يتزامن يوم 27 من يوليو/حزيران، من كل عام، مع ذكرى رحيل الممثل والفنان المصري رشدي أباظة، الذي اشتهر باسم "دنجوان السينما المصرية، الذي رحل في مثل هذا اليوم عام 1980، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
نشأته في أسرة أرستقراطية شركسية
وُلد رشدي سعيد بغدادي أباظة، في الثالث من شهر أغسطس/آب عام 1926، لأب مصري هو سعيد أباظة، المُنحدر من عائلة ثرية ومعروفة في مصر، ولأم إيطالية تُدعى تيريزا لويجي. واستقر في مدينة الإسكندرية خلال طفولته، حيث درس في مدرسة سان مارك.
وينحدر رشدي من أسرة أرستقراطية ثرية لها أصول شركسية، ويعني اسم أباظة أحد أفراد قبيلة "الأباظة" من منطقة "أَبْخازيا" في القوقاز.
وبحسب موقع معاني للغة العربية، فقد نُقل الاسم إلى العربية عن التركية، بعد إسقاط حرف الخاء، لعدم وجوده في لغتهم، ويكثر بين الأكراد في الشام خاصة. ثم لاحقاً تم تشديد الزاي إلى ظاء في لغة نطق الاسم للتفخيم.
التمثيل ممنوع على "أولاد الطبقة الراقية"
كانت وجهة النظر المصرية في تلك الفترة أن التمثيل هو "مهنة غير راقية"، ولا تليق بأولاد الأسر الرفيعة في المجتمع. وبالتالي لم تكن مسألة احتراف رشدي أباظة للفن بالأمر المقبول.
خاصة أن والده عمل ضابطاً بحسب موقع مصراوي، لذلك قد تمنى أن يسلك ابنه نفس طريقه، ومع إصرار كل منهما على رغبته، وقعت القطيعة بينهما، التي استمرت لأعوام طويلة.
وكان أول اهتمامات رشدي أباظة المهنية أن يحترف رياضة كمال الأجسام.
وبالرغم من أن التمثيل والوقوف أمام الكاميرا لم يكن من بين أحلام رشدي في صباه، فإن صداقته بعدد كبير من النجوم والفنانين المشاهير، في ذلك الوقت، هي التي دفعته لخوض التجربة.
شُهرة سريعة، وبصمة في عالم السينما المصرية
ويُعتقد بحسب بعض الصُّحف أن الممثل المصري المُخضرم، فريد شوقي، هو الذي شجعه على احتراف التمثيل، نظراً لما وجده فيه من وسامة وكاريزما أمام الشاشة، وطلاقة استثنائية في الحديث، فكان رشدي أباظة يتحدث 5 لغات هي "الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية".
بينما قيل إن المُخرج كمال بركات هو من أدخل أباظة مجال التمثيل، حينما صادفه في أحد المقاهي، وجذب انتباهه لوسامته وحضوره اللافت.
وبالفعل، كانت البداية لرشدي في تمثيل دور صغير في فيلم "المليونيرة الصغيرة" من بطولة فاتن حمامة، وإنتاج عام 1949.
ومنذ تلك اللحظة، تتابعت أعمال رشدي أباظة في التمثيل، وترك بصمة حقيقية في السينما المصرية، بعد أن شارك في بطولة عدد كبير من الأفلام الناجحة.
ومن بين أشهر أعماله، بطولته في أفلام مثل "رُدَّ قلبي"، و"حب وحرمان"، و"غروب وشروق"، و"الرجل الثاني"، و"عاشور قلب الأسد"، و"شيء في صدري"، و"وراء الشمس"، و"نصف ساعة زواج"، و"الزوجة 13″، وغيرها.
بعد ذلك أصبح رشدي أباظة من أبرز فناني السينما المصرية، وأكثرهم شهرة، خاصة بين النساء، بعد أن أثرت جاذبيته على طبيعة أدواره في الأفلام.
حياة زوجية مُعقدة وغير مُكتملة
اشتهر رشدي أباظة بعلاقاته المتعددة، إذ تزوج خمس مرات، فكانت أول زيجاته من الراقصة والممثلة المصرية تحية كاريوكا عام 1952، حيث استمر زواجه منها لمدة لم تتجاوز 3 سنوات.
وبحسب صحيفة المصري اليوم، تزوج رشدي بعدها من سيدة أمريكية تُدعى باربرا، أنجب منها ابنته الوحيدة قسمت، وقد دام زواجهما 4 سنوات حتى عام 1959، حينئذ تم الطلاق.
وفي عام 1962، دخل رشدي أباظة في زيجته الثالثة من الممثلة والراقصة المصرية سامية جمال، وتُعد تلك أطول علاقاته على الإطلاق، إذ استمر الزواج قرابة 18 عاماً، حتى انفصلا عام 1977.
وبحلول عام 1967، دخل رشدي أباظة في زيجته الرابعة من الفنانة اللبنانية صباح، لكن الطلاق تم بعد ذلك بأسبوعين، بينما كانت سامية جمال على ذمته.
أما زوجته الخامسة والأخيرة، فقد كانت ابنة عمه نبيلة أباظة، التي تزوجها قبل وفاته بعامين في 1979.
المرض والعمل لآخر لحظة من حياته
أصيب رشدي أباظة بسرطان المخ في المراحل الأخيرة من حياته، وعلى الرغم من ضعفه وعدم قدرته على الحركة، حرص رشدي على العمل لآخر يوم.
وبالفعل، وافته المنية بعد مضاعفات إصابته بالمرض في 27 يوليو/تموز عام 1980، عن عُمر ناهز 53 عاماً، قبل أن ينتهي من تمثيل كل مشاهده في فيلم "الأقوياء".