ابتكر مجموعة من الباحثين في كلية "إمبريال كوليدج لندن" تقنية للكشف عن أخطر اللويحات التي تتراكم في الشرايين الدموية وتُسبب النوبات القلبية لآلاف المرضى كل عام، وتدميرها.
يتوقع الباحثون أن تكون التقنية جاهزة للاستخدام في علاج المرضى في أقل من 3 سنوات، ويقولون إنها تعتمد على جسيمات نانوية تحدد أخطر اللويحات المتراكمة في الأوعية الدموية، ولا سيما القريبة من القلب، ثم تلتصق بها.
حيث تُطلق كبسولة صغيرة- يبلغ حجمها 5 آلاف جزء من المليمتر- من دواء مضاد للالتهابات، يعمل على تكسير اللويحة، ومن ثم تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية؛ وذلك حسبما نشرت صحيفة The Times البريطانية في تقرير لها الأحد 28 أغسطس/آب 2022.
علاج لأمراض الشرايين التاجية
تمثل هذه التقنية تحولاً جذرياً في علاج أمراض الشرايين التاجية، التي تعد السبب الرئيسي للنوبات القلبية وتقتل زهاء 66 ألف شخص سنوياً.
من جانبه، قال الدكتور رمزي خميس، استشاري أمراض القلب والباحث في كلية إمبريال كوليدج لندن، إن تحديد اللويحات المسببة لتصلب الشرايين وعلاجها مباشرة ييسِّر إنقاذ المرضى المعرضين للنوبات القلبية أكثر من غيرهم.
كما أشار خميس إلى أن "الأدوية المستخدمة لا تزال عاجزة عن تحديد اللويحات المعرضة للتكسُّر والتسبب في النوبات القلبية، وتمييزها من اللوحات المستقرة التي تعد أقل خطراً".
في سياق ذي صلة، فقد نشر خميس وزملاؤه دراسة بحثية في عام 2016 كشفت عن تقنية ابتكروها لتحديد أخطر اللويحات المعرضة للتكسر باستخدام جسم مضاد مثبَّت بكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة المؤكسد، واستعانوا لتمييز الجسم المضاد بصبغةٍ فلورية، ما أتاح للأطباء مراقبة اللويحات في عمليات الفحص.
تطوير تقنية لاكتشاف أسباب النوبات القلبية
من جهة أخرى، فقد تمكَّن الفريق العلمي من تطوير هذه التقنية، بحيث لم يعد الأمر يقتصر على تحديد اللويحات الخطيرة، وإنما معالجتها أيضاً. فقد عمدوا إلى تحميل الجسيمات النانوية- التي ابتكرتها جامعة كوينز بلفاست- بعقاقير مضادة للالتهابات، ترتبط بالأجسام المضادة وتُحقن في مجرى الدم. يلتصق الجسم المضاد باللويحة وتذوب الجسيمات النانوية تدريجياً، وتُطلق الدواء، فيعمل على تفكيك الأجزاء الهشة من الانسداد على نحو غير مؤذٍ وتكسير اللويحة دون عوارض خطيرة.
في حين يقول الباحثون إن تجاربهم تظهر أن العلاج كان فعالاً في تكسير اللويحات في الفئران. ومن المفترض أن يقدم الدكتور آدم هارتلي، الباحث بالفريق العلمي المبتكر للتقنية، النتائج المبكرة للتجارب هذا الأسبوع في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في برشلونة.
من جانبه، قال الدكتور رمزي خميس: "نأمل في الانتقال إلى التجارب على البشر للفحص والعلاج في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة". وإذا نجحت هذه التجارب، فيتوقع أن يكون العلاج نافعاً لأولئك المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب، لا سيما المرضى الذين نجوا بالفعل من نوبة قلبية سابقة.
كما أوضح خميس أن "الخطة في المستقبل تعتمد على الاستعانة باختبارات فحص الدم وتقييم عوامل الخطر في المرضى الذين تعرضوا من قبل لنوبة قلبية، لاختيار أقرب المرشحين للاستفادة من هذه التقنية الجديدة".
حقنة تحت الجلد
في المقابل يُرجح أن يُعطى العلاج في حقنة تحت الجلد، والتي يُمكن أن يحقن بها المريض نفسه في الطبقة الدهنية تحت جلد البطن أو الفخذ.
حيث قال البروفيسور نيلِش سماني، المدير الطبي لمؤسسة القلب البريطانية التي أشرفت على تمويل البحث: "على الرغم من التقدم الهائل لأدوية تصلب الشرايين، مثل الستاتين، في السنوات الأخيرة، فإننا لم نحل المشكلة ولا يزال الكثير من الناس عرضة لمخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية بسبب هذه العلة. لكن استهداف التراكمات الخطيرة للكوليسترول في اللويحات باستخدام الأجسام المضادة يوفر طريقة بديلة لمواجهة هذا الخطر".