث عن الكنز الثمين، خلال البحث في الجزيرة تمكنت السلطات من اكتشاف تابوتين تبين فيما بعد أنها لقرصانين استناداً على حلق الذهب في أذنيهما في ما لم يتمكنوا من معرفة هوية جثة آخر بجانبهما.

استطاع صائد كنوز محترف يدعى "ريغينالد" سنة 1947 من فك بعض رموز القلادة باستخدام وثائق من أرشيف المنطقة، وقد وجد رابطاً بينهما ومفاده ما يلي:

"الأبراج الفلكية ومفاتيح سليمان وأعمال هرقل الاثنا عشر"، وهي معتقدات من العصور القديمة يستخدمها القراصنة لتحديد بعض الأماكن، لكن رغم فكه لبعض الرموز لم يتمكن ريغينالد من الوصول إلى الكنز، رغم محاولاته التي دامت قرابة الثلاثين سنة.

ليتسلم مهمة البحث بعد وفاته سنة 1977 ابنه الذي لا يزال يبحث عن الكنز أملاً في تحقيق حلم والده والحصول على كنز القرصان الثمين.

علامات:
تحميل المزيد