يُعرف عن جزيرة مدغشقر الإفريقية، أنها موطن للكثير من الحيوانات الفريدة التي لن تجدها في مكان آخر، أحد تلك الحيوانات كان طائر الفيل أو طائر الرخ الملغاشي، ومن اسمه يمكنك تخيل حجمه، حيث يُعتقد أنه أثقل طائر مشى على الكوكب.
وكان مصدر إلهام للكثير من القصص الخيالية، التي رواها النبلاء الفرنسيون وموضوعات الرسومات الخيالية، ما دفع الكثيرين للتشكيك بوجوده، واعتباره حيواناً خيالياً.
لكن طائر الفيل مخلوق حقيقي، ولكن لسوء الحظ دُمِّرَت بيئته حتى انقرض تماماً بحلول عام 1100 قبل الميلاد، بسبب الاستغلال البشري، بمثابة حكاية تحذيرية لنا جميعاً.
طائر الفيل.. طوله 3 أمتار ووزنه وصل إلى طن
قد يعود مصطلح "طائر الفيل" إلى الوصف الخيالي لماركو بولو، الذي ذكر طائراً كبيراً جداً، لدرجة أنه يمكن أن يحمل الأفيال في مخالبه، ربما لمح ماركو بولو الطائر، واعتقد أنه مجرد فرخ لمخلوق كبير الحجم.
رغم شكله الشبيه بالنعام، لكن حجم طائر الفيل كان أكبر بكثير، كانت تزن حوالي طن، ويبلغ ارتفاعها حوالي 3 أمتار، وتضع بيضاً عملاقاً، والذي كان أكبر حتى من بيض الديناصورات.
ومع هذا كان الطائر أقرب إلى طائر الكيوي الصغير في نيوزيلندا، من خلال استخلاص الحمض النووي من عظام طائر الفيل، ومقارنته بالحمض النووي من الطيور الحية، اكتشف كيرين ميتشل من المركز الأسترالي للحمض النووي القديم أن أقرب أقرباء طيور الفيل هو الكيوي.
وبسبب حجمه الضخم وتركيب وحجم أجنحته الصغيرة نسبياً لحجم جسده، لم يستطع طائر الفيل الطيران، أما تغذيته فيعتقد أنه كان نظاماً غذائياً مشابهاً لأبناء عمومته من الطيور الأخرى، فازدهر وتكاثر في جزيرة مدغشقر.
كان أول اكتشاف لعظام طائر الفيل، من قبل القائد الاستعماري الفرنسي، إتيان دي فلاكورت، في القرن السابع عشر، ولكن وصفه بشكل علمي لأول مرة كان بعد 200 عام على يد عالم الحيوان الفرنسي جيوفري سانت، الذي وصف شكل الطائر وحجم بيضه الذي يمكن أن يصل لـ30 سنتيمتراً.
ورغم توفر الظروف المناسبة لمعيشة وتكاثر طائر الفيل لآلاف السنين، إلا أنه انقرض بالكامل، فما الذي حدث؟
كيف دفع البشر طائر الفيل للانقراض
بدلاً من القضاء على الحيوانات في وقت قصير، يبدو أن البشر عاشوا جنباً إلى جنب مع الطيور لآلاف السنين، قبل أن تنقرض منذ حوالي 1000 عام، ويعتقد العلماء أن البشر تعايشوا مع طيور الأفيال وأنواع أخرى منقرضة الآن، لأكثر من 9 آلاف عام، مع تأثير سلبي محدود على ما يبدو على التنوع البيولوجي لمعظم هذه الفترة.
لكن كل شيء تغير منذ حوالي 1000 عام قبل الميلاد، عندما بدأ البشر في اصطياد الطيور من أجل لحومها، ولم تكن لحومها فقط ولكن تم استهداف بيض الطائر أيضاً واستخدامه أواني للطعام، وكأن كل ذلك لم يكن يكفي لخفض أعداد طائر الفيل، كان هنا الأثر البيئي.
فبعد انحسار الغطاء النباتي الذي وفر الغذاء والبيئة المناسبة لعيش طائر الفيل، انقرضت هذه المخلوقات بحلول عام 1100 قبل الميلاد.
ومع ذلك، قال الدكتور جيمس هانسفورد، العالم في جمعية علم الحيوان بلندن، إنه رغم الانقراض، الذي يشير إليه بعض العلماء باسم "فرضية الحرب الخاطفة"، فإنه يقدم نظرةً ثاقبة لجهود الحفظ المستقبلية.
وأضاف: "يبدو أن البشر تعايشوا مع طيور الفيل وأنواع أخرى منقرضة الآن لأكثر من 9 آلاف عام، مع تأثير سلبي محدود على ما يبدو على التنوع البيولوجي لمعظم هذه الفترة".
إعادة طائر الفيل للحياة على طريقة الحديقة الجوراسية
بحسب تقرير نشر عام 2022 فإن العلماء في المملكة المتحدة كانوا في طريقهم لإعادة طائر الدودو المنقرض، عن طريق عملية أشبه بما حدث في أفلام Jurassic Park، ما قد يفتح الباب لإعادة إحياء طائر الفيل من الانقراض.
لكن رغم الأهداف الواعدة لهذا المشروع، فلا تزال هناك عوائق لهذه التقنية. خاصة بالنسبة للمخلوقات التي انقرضت منذ ملايين السنين مثل الديناصورات مثلاً؛ لأن الحمض النووي الخاص بها ببساطة متدهور للغاية من التأثيرات البيئية.
ولحسن الحظ هذا الأمر لا ينطبق على طائر الفيل، لأن وقت انقراضه يعتبر قريباً نسبياً، رغم أن العالمة بيث شابيرو تشير إلى أن هناك مخاوف أخلاقية وبيئية تحيط بهذه التكنولوجيا.
قالت شابيرو: "مع نمو السكان، أصبح من الصعب بشكل متزايد العثور على أماكن على كوكبنا لم تتأثر بطريقة ما بالنشاط البشري".
وتابعت قائلة: "قد لا يكون التخلص من الانقراض هو الحل لأزمة التنوع البيولوجي التي نواجهها اليوم، ولكن التقنيات التي تتطور باسم القضاء على الانقراض قد تصبح أدوات جديدة قوية في نظام الحفظ النشط".
وأضافت: "لماذا لا نقدم للسكان القليل من المساعدة الجينومية حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة في عالم يتغير بسرعة كبيرة جداً، بحيث يتعذر على العمليات التطورية الطبيعية مواكبة ذلك؟".
في الوقت الحالي، كل ما تبقى من طائر الفيل عبارة عن بعض العظام المتحجرة وبقايا بيضها الهائل، بِيع بعضها بمبلغ يصل إلى 100 ألف دولار في مزاد علني.