كان أندرو كونانان قاتلاً متسلسلاً يقتل بشكل خاص مشاهير في مجالات مختلفة، من بينها مجالات المعمار وتصميم الأزياء، وقد عُرف في فترة مراهقته بالكذب ونسج قصص من الخيال تتعلق بحياته الخاصة.
أعلن كونانان عن مثليته الجنسية عندما كان في سن المراهق، إذ ربطته علاقات كثيرة برجال أكبر منه سناً، كانوا يدفعون له المال مقابل الجنس.
في سنة 1997 قام بقتل خمس شخصيات معروفة، ثم قتل نفسه، وترك جرائم القتل التي ارتكبها لغزاً حير الشرطة، وكل من سمع بها.
عُرف بالكذب ومثليته الجنسية
ولد أندرو كونانان في مدينة سان دييغو بكاليفورنيا، سنة 1969، من أب فيليبيني وأم إيطالية، وكان يعيش وسط أسرة مكونة من خمسة إخوة، وكان هو أصغر إخوته وأكثرهم ذكاء، إذ عُرف بتفوقه الدراسي، فأرسله والده للدراسة في مدرسة بيشوب الخاصة، التي تعتبر واحدة من بين المدارس المكلفة في كاليفورنيا.
عندما أصبح أندرو في سن المراهقة، كشف عن مثليته الجنسية بين أصدقائه، لكنه لم يتمكن من مصارحة عائلته بالموضوع، خصوصاً أنه كان خائفاً من رد فعل والده.
كما أنه أصبح في هذه المرحلة العمرية شخصاً يبرع في الكذب، وينسج قصصاً من الخيال تتعلق به وبعائلته، وعلاقته بشخصيات شهيرة ومهمة.
التحق كونانان بجامعة "سان دييغو"، حيث درس التاريخ، وبعد التخرج انتقل إلى سان فرانسيسكو، واستقر في حي للمثليين هناك، فكان يرتاد الملاهي الليلية الخاصة بأصحاب الميول الجنسي الشاذ، وأسس حانة خاصة به، كانت واحدة من بين أفخم الحانات المتواجدة في ذلك الحي، ودخل في علاقة مع رجال يكبرونه سنا، منهم شخصيات معروفة وأثرياء، كانوا يعطونه المال والهدايا الثمينة مقابل الجنس.
قتل شخصيات مشهورة في أيام معدودة
استمر أندرو في ممارسة الدعارة، وأضاف عليها أعمالاً أخرى خارجة عن القانون، فقرر الشروع في تنظيم عمليات سرقة صغيرة، كان يقوم بها بنفسه، إضافة إلى تجارته في المخدرات.
في سنة 1997، عندما كان يبلغ من العمر 27 سنة، قام كونانان بسلسلة من جرائم القتل، التي راح ضحيتهما شخصيات معروفة في مجالات مختلفة، منهم من كان على علاقة مباشرة معهم، والبعض الآخر لم يكونوا على معرفة شخصية به، حسب ما ذكرت مجموعة تقارير إعلامية.
وكان أول ضحاياه صديقه جيفري ترايل، الضابط السابق في البحرية الأمريكية، الذي قتله يوم 25 أبريل/نيسان 1997 بعد شجار دار بينهما في شقة الضحية، وبعد أربعة أيام فقط، قام بقتل المهندس المعماري أندرو ماديسون، الذي كان من بين أنجح المعماريين في سان فرانسيسكو، وكانت تربطه علاقة بكونانان سنة 1995، وكان القاسم المشترك بين الضحيتين هو طريقة القتل، التي كانت من خلال طلقة عيار ناري على مستوى الرأس.
بعد الجريمتين اللتين اقترفهما في حق صديقيه، توجه كونانان إلى مدينة شيكاغو، حيث قام بقتل بائع العقارات الشهير لي مغلين، الذي كان يبلغ من العمر 74 عاماً، بطلق نار في مرأب منزله، إذ قام بجريمته الثالثة في الرابع من مايو/أيار من نفس السنة، أي بعد خمسة أيام من جريمته الثانية.
لم يتوقف أندرو كونانان هنا، لكنه استمر في عمليات القتل، بعد أن غادر مدينة شيكاغو متوجهاً إلى نيوجيرسي، وكان ضحيته الرابعة هو ويليام رايس البالغ من العمر 45 سنة، وكان يعمل في حراسة مقبرة "فينز بوينت" الوطنية في بينسفيل.
قتل فيرساتشي ثم انتحر
بعد جريمة قتله الأخيرة، توجه أندرو كونانان إلى مدينة ميامي، حيث استقر لمدة شهرين هناك، وكان يخطط لجريمة قتل أخرى، ستكون هي الأخيرة في سلسلة جرائم القتل التي ارتكبها خلال نفس السنة.
في صباح 15 يوليو/تموز، توجه كونانان إلى منزل مصمم الأزياء الإيطالي الشهير جياني فيرساتشي، الذي كان عائداً من نزهته الصباحية بدراجته الهوائية، وأطلق النار عليه من بعيد، بالمسدس نفسه الذي قتل به ضحاياه الأربع.
بعد سلسلة الجرائم التي قام بها، وآخرها فيرساتشي، شرعت الشرطة في فتح تحقيق حول ملابسات الجرائم المتسلسلة في البلاد، الأمر الذي أشعر الشاب البالغ من العمر 27 سنة بالتهديد، ففهم أن مصيره سيكون دخوله السجن بحكم ثقيل، من الممكن أن يصل إلى المؤبد.
ومن أجل تفادي هذا المصير قرر أندرو كونانان إنهاء حياته، والانتحار بإطلاق النار على نفسه، بنفس المسدس الذي نفذ به جرائمه الخمس، وذلك بعد ثمانية أيام فقط من قتله المصمم الإيطالي الشهير.
بعد إيجاد جثته في المنزل الذي كان يقيم به في مدينة ميامي، خرجت العديد من الأخبار تفيد بأن السبب وراء قتل كونانان هذه الشخصيات المشهورة كان انتقاماً منهم وتصفية حسابات شخصية، بعد أن كان في علاقة سابقة معهم.
ومن أجل التحقق من الدوافع وراء هذه الجرائم المتسلسلة، شرعت الشرطة في التفتيش في أغراض كونانان، خصوصاً مذكراته الخاصة، لكنها لم تجد أي شيء يبرر ما قام به.
وفاة فيرساتشي وانتحار قاتله كان نهاية القصة التي كتب سطورها أندرو كونانان، فتحولت إلى فيلم وثائقي حمل عنوان "The Versace Murder"، من إخراج المخرج البولندي الإسرائيلي مناحيم جولان سنة 1998.