عندما قُتلت "نيكول هورك"، البالغة من العمر 15 عاماً، في هولندا، عام 1995، كانت عائلتها تريد تحقيق العدالة، وأن تستطيع الشرطة العثور على الجاني بسرعة.
ولكن بعد مرور السنين وفحص الأدلة، التي لم توصلهم لهوية الجاني، بدأت عائلتها تعتقد أن القضية سوف تُنسى، ولن يتم القبض على القاتل.
لكن آندي، الأخ غير الشقيق لنيكول، كان لديه رأي آخر، وكان يعلم أن التكنولوجيا الجديدة لفحص الحمض النووي يمكن أن تساعد المحققين في حل لغز جريمة القتل. وكان لديه خطة محفوفة بالمخاطرة بمستقبله وحريته لتحقيق العدالة، هذه هي القصة الرائعة عن وفاء الأخ، الذي وضع مجرماً خلف القضبان، ورغم ذلك لم تنتهِ القصة نهاية سعيدة.
مَن كانت نيكول هورك؟
وُلدت نيكول في 4 يوليو/تموز 1980، وكانت أمها عزباء في ذلك الوقت، ولم تكن الأم متأكدة من هوية الأب، ولكن بعد عام واحد أكد فحص دم أن رجلاً متزوجاً كانت الأم على علاقة به هو والد نيكول البيولوجي، وأضيف اسمه إلى شهادة ميلاد نيكول، لكنه لم يكن يريد أن تكون له أي علاقة بهما.
بعد ولادة نيكول بدأت والدتها في مواعدة فان دن هورك، وبعد عامين من المواعدة مع فان دن هورك تزوج الاثنان، لكن الزواج لم يدُم طويلاً، وانفصل الزوجان في عام 1989.
اختفاء نيكول هورك
في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1995، كانت "نيكول هورك" قد مكثت ليلتها في منزل جدتها، وكانت نيكول متوترة قليلاً في الصباح، واشتكت لخالتها قبل يوم واحد، من قيام رجل لم تذكر اسمه، بالتحرش بها في طريقها إلى المنزل.
ومع ذلك، في ذلك اليوم انطلقت المراهقة على الدراجة الهوائية متوجهة لعملها في مركز تسوق قريب، لكنها لم تصل أبداً، وعند حلول المساء اتصلت أمها بالشرطة للبحث عنها وأبلغتهم بفقدان ابنتها.
بعد البحث لساعات لم يتم العثور على نيكول، ولكن تم العثور على دراجتها الهوائية بالقرب من النهر، وبدأ بحث مكثف لتحديد مكان الفتاة، استمر لأسابيع، حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، عندما قام أحد الأشخاص باكتشاف مأساوي في الغابة القريبة من منزل نيكول.
وعثر على جثة الفتاة وملابسها ممزقة وشبه عارية، وخلص تشريح الجثة إلى أنها تعرضت للاغتصاب وأصيبت بكسر في فكها، وإصابات في رأسها وأصابعها، وطعنة من سكين من المحتمل أن يكون هو سبب وفاتها.
البحث عن مرتكب جريمة قتل نيكول
بعد التحقيقات اشتبهت الشرطة في البداية في زوج أم نيكول وشقيقها، اعتقلت السلطات كليهما، لكن بعد عدم العثور على أي دليل ضدهما أطلق سراحهما، وتمت تبرئتهما في النهاية من أي تهمة.
بعد بضعة أشهر من مقتل نيكول تم القبض على إحدى صديقات العائلة، بتهمة تهريب المخدرات، لكنها عرضت صفقة على الشرطة لإطلاق سراحها، مقابل معلومات عن جريمة قتل نيكول هورك.
وزعمت أنها كانت تعمل مع رجل متورط في جريمة القتل، لكن لم يتم العثور على أي دليل يدعم مزاعمها، وقررت الشرطة أن مزاعمها معيبة وغير ذات صلة، ومع ذلك، صدّق زوج والدة نيكول قصتها.
مع مرور الأيام وتحولها إلى أسابيع وشهور، دون تحقيق أي تقدم في كشف هوية الفاعل، قدَّم زوج والدة نيكول مكافأةً لأي شخص يقدم معلومات تتعلق بمقتل"نيكول هورك".
بدأت القضية تفقد اهتمام الشرطة، وفي وقت ما تم تخفيض عدد المحققين المسؤولين عن القضية إلى أربعة، في عام 2004 وبعد سنوات على الجريمة، حاول فريق من المحققين حل القضية، لكن كل شيء وصل إلى طريق مسدود، فأُغلقت القضية وقُيدت ضد مجهول.
وفاء الأخ ومقامرة حققت هدفها
بحلول عام 2011 انتهت القضية، ولم يعُد لها ذكر في الإعلام، لكن "آندي هورك"، الأخ غير الشقيق لنيكول سافر إلى إنجلترا، ولكنه لم ينسَ ما حصل، وظلَّ يتعذب على فقدانه أخته، ويفكر بشخصية القاتل الذي أفلت من العقاب.
ويؤرقه سؤال: ماذا لو كانت تقنيات فحص الحمض النووي المتطورة في يومنا هذا متاحة في عام 1995؟ كان من المحتمل أن يكون الجاني بالفعل خلف القضبان.
بسبب إغلاق القضية لم يكن هناك أي دافع قانوني للشرطة لإعادة التحقيق أو فحص الجثة مرة أخرى، ما لم يظهر دليل جديد.
لذلك وضع آندي خطة لإرغام الشرطة على إعادة فتح التحقيق مرة أخرى. وصنع الأخ غير الشقيق دليلاً جديداً، بتسليم نفسه للشرطة في بريطانيا، في 8 مارس/آذار 2011، وأعلن للجميع أنه الجاني الذي قتل "نيكول".
وقال في منشور على صفحته على فيسبوك: "سيتم اعتقالي اليوم بسبب مقتل أختي، لقد اعترفت، سأتواصل معكم قريباً".
أصيب المحققون بالذهول، وتم تسفير آندي للشرطة الهولندية، التي كانت غير متأكدة مما إذا كان آندي مسؤولاً عن الجريمة أم لا، وعند عودته إلى هولندا سرعان ما اتضح أن آندي لا يزال بريئاً، وأُطلق سراحه مرة أخرى.
لكن الخطة نجحت، وافقت السلطات على إعادة فتح القضية، ومعرفة أدلة الحمض النووي المتبقية بجثة نيكول.
القبض على قاتل "نيكول هورك"
في غضون أسبوع، أعلنت الشرطة أنه تم العثور على عينة مطابقة للحمض النووي، وبعد سنوات من عدم وجود أي دليل تمكنت الشرطة من العثور على عينات من الحمض النووي التي تخص الجاني.
وتم القبض على "جوس دي جي"، البالغ من العمر 46 عاماً، بعد العثور على عينات مطابقة لحمضه النووي في الرفات وفي مسرح الجريمة. وكان "جوس دي جي" قد أدين بالفعل بثلاث جرائم اغتصاب، وحُكم عليه سابقاً بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
في عام 2018، وبعد أكثر من 20 عاماً من وفاتها الوحشية، حُكم على "جوس دي جي" بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة اغتصاب "نيكول فان دين هورك" وقتلها.
عندما سُئل "آندي هورك" عن سبب اعترافه زوراً، علق آندي قائلاً: "أردت استخراج جثثها واستخراج الحمض النووي منها. لقد أعددتُ نفسي نوعاً ما، وكان من الممكن أن يحدث خطأ فادح لاستخراج جثتها، كان عليَّ أن أتخذ خطوات في مكانها، وقلت إنني فعلت ذلك، إنها أختي، أنا أفتقدها كل يوم".
ومع هذا لم تنتهِ القصة نهايةً سعيدة، فبشكل مأساوي، ورغم شجاعته في تحقيق العدالة لأخته، في عام 2021 انتحر آندي في منزله بإنجلترا، وكان آخر منشور له على حسابه على فيسبوك يشير إلى انتحاره الوشيك، وكتب فيه: "أنا مستعد لأقول وداعاً".