قاومت الموت 10 أيام في غابات الأمازون.. قصة الناجية الوحيدة من تحطم طائرة عام 1971

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/06 الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/09 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش
جوليان كويبكي| مواقع التواصل الإجتماعي

لم تكن جوليان كويبكي تتوقع أن رحلتها القصيرة من مدينة ليما إلى بوكالبا في البيرو، من أجل الاحتفال بعيد الميلاد رفقة والدها الموجود في غابات الأمازون سنة 1971، ستتحول إلى مأساة حقيقية، وستقلب حياتها بالكامل.

فقد عاشت جوليان واحدة من بين أصعب تجارب حياتها، بعد تحطم الطائرة التي تقلها رفقة والدتها، بسبب عاصفة قوية، أدت إلى سقوطها بين الأشجار في غابات الأمازون.

تمكنت جوليان من البقاء على قيد الحياة، لكن بعد معاناة دامت 10 أيام، وصراع من أجل العيش والبقاء، على الرغم من تعرضها لكسور وجروح بليغة.

رحلة إلى الأمازون غيرت حياتها 

ولدت جوليان كويبكي في ألمانيا سنة 1954، وانتقلت للعيش في البيرو رفقة والديها اللذين يعملان في مجال الأبحاث العلمية، مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد حصولهما على فرصة عمل في مركز أبحاث خاص بغابات الأمازون.

استقرت جوليان رفقة والديها في مدينة ليما، عاصمة البيرو، وتأقلمت بشكل سريع في الحياة هناك، كما أنها كانت تزور والدها من حين لآخر في مركز الأبحاث الذي كانا يشرفان عليه، فتمكنت من تعلم بعض خبايا غابات الأمازون، من نباتات وحيوانات، وسبل طرق العيش هناك.

جوليان كويبكي| مواقع التواصل الإجتماعي
جوليان كويبكي| مواقع التواصل الإجتماعي

في نهاية سنة 1971، عندما كانت تبلغ من العمر 17 سنة، وقبل يوم واحد من الاحتفال بعيد الميلاد، قررت جوليان، ووالدتها، التي كانت معها في المدينة في ذلك الوقت، الاحتفال بشكل مشترك رفقة والدها الموجود في مركز الأبحاث.

تمكنت والدة جوليان من حجز تذاكر الطائرة المتوجهة إلى مدينة بوكالبا بصعوبة، بسبب الطلب الكبير على التذاكر في تلك الفترة، فتمكنتا من حجز مكان لهما في المقاعد الخلفية للطائرة.

كانت الرحلة بالنسبة لجوليان عادية، لأنها اعتادت السفر من أجل لقاء والدها في غابات الأمازون، خصوصاً أن مدة الرحلة ساعة واحدة فقط، لكنها لم تكن تعلم أن القدر قد خبأ لها مفاجأة غيرت حياتها فيما بعد.

من رحلة عادية إلى حادث أليم

كانت بداية الرحلة عادية، وبعد ما يقارب نصف ساعة من الطيران، تغيرت أحوال الطقس بشكل مفاجئ، وتحولت إلى عاصفة مطرية، كانت أقوى من أن تقاومها الطائرة.

تسلل الخوف إلى قلوب الركاب الذين كان عددهم 92 شخصاً، بعد أن اشتدت العاصفة، وبدأت الأمتعة تتطاير داخل الطائرة من قوة الاهتزازات، إلى أن ضرب البرق، وتسبب في تحطم جزء من الطائرة، ولم يعد بإمكان الطيار القيام بأي تدخل من أجل إنقاذ رحلته.

بعد دقائق قليلة تحطمت الطائرة في السماء، وبدأت جوليان تشاهد أكثر مشهد مرعب مر عليا، وهو تطاير الركاب في السماء وهي معهم، ثم سقوطهم وهم يصرخون في غابات الأمازون، ولحسن حظها، كانت لاتزال رابطة حزام السلامة، ما جعلها تطير وهي جالسة في كرسي الطائرة.

جوليان كويبكي من الفيلم الوثائقي الذي يحكي قصتها| مواقع التواصل الإجتماعي
جوليان كويبكي من الفيلم الوثائقي الذي يحكي قصتها| مواقع التواصل الإجتماعي

سقطت جوليان، داخل الغابة، وتعرضت لعدة كسور وجروح بليغة، لكنها لم تكن مميتة، وبسبب ارتفاع الأدرينالين في الجسم، لم تشعر بالألم خلال الدقائق الأولى بعد السقوط، فقاومت من أجل الوقوف والبحث عن والدتها، لكنها للأسف لم تتمكن من ذلك.

بعد يومين من الحادث، تمكنت جوليان من استجماع قواها أخيراً، فباشرت البحث عن والدتها، وكانت عملية البحث هذه هي الدافع الوحيد الذي جعلها تقاوم من أجل العيش، وعدم الاستسلام للوضع الصعب الذي كانت تعيشه داخل غابات الأمازون.

محاولات مستمرة للنجاة 

بفضل الأشياء التي تعلمتها جوليان من والديها عن غابات الأمازون، تمكنت من الصمود والعيش هناك، إذ كان لديها معرفة كافية بأصوات الطيور، والأعشاب السامة، والأخرى الصالحة للأكل، وغيرها من التفاصيل التي تخص الحياة داخل الغابة.

خلال اليوم الرابع، سمعت جوليان صوت أحد الطيور الآكلة للحوم، فعلمت من خلاله أن هناك جثث أشخاص آخرين هناك، توجهت إلى مكان الصوت، فوجدت فعلاً بعض الأشخاص ميتين هناك، لكن والدتها ليست من بينهم مرة أخرى.

وخلال عملية البحث، وجدت بعض الحلوى وقطع الكيك مرمية هناك، فقامت بتقسيمها من أجل تناولها خلال الأيام المقبلة، على أمل نجاتها قبل أن يقضى عليها بسبب الجوع، والبرد، والتهاب الجروح والكسور التي تعرضت لها.

استمرت الفتاة الألمانية في عملية البحث، ومحاولة النجاة، فقامت بتعقب صوت نهر كانت تسمع خريره من بعيد، وذلك لمعرفتها أن عمليات الإنقاذ دائماً ما تكون في أماكن قريبة من مصدر المياه.

وعلى الرغم من وجود تماسيح بالقرب من النهر الذي وجدته، لكن جوليان قررت السير في اتجاهه، من أجل ضمان فرصة ولو بسيطة من أجل النجاة، وهذا ما حصل بالفعل.

بعد 10 أيام من الحادث، تمكن جوليان من إيجاد منزل خشبي صغير بالقرب من النهر، دخلته وحاولت تنظيف جروحها، وأخذ قسط من الراحة، إلى أن يتم إيجادها من طرف أصحاب المنزل.

أنقذها سكان الأمازون 

في اليوم التالي، فتحت جوليان عينيها على أشخاص غريبين، وهم من سكان غابات الأمازون، حاولت التواصل معهم باللغة الإسبانية، التي كانت قد شرعت في تعلمها خلال فترة وجودها في مدينة ليما، وشرحت لهم وضعها وسبب وجودها هناك.

مباشرة بعد ذلك، قام أهل الغابة بمساعدة جوليان، وأخذوها إلى أقرب مستشفى، الذي كان يبعد 7 ساعات في القارب من مكان وجودها، وهناك أجريت لها الإسعافات الأولية.

بعد تواصل العناصر الطبية مع الشرطة من أجل إبلاغهم بحالة النجاة الوحيدة من حادث سقوط الطائرة في الأمازون، تم نقل جوليان بطائرة هيليكوبتر لأحد المستشفيات الكبرى في العاصمة ليما، من أجل متابعة حالتها الصحية.

وبعد تحسن حالتها، تم إخبارها أن كل ما كان في الطائرة قد مات، من بينهم والدتها، وأنها الناجية الوحيدة من هذا الحادث المميت.

بعد انتشار قصتها في وسائل الإعلام، علم المخرج الألماني فيرنير هيرزوك أن الطائرة التي سقطت في الأمازون كانت نفسها الطائرة التي كان يحاول السفر من خلالها، لكن رحلته ألغيت بسبب نفاد التذاكر.

صورة حديثة لجوليان | wikipedia
صورة حديثة لجوليان | wikipedia

تواصل هيرزوك فيما بعد مع جوليان، واقترح عليها تصوير قصتها على شكل فيلم وثائقي، فوافقت على الفكرة، وتم تصويرها بعد سنوات، ثم أصدر الفيلم سنة 1998، وحمل عنوان "Wings of Hope"،حيث قامت جوليان بزيارة كل الأماكن التي عاشت فيها أحداث قصتها، بدءاً من المطار، وصولاً إلى غابات الأمازون، حيث التقت هناك أحد الرجال الذين أنقذوا حياتها، وظهر معها في الفيلم.

كما أنها أصدرت كتابها الخاص، تروي فيه جميع الأحداث والتفاصيل الخاصة بالحادث، واختارت له عنوان "When I Fell from the Sky".

تحميل المزيد