لطالما كانت أزمات المشاهير مادة خصبة لإثارة الجدل واستقطاب انتباه المتابعين وفضول الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة، وهو ما حدث بالفعل خلال الأيام الماضية في مصر.
إذ جدد أحد الممثلين الجدل حول ما خاضه الكوميدي المصري الراحل سعيد صالح مع المخدرات، وردد في لقاء تلفزيوني عبارات، شدد فيها على مدى تعلُّق صالح بالممنوعات على حساب محبته لابنته الوحيدة.
تصريحات مثيرة للجدل من ممثل ثانوي
جاءت تصريحات فكري صادق، الممثل المعروف بأدوار ثانوية وهامشية في الأفلام والمسلسلات المصرية، في لقاء تلفزيوني معه بعد حضوره مهرجان القاهرة للدراما، المُقام في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول 2022.
إذ جرى تكريمه ضمن عدد من الفنانين الآخرين في المهرجان، ما جدد تسليط الأضواء عليه في الآونة الأخير عبر الصحف والقنوات التلفزيونية.
وفي لقاء له مع الإعلامية لميس الحديدي، تحدّث فكري صادق عن فيلم "سلام يا صاحبي" الذي تم عرضه قبل أكثر من 3 عقود. وقال في المقابلة: "فيلم سلام ياصاحبي كان بالنسبة لي عادل إمام، لكن سعيد صالح ممثل عادي وفيه كتير زيه".
تسببت تلك التصريحات في موجة من الدفاع عن سعيد صالح وأدواره المهمة في السينما المصرية وعلى المسرح، من بينها أعمال "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت" و"هاللو شلبي" وغيرها.
ومع توالي الهجوم، تم نشر تصريحات أخرى لفكري صادق، عبر إحدى المنصات للتواصل الاجتماعي، قال فيها: "سعيد صالح كان قدوة سيئة للممثل، لأنه دخل السجن، وكان يحب المخدرات أكثر من بنته، ولا يملك من الإنسانية أي قدر ضئيل، وهو لا يملك من الذكاء شيئاً".
وتابع في تصريحاته التي نشرها موقع "مصراوي" للأخبار والمنوعات: "(سعيد) مرمط الفن، وعمل أعمال سيئة هي أفلام المقاولات، أي حد كان يديه 2000 جنيه كان الصبح يقوم يصور، ويروح يشتري بهم كوكايين".
وعلى أثر تلك التصريحات أعلنت نقابة الممثلين عن إحالة فكري صادق إلى لجنة تحقيق عاجلة.
سر الخلاف القديم بين سعيد صالح وفكري صادق
وحول أصل الخلاف الناشب بين الفنان الراحل وزميله فكرى صادق، قال الأخير في لقاء حديث مع الإعلامية آيات أباظة في برنامج "مساء الفن"، "أنا جالي دور في فيلم (سلام يا صاحبي) وجالي الاسكربت وفجأة التصوير تأجل".
وتابع في كلمته: "عرفت بعدها أن سعيد صالح هو اللي قالهم مشّوا فكري وهاتوا محمد متولي، ويمكن عشان كده أنا حاسس بشرخ جوايا".
وأكد اعتذاره عن اتهام سعيد صالح بحُب المخدرات أكثر من ابنته، موضحاً: "أنا قدّمت اعتذار لهند بنت سعيد صالح (..)، الصحفي استفزني بشكل بايخ، وكانت زلة لسان".
علاقة سعيد صالح بالمخدرات والتجارب التي غيّرت حياته
تعرّض سعيد صالح للسجن خلال حياته 3 مرات، كان أولها بسبب عمل فني، وكان هو أول فنان يصدر ضده حكم بسبب عمل فني في مصر تقريباً.
وبحسب موقع الجزيرة، كان يلقب نفسه بـ"ملك الخروج عن النص"، وهو ما تسبب في حبسه عام 1983 حين تفوّه ببعض الكلمات الخارجة على المسرح، فحُكم عليه بالسجن أكثر من أسبوعين على ذمة التحقيقات، لكن تم الإفراج عنه في نهاية المطاف.
ويُعتقد وفقاً للصحف المحلية أنه حُبس آنذاك بسبب جملة سياسية قوية، لمّح فيها لرؤساء مصر منذ الانقلاب على الملكية، وذلك أثناء تأديته لدور في مسرحية "لعبة اسمها الفلوس".
إذ قال سعيد صالح بالعامية المصرية حينها "أمي اتجوزت 3 مرات، الأول أكّلنا المش، والتاني علّمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش"، ما تسبب في اندلاع جدل واسع في ذلك الوقت.
أثارت تلك القضية ضجة كبيرة، وتنحى القاضي وقتذاك، كونها أصبحت قضية رأي عام، ثم أصدر القاضي المنتخب لمتابعة القضية عبد الوهاب أبو الخير قراراً بالإفراج عن صالح بضمان مالي قيمته 100 جنيه.
لم تكن تلك التجربة الوحيدة مع السجن، حيث حُبس صالح في المرة الثانية عام 1991 على خلفية اتهامه في قضية مخدرات، قيل لاحقاً إنها كانت مُلفقة، وتمت تبرئته لعدم كفاية الأدلة.
وتكرر المشهد بحبس صالح و7 من زملائه بتهمة تعاطي المخدرات وأحيلوا إلى محكمة الجنايات التي قضت في 11 نوفمبر 1995 بحبس سعيد صالح لمدة عام مع الشغل وتغريمه 10 آلاف جنيه.
كما عاقبت رفاقه حمدي حنفي (مدير أعماله) وآخر يُدعى هاشم أحمد محمد بنفس العقوبة والغرامة، وبرّأت المحكمة باقي المتهمين، وهم الفنان سعيد طرابيك وشعبان جعفر وسراج الدين محمود المحامي، واستبعدت المحكمة عن صالح تهمة إدارة مسكنه لتعاطي المخدرات.
كيف كان سجن "الحضرة" سبباً في قرب صالح من الله
أمضى سعيد صالح فترة عقوبته في سجن "الحضرة" بمنطقة محرم بك في الإسكندرية، وبعد الإفراج عنه، أفصح سعيد عن التجربة، وما تعلمه منها مع وسائل الإعلام المختلفة.
وحينها ادعى أنه تم تلفيق القضية له بسبب مواقفه المعارضة التي يقدمها على المسرح. وقال: "اختفيت تماماً عن السينما والمسرح والفن ككل عام 1996، لسبب بسيط هو أنني كنت في السجن".
وتابع: "(أنا) سعيد جداً أني أتعرض للسجن في سبيل الدفاع عن موقف أو قضية أؤمن تماماً بها.. الكل يعرف أن مواقفي السياسية، ورفضي لكثير من الأوضاع الموجودة، هي ما دفعهم لمحاولة إسكاتي بأي وسيلة".
تحسّنت حالته النفسية في السجن
وقد تركت تجربة السجن لعام كامل أثرها في الممثل المصري الراحل، الذي قال آنذاك تعليقاً عليها، بحسب صحيفة القبس الكويتية: "تحسنت صحتي في السجن، ربما لأنني كنت بعيداً عن العمل وضغوطه والمسؤولية بشكل عام".
وتابع أنه شعر في السجن بأنه "أكثر حرية من الآخرين"، حيث كان يلعب الكرة ويقوم بأنشطة اجتماعية عديدة، كما تثقف من خلال الراديو الذي لم يفارق أذنه معظم ساعات اليوم، بحسب قوله.
وحول تأثير السجن في تقوية إيمانه قال: "كانت شهور الزنزانة فرصة للتأمل والتقرب إلى الله".
وتوصل صالح لفلسفته الخاصة عن تلك التجربة، قائلاً: "خرجت بقناعات منها أن السجن هو أفضل مكان وأحسن مجتمع مصغر في العالم، يجعلك تشعر بالأمان، فلا ثروة ولا شهرة ولا أي شيء.. الإنسان داخل السجن يترك كل شيء خارج الباب، بعكس حياتنا الهمجية في الخارج".