قد يعتقد الكثيرون أن تعلم تقنيات السباحة واحترافها كافٍ لتجنب حوادث الغرق أو فقدان الوعي، لكن في الحقيقة حتى السبَّاحين المحترفين قد يواجهون هذه المخاطر، وقد يتعرضون لحوادث تودي بحياتهم، ليس لأنهم لا يتقنون السباحة، ولكن لأسباب مختلفة نناقشها في هذا التقرير.
نقص الأكسجة من أكثر الأسباب شيوعاً لفقد الوعي أثناء السباحة
على الرغم من أن الظاهرة المعروفة الآن باسم تعتيم المياه الضحلة، أو نقص الأكسجة، معروفة طبياً منذ أوائل الستينيات، فإن السباحين لا يزالون يقعون ضحية لها حتى اليوم.
وعلى عكس ما هو متوقع، غالباً ما تحدث هذه الظاهرة عند السباحين ذوي الخبرة، خاصة الذين يقومون بالسباحة "الإيقاعية"، إذ إنهم يمارسون حبس الأنفاس لفترات طويلة، ويمكن أن يقوموا بذلك إلى حد فقدان الوعي.
وترتبط مشكلة نقص الأكسجة بالمستويات غير الطبيعية من الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم.
فأثناء ممارسة الرياضة والسباحة على حد سواء، تستهلك أجسامنا الأوكسجين، وبالتالي ينخفض مستوى الأوكسجين في دمائنا، لكن ارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم هو الذي يدفعنا للتنفس لموازنة المستويات وإعادتها لحدِّها الطبيعي.
إذا تجاهلنا هذه الرغبة في التنفس، يمكن أن يتوقف الأوكسجين عن الوصول إلى الأعضاء الحيوية مثل الدماغ، مما قد يؤدي إلى فقدان الوعي حتى الموت، كما يشير موقع USA Swimming.
فرط التنفس قبل السباحة يعطِّل قدرة الجسم على معرفة حاجته للأوكسجين
يحاول بعض السبَّاحين خداع أجسامهم لتأجيل حاجتهم للتنفس عن طريق التنفس الزائد قبل الغطس تحت الماء، ما يُعرف بظاهرة أو متلازمة "فرط التنفس" ما يلعب دوراً رئيسياً في فقدان الوعي والموت.
فعلى الرغم من أنه قد يزيد من مستوى مهارة السبَّاح اعتماداً على طول الفترة التي يستطيع البقاء فيها تحت الماء، إلا أنه يقلل من مستوى ثاني أكسيد الكربون في بداية تمرين حبس النفس، مما يتسبب في حدوث حالة غير طبيعية من التأخير في الوصول إلى مستوى ثاني أكسيد الكربون المرتفع المطلوب لتذكير السباح بضرورة التنفس وأخذ الأوكسجين.
وفي حال لم يتنفس السباح، سينخفض مستوى الأوكسجين في الدم بشكل كبير وسيفقد الوعي.
يمكن أن يكون فرط التنفس طوعياً رغبة من السبَّاح في البقاء لفترة أطول تحت الماء، أو يمكن أن يحدث بشكل لا إرادي، ناتجاً عن الشعور بالإثارة أو القلق.
لا يزال موضوع حظر حبس الأنفاس في الرياضات المائية قيد المناقشة، ولكن يُنصح السبَّاحون دائماً بتجنب ممارسة فرط التنفس قبل النزول للماء.
"السباحة الإيقاعية" تعرِّض السباحين لخطر الإغماء والغرق بشكل أكبر
قد تبدو السباحة الفنية الإيقاعية من أجمل الرياضات التي تجمع بين رشاقة وأناقة الباليه والعناصر الجريئة للجمباز.
إذ يتنافس السبَّاحون فيها بزيٍّ مبهر ومقاوم للماء، بينما يرتدون مساحيق تجميل وهم يرقصون ويتجولون في المسبح، ويؤدون حركات قد تبدو خارقة للبعض تحت الماء وفوقه.
ولكن تحت الوجه اللامع لهذه الرياضة توجد مخاطر كثيرة يتعرض لها السباحون، منها الارتجاج وفقدان الوعي والغرق.
وقد ظهر أحد الجوانب المظلمة لهذه الرياضة عندما غرقت الأمريكية أنيتا ألفاريس، بعد أن أغمي عليها خلال أدائها ضمن منافسات السباحة الإيقاعية، في بطولة العالم للسباحة المقامة في العاصمة المجرية بودابست وإنقاذها من قاع المسبح من قبل مدربتها في الـ23 من يونيو/حزيران عام 2022.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يُغمى فيها على ألفاريس خلال السباحة، فقد حدث الموقف ذاته في برشلونة العام الماضي، وأنقذتها المدربة نفسها أيضاً في ذلك الوقت.
كما حدثت واقعة مشابهة في أولمبياد بكين عام 2008، عندما أغمي على السباحة الإيقاعية اليابانية هيرومي كوباياشي عقب المباراة النهائية للفريق واضطر المدربون لإخراجها من المسبح وإنعاشها.
والسبب في الحالتين كان نقص الأكسجة التي حدثت نتيجة بقاء السبَّاحين فترة طويلة تحت الماء أثناء تأديتهم للعروض الفنية التي يقومون بها، والتي تتطلب البقاء لوقت طويل تحت الماء أثناء قيامهم بالحركات البهلوانية.
يُذكر أن العديد من الأبحاث تحذِّر من مخاطر بعض الأساليب المستخدمة في السباحة الفنية الإيقاعية، كما يشير موقع Research Gate.