طعنَّه في المحكمة حتّى الموت! قصة النساء ضحايا “طائفة المنبوذين” في الهند

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/05 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/05 الساعة 09:57 بتوقيت غرينتش
نساء من طائفة الداليت / Wikimedia Commons

في 13 أغسطس/آب عام 2004، داخل قاعة محكمة في الهند، كانت العشرات من النساء مجتمعات حول "أكو ياداف"، وقمن بطعنه أكثر من 70 طعنة، ورجمه بالحجارة حتى الموت، وبعد إلقاء القبض عليهن تطوع أكثر من 100 محامٍ للدفاع عنهن.
حصلت هؤلاء السيدات على تعاطف كبير من المجتمع، فـ"أكو ياداف" كان له تاريخ طويل من ارتكاب جرائم اغتصاب النساء، والابتزاز وحتى جرائم قتل، ولم تتم محاسبته على الإطلاق بسبب فساد الشرطة.

استهداف أكو ياداف لطائفة الداليت "المنبوذة"

ولد "باهارات كاليشاران" في حي "كاستوربا ناجار" الفقير في الهند، وتحول "باهرات" من لصٍ صغير إلى رجل عصاباتٍ خطير، وأصبح يعرف باسم "أكو ياداف"، وكان نشاطه الإجرامي في الأحياء التي يسكنها أفراد "الطبقة المنبوذة" في الهند أو ما يعرفون باسم طائفة "الداليت".

أكو ياداف
حي يسكنه طائفة الداليت / Wikimedia Commons


والذين يعتبرون في أسفل السلم الاجتماعي في الهند، وتعتبر طبقة منبوذة في المجتمع الهندي رغم أن عدد المنتمين إليها يُقدَّر بحوالي 250 مليون نسمة. يمكنك القراءة عنها في تقريرنا السابق من هنا.

ولا يُسمح للأشخاص الذين ينتمون إلى طبقة الداليت بالتواصل مع الأشخاص المنتسبين إلى الطبقات الأعلى، كما يُحرمون من بعض الممارسات الاجتماعية، مثل مصافحة الآخرين، والخروج من منازلهم بعد وقت معين، ويُعتبرون من أكثر مواطني الهند تعرضاً للاضطهاد وحوادث الاغتصاب والقتل، وفقاً لموقع National Geographic News.

ورغم أن دستور البلاد ألغى الاعتراف بمصطلح "المنبوذين" رسمياً في 1950، فإن التمييز ضد أبناء "الداليت" ما زال قائماً على أساس المعيار الطبقي الاجتماعي.

وهو ما استغله "أكو ياداف"، لعلمه أن أفراد تلك الطائفة لن يتلقوا أية مساعدة من الشرطة، بسبب العنصرية ضدهم، وبسبب أن "أكو ياداف" كان يقوم برشوة ضباط الشرطة في الأحياء التي كان يرتكب فيها جرائمه.

"حكم" أكو ياداف حي كاستوربا ناجار الفقير بقبضة من حديد، فتعرض سكان الحي للسرقة والتعذيب والقتل على يد عصابته، كان الناس في الأحياء الفقيرة الأخرى مرعوبين ولم يجدوا أية استجابة من الشرطة.

أكثر من 200 امرأة ضحايا جرائم اغتصاب أكو ياداف 

خلال حياته قتل ياداف 3 أفراد على الأقل، وقام بتعذيب وخطف العشرات، ولسنوات عديدة، قام ياداف ورفاقه بضرب النساء والفتيات كتحذير لمن قاوموه من الرجال أو حاولوا الوقوف بوجهه.

أكو ياداف
اغتصب أكو ياداف حتى الفتيات الصغيرات / shutterstock

ولم يتم القبض عليه بسبب خوف الناس من الشهادة ضده في المحكمة، وحتى لو قرر أحد ما من تلك الأحياء التبليغ عنه، كان الشرطة يبلغون "أكو ياداف"، الذي يرسل رجاله لمعاقبتهم. 

وكان أكثر ما اشتهر به "أكو ياداف" هو جرائم الاغتصاب، الذي قصد بها إذلال سكان تلك الأحياء، فقام باغتصاب أكثر من 200 امرأة وفتاة، يقول سكان "كاستوربا ناجار" إنه كانت هناك ضحية اغتصاب تعيش في كل منزل في الحي.
لقد انتهك النساء للسيطرة على الرجال، وأمر أتباعه بسحب حتى الفتيات في سن 12 إلى مبنى مهجور قريب ليتم اغتصابهن بشكل جماعي.

اغتصب ياداف ورجاله بشكل جماعي امرأة بعد 10 أيام من وضعها لمولودها الجديد، وبعد ما حدث لها انتحرت، وسحبت عصابة ياداف امرأة أخرى من منزلها عندما كانت حاملاً في شهرها السابع، جردوها من ملابسها واغتصبوها في الطريق أمام المارة.

وقد أبلغت العشرات من النساء عن ياداف للشرطة لكنهن تعرضن للسخرية، وفي كل مرة تتقدم فيها امرأة بشكوى، تنبه الشرطة ياداف، الذي يقوم بعد ذلك بزيارة النساء وترهيبهن. وكان يهدد بإلقاء الأسيد عليهن، واغتصابهن مرة أخرى، أو إيذاء أفراد عائلاتهم.

ضحية تقرر الوقوف بوجه "أكو ياداف"

أوشا نارايان، إحدى ضحايا ياداف، قررت أن تضع حداً لجرائمه وترويعه للحي، وأقنعت صهرها بمساعدتها. معاً تركا الشرطة المحلية، وذهبا إلى المدعي العام، الذي وعدها بملاذ آمن، وأن السلطات ستشرع في العثور على ياداف.

في تلك الليلة حين سمع سكان الحي بما قامت به أوشا نارايان، تشجع الكثير منهم للوقوف بوجه "أكو ياداف"، واجتمع العشرات منهم غاضبين وهاجموا منزله وقاموا بمحاصرته، وقد نجح الهجوم في تخويف ياداف حيث قرر تسليم نفسه للشرطة.

أكو ياداف
القبض على أكو ياداف / مواقع التواصل


في اليوم التالي لاعتقاله، كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة، سمعت أوشا نارايان وضحايا جرائم الاغتصاب الأخريات أنه من المحتمل أن يتم الإفراج عنه بكفالة، وفي تلك اللحظة قررن تولي زمام الأمور بأيديهن.

دخل ياداف قاعة المحكمة دون أدنى ندم، وعندما رأى امرأة كان قد اغتصبها سابقاً، سخر منها، ووصفها بأنها عاهرة، وصرخ بأنه سيغتصبها مرة أخرى، وبحسب ما ورد ضحك رجال الشرطة.

لكن المرأة هاجمت ياداف وصرخت قائلة: "لا يمكننا أن نعيش معاً على هذه الأرض. أنت أو أنا".

وانضمت إليها بقية النساء مسلحات بالسكاكين، ومسحوق الفلفل الحار لإبعاد رجال الشرطة، وانهالوا على "أكو ياداف" طعناً بالسكاكين حتى فارق الحياة، اعتقلت الشرطة 5 سيدات لكن أُطلق سراحهن بسبب احتجاج عام، وبحلول عام 2012 تم الإفراج عنهن جميعاً.

وكان من أبرز مؤيديهن 100 محامٍ أصدروا بياناً قالوا فيه إنه لا ينبغي معاملة النساء كمتهمات، بل كضحايا، وألقى تقرير صادر عن ضابط شرطة سابق كبير في المدينة باللوم على زملائه السابقين في الفشل الخطير في تطبيق القانون. 

تحميل المزيد