يقول المدافعون عن المناخ إن تقليل عدد أيام العمل إلى 4 أيام أسبوعية يمكن أن يحمل فائدة مناخية. فضلاً عن تحسين مستوى الموظفين، يشير هؤلاء إلى أن تقليل ساعات العمل يمكن أن يقلل انبعاثات الكربون.
فقد وثّقت الدراسات على مدى سنوات علاقةً بين ساعات العمل الأقل والانبعاثات الكربونية الأقل، وهي انخفاضات يوضح الخبراء أنها قد تكون نتيجة تغير عادات استخدام المواصلات والطاقة ونمط الحياة.
تقليص ساعات العمل يفيد المناخ
في سياق ذي صلة، تنبأ تحليل للبيانات ينظر إلى أكثر من عشرة بلاد بين عامي 1970 و2007، بأنه إذا قُلصت ساعات العمل بـ10%، يمكن أن نشهد انخفاضاً في البصمة الإيكولوجية بنسبة 12.1% وانخفاضاً في البصمة الكربونية بنسبة 14.6% وانخفاضاً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 4.2%، حسبما نشرت صحيفة The Washington Post الأمريكية في تقرير لها الإثنين 8 أغسطس/آب 2022.
من جانبه قال مارك وايسبروت، المدير المشارك لمركز البحوث الاقتصادية والسياسية (CEPR)، إن تقليص ساعات العمل يمكن على سبيل المثال أن يؤثر في حياة الأشخاص خارج العمل. وأشار إلى أن هذا النوع من التغيير يمكن أن يقود الأشخاص إلى عاداتٍ أكثر مراعاة للبيئة. وأضاف: "إنهم يصيرون معتادين على نمط حياة مختلف، وهو نمط حياة أقل استهلاكاً، لأن لديهم وقتاً أطول".
لكن هذه المزايا تعتمد على عدد من العوامل، وذلك حسبما يؤكد الخبراء، والتي تتضمن طريقة اختيار الناس كيفية قضاء أوقاتهم خارج العمل. ويقول الخبراء إن من المهم تذكُّر أن تقليل ساعات عمل ليس إلا استراتيجية واحدة من استراتيجيات التصدي للتغير المناخي.
قطاع النقل يزيد انبعاثات الغازات
من جانبها قالت وكالة حماية البيئة الأمريكية (USEPA)، إنه في عام 2020 كان قطاع النقل مسؤولاً وحده عن 27% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة.
لعل أبرز ما لوحظ حول المزايا المحتملة من تقليص السفر والتنقل، هو ما شوهد خلال الشهور الأولى لجائحة فيروس كورونا. فحينها انخفضت الانبعاثات الناتجة عن القيادة والطيران والمنتجات الصناعية انخفاضاً دراماتيكياً. تحسنت جودة الهواء في مدن العالم، بينما انخفضت الانبعاثات الكربونية العالمية.
قال جو أوكونور، الرئيس التنفيذي للمجموعة غير الربحية 4 Day Week Global، إنه نتيجة للجائحة، فإن التبني المنتشر لنماذج العمل عن بعد ونماذج العمل الهجينة، ربما كانت تعني أن التنقل أقل، حتى لو كانوا يعملون خمسة أيام أسبوعياً، غير أن التبني الرسمي لنظام العمل لأربعة أيام أسبوعياً يمكن أن يفيد الصناعات التي لا تزال تعتمد على وجود الأشخاص في مواقع العمل.
لكن الخبراء يقولون إن مزايا تقليص التنقل يمكن أن تبطل إذا اختار الأشخاص قضاء الأوقات الإضافية التي سيحصلون عليها في السفر والأنشطة التي تشهد استخدام المواصلات، لا سيما إذا كان سفرهم عن طريق الطائرة أو السيارة.
خفض استهلاك الطاقة
كذلك يقول الخبراء إن تقليل ساعات العمل يمكن أن يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة.
حيث قالت مجلة Scientific American إنه عندما أطلقت حكومة ولاية يوتا تجربة العمل لأربعة أيام أسبوعياً بين موظفيها في 2008، تنبأ تقرير بأن إغلاق المباني في يوم الجمعة يمكن أن يؤدي إلى خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بـ6000 طن متري سنوياً.
كما قالت جولييت شور، الخبيرة الاقتصادية وعالمة الاجتماع لدى كلية بوسطن، والتي تتركز بحوثها على العمل والاستهلاك والتغير المناخي، إن أي مكاسب محتملة من توفير الطاقة تعتمد على طريقة استخدام الشركات والأفراد للموارد.
على سبيل المثال، إذا أغلقت شركة ما مكاتبها كلياً في اليوم الخامس من أيام الأسبوع، فيمكن أن يقلل هذا الاستهلاك بصورة أكبر من الخفض الذي يمكن أن تشهده هذه الشركة إذا اختلفت أيام العطلات الأسبوعية لموظفيها. كذلك يمكن أن يزيد استهلاك الطاقة إذا قضى الأشخاص عطلاتهم في المنزل أو في أي مكان آخر بينما يستغرقون في أنشطة تستهلك موارد الطاقة بصورة أكبر مما يحدث في العمل.
زيادة البصمة الكربونية
في سياق ذي صلة، قالت الدراسة إن تقليص ساعات العمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة البصمة الكربونية للأشخاص، لكن الخبراء يقولون إن البحوث تشير إلى أن غالبية الأشخاص سوف يتحولون على الأرجح إلى أنماط حياة أكثر استدامة.
فقد قال أوكونور: "تجتمع وجهة نظر الغالبية حول فكرة أن العمل الكثيف يمكن أن يؤدي إلى نمط حياة كثيف. من خلال إعطاء الأشخاص وقتاً إضافياً، فإنك تُمكِّنهم من امتلاك مزيد من الوقت لاتخاذ خيارات حياة أكثر استدامة".
فيما قالت جولييت إن هناك نظرية تقول إن الأشخاص الذين يعملون وقتاً أطول وتكون لديهم أوقات فراغ أقل، يميلون إلى القيام بالمهام بطرق أكثر استهلاكاً للكربون، مثل اختيار طرق أسرع للانتقال أو شراء الطعام الجاهز. وأضافت: "السهولة والراحة تكونان غالباً كثيفتي الكربون، ويلجأ الناس إليهما عندما يكونون مضغوطين في الوقت".
في غضون ذلك، يشير بعض الباحثين إلى أن الأشخاص الذين يعملون لساعات أقل قد تزيد احتمالية انخراطهم في أنشطة منخفضة كربونياً، مثل قضاء الوقت مع العائلة أو النوم.
فيما قال الخبراء إن التحول إلى العمل لساعات أقل يجب أن لا يحدث بمعزل عن الأمور الأخرى، وقالت جولييت: "لا يهم عدد الأيام التي نعمل فيها إذا كنا لا نزال نستخدم الوقود الأحفوري".