للقمر علاقة مهمة بالأرض. إذا اختفى القمر فجأة لسببٍ أو لآخر، فإن حياتنا كبشر ستتغير بشكل كبير عن الحياة التي نعرفها اليوم.
ولما يقرب من 4.5 مليار سنة من تاريخ نظامنا الشمسي، لم تكن الأرض بمفردها أثناء دورانها حول الشمس.
هذا الرفيق القمري العملاق الذي تحظى به الأرض هو أكبر وأضخم من أي قمر آخر، مقارنة مع الكوكب الذي يدور حوله.
وعندما يكون في مرحلته الكاملة، يضيء الليل بشكل ساطع، وقد ارتبط القمر عبر التاريخ بظواهر مثل الجنون، وسلوك الحيوانات، والزراعة، ومواسم الحصاد.
في حين أن هذه العلاقات لا تصمد أمام التدقيق العلمي والدراسات، فهناك العديد من الطرق التي يؤثر بها القمر فعلياً على الأرض والحياة التي نعرفها، وبالتالي إذا اختفى القمر، سيتغير عالمنا إلى الأبد بشكل لا يُصدَّق.
الليل سيصبح قاتماً تماماً
ستكون سماء الليل أكثر ظلمةً في حال اختفى القمر عن عالمنا الذي نعرفه.
ويوضح موقع Forbes أنه في حين أن الشمس بشكل طبيعي أكثر إشراقاً بـ400.000 مرة من القمر الكامل أو البدر، فإن البدر الكامل يُعد أكثر سطوعاً بنسبة 14.000 مرة من الجسم التالي الأكثر سطوعاً في السماء، وهو كوكب الزُّهرة.
ودون القمر، لن تكون هناك عوائق طبيعية أمام سماء داكنة ومظلمة كل ليلة على مدار العام بالكامل. وبالتالي ستكون الليالي أكثر قتامة بشكل لا يصدَّق، حيث يوفر القمر الضوء للأرض خلال ساعات الليل من خلال انعكاس الضوء من الشمس.
ويقترح العلماء أنه دون إضاءة من صنع الإنسان، لن نتمكن من رؤية يدينا دون القمر أثناء الليل. ومع ذلك، لن تكون الليالي أكثر قتامة فحسب، بل ستتغير معدلات اليوم أيضاً.
"المد والجزر" سوف يتوقف تماماً
مع فقدان جاذبية القمر وتأثيرها على الكوكب، سينتهي المد والجزر الذي نعرفه. ستظل هناك موجات للبحار (مع العلم أن الشمس تؤثر أيضاً بشكل طفيف على حركة المحيط)، لكن التيارات المتقلبة كما نعرفها سوف تتضاءل.
سيكون لذلك تأثير مدمر على مساحات من الحياة البحرية – التي تعتمد على مسارات معينة من العناصر الغذائية للبقاء على قيد الحياة – ويؤدي في النهاية إلى الانقراض الجماعي لأنواع من الكائنات الحية المختلفة.
سيُصاب كوكب الأرض بانهيار عصبي!
بسبب فقدان الجاذبية المرتبطة بوجود القمر في مدار الكوكب، أو هذا النوع من "الانثناء"، الذي اعتادت عليه الأرض على مدار 4.5 مليار سنة ماضية، قد يشعر قلب الكوكب ببعض التحول الحاد بغياب القمر فجأة.
وبالتالي يمكن أن يتسبب ذلك في حدوث العديد من الظواهر الطبيعية المرتبكة للغاية، مثل الزلازل، أو البراكين.
مناخ الكوكب سيُضرب في مقتل
يعتقد العديد من العلماء أن الميل الحالي لكوكب الأرض هو نتيجة ثانوية للتصادم الهائل الذي أدى لولادة القمر منذ ملايين السنين، ولا يثبت إلا من خلال استمرار دوران القمر حول كوكبنا.
لذلك من دون القمر يمكن أن يتحول محور الأرض بشكل خطير ويعتدل الميلان الذي تتمتع به.
كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى تنشيط سلسلة من السيناريوهات المخيفة، بما في ذلك التغيير الجامح في المواسم لفصول السنة والمناخ العام، مما سيجعل أجزاء كبيرة من الكوكب- إن لم يكن كلها – غير صالحة للحياة الآدمية خلال فترات طويلة من العام.
الأيام ستصبح أقصر.. جداً!
في الواقع، ستدور الأرض بشكل أسرع نسبياً إذا اختفى القمر عن كوكبنا، وذلك لأن الجاذبية المسؤولة عن التحكم في المد والجزر في المحيط تسبب أيضاً ما يُعرف باسم "احتكاك المد والجزر"، والذي يخفض سرعة دوران الأرض، ويلعب دوراً في جعل أيامنا تطول مع مرور الوقت خلال فصول العام، بحسب موقع Inside Science العلمي.
وبدون القمر، قد يصبح اليوم على كوكب الأرض ما بين 6 إلى 12 ساعة فقط. كما يمكن أن يكون هناك أكثر من ألف يوم في السنة الواحدة.
ذلك لأن دوران الأرض كان يتباطأ بمرور الوقت بفضل قوة الجاذبية القمرية. ومن دون ذلك، ستمر الأيام في غمضة عين!
مساحات المحيطات ستتقلص
نظراً لأن القمر يؤثر في ارتفاع مياه الأرض وحركتها، فإن المد والجزر في المحيطات ستتقلص. إذ يحدث المد العالي، حيث ينجذب المحيط نحو القمر، أو يسحب القمر المحيط نحوه.
على الجانب الآخر من كوكبنا، يندفع المحيط بعيداً عن القمر، مما يؤدي إلى حدوث مد مرتفع آخر. يحدث المد المنخفض على جانبي تلك الاختلافات المائية. ولكن نظراً إلى أن الأرض تدور، لذا فإن المد العالي يصبح مداً منخفضاً مع دوران الأرض.
ويعتقد العلماء، وفقاً لموقع Astronomy للفضاء أنه من دون القمر، سيكون المد والجزر 1/3 من الحجم الحالي الذي نعرفه. كما سيكون المد المرتفع أصغر بكثير مما هو عليه الآن، وفترات حدوث المد والجزر ستكون أقل.
ونظراً لأن الشمس ستؤثر في المد والجزر بصورة أساسية؛ فإن سحب الشمس أضعف، مما يقلل من فرص حدوث المد والجزر.
هل من الممكن أن يختفي القمر؟
سوف يتطلب الأمر جهداً هائلاً لتدمير القمر. على سبيل المثال، إذا اصطدم بالقمر أكبر نيزك معروف لنا اليوم، ويُدعى سيريس، فلن يؤدي الاصطدام إلى تدمير رفيق كوكبنا السماوي.
على مستوى أكثر تفصيلاً، من دون القمر، قد نفقد مصدر إلهام ومعلومات علمية.
يوضح موقع Popular Science أننا محظوظون جداً، لأن لدينا القمر كوجهة سهلة للذهاب إليها، فهو يحفزنا ويعلمنا الكثير عن أصول كوكبنا، وكيف تتشكل الكواكب الأخرى، وكيف انقرضت الديناصورات.
وبالتالي سيكون هناك الكثير من المعلومات التي سنفتقدها. لكن لحسن الحظ، لا يوجد دليل على أن القمر سوف يدمِّر نفسه بنفسه أو يصطدم بأجسام أخرى في أي وقت قريب.