كشف عدد من أشهر علماء المصريات في بريطانيا أن اكتشاف كتابة هيروغليفية مخفية داخل مقبرة توت عنخ آمون يؤكد على لنظرية مفادها أن الملكة المصرية الأسطورية، والأشهر في تاريخ مصر الفرعوني القديم، نفرتيتي، قد تكون مدفونة في غرفة مخفية مجاورة لغرفة دفن زوج ابنتها.
وقال نيكولاس ريفز، أمين سابق في قسم الآثار المصرية بالمتحف البريطاني، إنه في حين أن النظرية ظلت غير مثبتة بعد عمليات المسح بالرادار غير الحاسمة، التي تمت على مدى سنوات مضت، فإن المؤشرات الحالية مبشرة للغاية، على حد قوله.
ترقب لتحديد هوية مومياء نفرتيتي.. الملكة الفرعونية الأشهر
برقبتها النحيلة، وعينيها الواسعتين، وعظام وجنتيها المرتفعتين في أيقونة من الجمال المتناغم، لطالما اعتُبرت الملكة المصرية نفرتيتي تجسيداً لجمال الأنثى الطبيعي الأخاذ.
واتضح ذلك جلياً في رسومات وتماثيل جسدت الملكة المصرية في أبهى صورة، ما أثار دوماً فضول وخيال المستكشفين والمهتمين بالتاريخ الفرعوني القديم.
وقد أجرى عالم المصريات، زاهي حواس، وزير الدولة السابق لشؤون الآثار في مصر، بعثات استكشاف وتنقيب حديثة في وادي الملوك في الأقصر، وادعى، وفقاً لصحف عالمية، أنه عثر على مومياوين لم يتم تحديد هوايتهما بعد.
وتابع في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة The Guardian البريطانية، أنه يعتقد أن إحدى المومياء هي نفرتيتي، والأخرى ابنتها عنخسين آمون زوجة توت عنخ آمون.
وقال الأستاذ حواس لمجلة NewsWeek للأخبار: "في أكتوبر/تشرين الأول، سنكون قادرين على الإعلان عن اكتشاف مومياء عنخسين آمون، زوجة توت عنخ آمون، ووالدتها نفرتيتي".
وتابع: "أنا متأكد أن واحدة من المومياوات المجهولة ستكون نفرتيتي".
أهمية تحديد مومياء الملكة نفرتيتي
ويُعتقد أن المومياوات التي وجدتها البعثات الاستكشافية من المقابر KV21 و KV35 بوادي الملوك في الأقصر، تحتوي على شخصيات رفيعة المستوى من الدائرة المقربة للملك توت عنخ آمون.
وقال الدكتور حواس إنه إذا حدد تحليل الحمض النووي بشكل قاطع مومياء نفرتيتي، فستقوم مصر بإجراء فحوصات مقطعية للرأس، من شأنها "الكشف عن الصورة الأكثر اكتمالاً ودقة للملكة وملامحها الحقيقية".
مقبرة ضخمة لم يُكتشف سوى جزء ضئيل منها
وعن أهمية مقبرة توت عنخ آمون، التي يُعتقد أنها لا تزال تحل الكثير من الأسرار المدفونة عن تاريخ مصر الفرعوني القديم، قال حواس إن العلماء بالكاد اكتشفوا نحو 30% من كل شيء تحت الأرض مما تضمه المقبرة.
يوضح نيكولاس ريفز، خبير المصريات في المتحف البريطاني، أن وفاة الملك اليافع توت عنخ آمون كانت غير متوقعة في العام 1324 قبل الميلاد، إذ توفي عن عمر يناهز 19 عاماً فقط، أي بعد 9 سنوات من توليه عرش مصر.
هذا الاستعجال وتلك الصدمة المفاجئة تعني من وجه نظر الباحث أنه كان بحاجة إلى أن يُدفن على عجل، ما يرجّح أن قبر توت عنخ آمون هو مجرد الجزء الخارجي من مقبرة أكبر بكثير "أعدت لكي تشغلها نفرتيتي، والتي من المفترض أن يقع تسلسلها في غرف الدفن خارج ما يمكن رؤيته حالياً في المقبرة الموجودة بالأقصر.
أهمية نفرتيتي في التاريخ الفرعوني القديم
حكمت نفرتيتي خلال الأسرة الـ18 في مصر القديمة، وعاشت ما بين 1370 و1330 قبل الميلاد تقريباً، عندما كانت مصر في أقوى حالاتها وازدهارها.
ولكن بحلول الوقت الذي توفيت فيه، كانت البلاد تمر بفترة اضطراب اجتماعي أدى إلى ضياع موقع قبرها الملكي.
وقد حكمت إلى جانب زوجها، أمنحتب الرابع، الذي حوّل البلاد من الشرك بالآلهة إلى عبادة توحيدية مكرسة فقط لقرص الشمس، والذي أطلق عليه اسم آتون.
غيّر أمنحتب اسمه إلى إخناتون، أي "النافع" أو "الخادم" لآتون، وبنى عاصمة جديدة بعيدة عن طيبة، والتي سماها اخيتاتون – أي "أفق الإله آتون".
لكن تلك التغييرات أثبتت أنها لا تحظى بشعبية آنذاك، وبعد وفاته أعاد توت عنخ آمون الآلهة المتعددة، ودمر أو شوه الآثار المرتبطة بإخناتون وعبادات توحيد قرص الشمس ومعابدها.
وخلال هذه الفترة فقدت تفاصيل مدافنهم في التاريخ، وتم محو دلائلها.
من جانبها، توفيت نفرتيتي عام 1331 قبل الميلاد، وكان من المفترض أن تُدفن مع زوجها في مقبرة إخناتون الملكية، لكن لم يتم العثور على أي من الجثتين هناك وافتُرض أنها نُقلت إلى وادي الملوك.
كانت هناك تكهنات بأنها دُفنت في غرفة كبيرة خلف باب مخفي في قبر الملك توت عنخ آمون نفسه.
لكن في عام 2018، أعلنت وزارة الآثار المصرية أن تحقيقاً استمر لمدة 3 سنوات شمل مسحاً بالرادار للمقبرة، قد أثبت بشكل قاطع عدم وجود غرفة سرية.
بحث دائم عن الملكة الفاتنة ذات الوجه المثالي
ووفقاً لصحيفة Telegraph البريطانية، كانت هناك أيضاً تكهنات بأن نفرتيتي كانت واحدة من اثنتين من المومياوات التي عثر عليها عالم الآثار جيوفاني بيلزوني في عام 1817، أثناء حفر المقبرة KV21 في وادي الملوك.
ثم تم إحياء الاهتمام بنفرتيتي في عام 1912 عندما اكتشف عالم الآثار الألماني، لودفيج بورشاردت، تمثالاً نصفياً جميلاً للملكة بين أنقاض أخيتاتون.
ويُترجم اسم نفرتيتي على أنه "جاء الشخص الجميل"، وكانت قياسات التمثال النصفي لرأس الملكة تتوافق مع "معدلات الجمال" المثالية، حيث تتناسب جميع ملامحها تماماً بشكل دقيق.
وقد وجدت لوحة هيروغليفية في المدينة المدمرة تصفها بأنها "المرأة الرائدة بين جميع النبلاء، والرائعة في القصر الملكي، والمثالية في المظهر".
حتى أن بعض الأكاديميين رجحوا أن نفرتيتي حكمت مملكة مصر القديمة بمفردها لفترة وجيزة باسم نفرنفرو آتون بعد وفاة زوجها، وذلك قبل أن يصبح توت عنخ آمون فرعوناً وحاكماً لمصر.