حقنوا المرضى بالملاريا والإنسولين ليدخلوهم في غيبوبة.. أغرب الطرق التي استُخدمت لعلاج الاضطرابات النفسية

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/14 الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/15 الساعة 08:27 بتوقيت غرينتش
أغرب علاجات الاضطرابات النفسية \ Shutter stock

مع تقدّم الطب والعلم وازدياد الوعي في مجالات الصحة المختلفة تغيّرت النظرة العامة للمشاكل العقلية والإدراكية والنفسية، وأصبح هناك اهتمام كبير وأبحاث ودراسات ضخمة لفهم هذه المشاكل وأسبابها، وإيجاد أفضل الطرق لعلاجها والتعامل مع أعراضها.

لكن بالعودة إلى الماضي سنجد أن النظرة للاضطرابات العقلية والنفسية لم تكن متفهمة ومنصفة دائماً، وبسبب عدم فهم الأطباء لهذه الأمراض وأسبابها وعدم وجود التكنولوجيا والأدوات اللازمة لتشخيصها، كانوا يلجأون لطرق غير إنسانية ووحشية وحتى مثيرة للاشمئزاز أحياناً لعلاجها.

صورة تعبيرية \ Shutter stock

الجراحة النفسية لفص الدماغ

الجراحة الفصية هي أحد العلاجات النفسية القليلة، التي بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي، وحصلت على جائزة نوبل، والتي لا تزال تستخدم حتى الآن بشكل نادر، ولكن بشكل أكثر تطوراً.

استخدمت جراحة الفص لعلاج الحالات النفسية، وتخليص المريض من الأوهام والهواجس والتوترات العصبية وما شابه ذلك. وتتضمن استخدام أداة جراحية حادة لقطع الاتصالات العصبية بين الفص الأمامي التي تتحكم في الوظائف الإدراكية العليا، مثل الذاكرة والعواطف ومهارات حل المشاكل.

تضمّنت التجارب الأولى من هذا الإجراء حفر ثقوب في رأس المريض، وحقن الإيثانول في دماغه لتدمير الروابط العصبية.

ثم تطوَّرت لاحقاً لشقّ الفص الجبهي واستخدام أداة جراحية تسمى leucotome.

كانت عملية بضع الفص الصدغي أول علاج نفسي مصمم للتخفيف من المعاناة، عن طريق تعطيل دوائر الدماغ، التي قد تسبب أعراضاً مثل الهواجس والتوترات العصبية، ولكن سرعان ما أدرك الخبراء أن الإجراء لم يكن فعالاً بما يكفي لتبرير مخاطره.

اليوم، نادراً ما يتم إجراء عمليات استئصال الفص، رغم أنها لا تزال قانونية من الناحية الفنية.

إذ يستخدم الجراحون أحياناً نوعاً أكثر دقة من الجراحة النفسية، يتضمن استهداف مناطق معينة من أنسجة المخ وتغييرها، لعلاج اضطراب الوسواس القهري (OCD)، الذي لم يستجب للعلاجات الأخرى.

وقد قاد هذا الإجراء أخصائيي الصحة العقلية إلى البحث عن الروابط بين الإشارات العصبية والأمراض العقلية، واستخدام التحفيز العميق للدماغ، والعلاج بالصدمات الكهربائية بنجاح لعلاج الوسواس القهري الشديد والهوس والاكتئاب الشديد أو المقاوم للعلاج، وفقاً لموقع Psych Central.

صورة تعبيرية \ Shutter stock

إراقة الدماء والقيء لعلاج الاضطرابات النفسية

اعتقد الطبيب اليوناني القديم كلوديوس جالين أن جميع العلل تقريباً تنشأ من خلطات أو مواد غير متوازنة في الجسم. وفي القرن السابع عشر، قام الطبيب الإنجليزي توماس ويليس بتكييف هذا النهج لعلاج الاضطرابات العقلية، بحجة أن العمليات البيوكيميائية الداخلية كانت وراء الاضطرابات النفسية.

ولاستعادة الانسجام بين هذه المواد، كان يقوم الأطباء ببساطة بقطع الوريد وتصريف بعض الدم في وعاء. وفي بعض الحالات تم استخدام العلقات لامتصاص الدم مباشرة من الجلد.

وكان يعتقد أن النزيف وحتى القيء يساعدان في تصحيح تلك الاختلالات والمساعدة في علاج الأمراض الجسدية والعقلية.

ثقب الجمجمة لعلاج "الجنون"

ربما يكون ثقب الجمجمة أحد أقدم أشكال علاج المرض العقلي، والذي ينطوي على فتح ثقب في الجمجمة باستخدام مثقاب أو آلة حادة، ويقدر أن هذه الممارسة تعود لأكثر من 7000 عام.

يعتقد الخبراء أن هذا الإجراء لإزالة جزء صغير من الجمجمة ربما كان يهدف إلى تخفيف الصداع أو المرض العقلي أو الاستحواذ الشيطاني.

ووفقاً لموقع The Reader، كان إحداث ثقب في الجمجمة طريقة معتمدة لعلاج "الجنون"، الذي كان يُعتقد أن كل الأمراض النفسية مثل الفصام والهوس والهلاوس والاضطرابات الحدية والاكتئاب وغيرها من الأمراض النفسية والعقلية، تندرج تحته.

ويعتقد أيضاً أنها كانت عملية جراحية تقليدية تستخدم لعلاج الصرع والصداع والخراجات وتجلط الدم.

وقد توقف هذا الأجراء بحلول القرن الثامن عشر تقريباً إلا في بعض الجزر النائية في المحيط الهادئ والأطلسي، أو في بعض المدن المنعزلة في آسيا وإفريقيا.

صورة لعملية ثقب الجمجمة \ Wikipedia

الصلاة والطقوس الدينية لطرد الأرواح الشريرة 

نظراً لسوء فهم الأسس البيولوجية للمرض العقلي، فقد تم النظر إلى علامات اضطرابات المزاج والفصام وغيرها من المشكلات العقلية على أنها علامات على الاستحواذ الشيطاني في بعض الثقافات.

نتيجة لذلك، تم استخدام الطقوس الصوفية مثل طرد الأرواح الشريرة والصلاة وغيرها من الطقوس الدينية في بعض الأحيان، في محاولة لتخفيف المعاناة التي تسببها هذه الاضطرابات للأفراد وعائلاتهم ومجتمعهم.

العلاج بالجليد والقيود

حتى خلال القرن الثامن عشر لم يكن الأطباء قد فصلوا المرض العقلي والجسدي عن بعضهم البعض بشكل كامل. نتيجة لذلك كانت بعض العلاجات في تلك الأيام عبارة عن مقاربات جسدية بحتة لإنهاء الاضطرابات النفسية وأعراضها.

وأحد هذه العلاجات كانت حمامات الماء المثلج، والقيود الجسدية والعزلة.

كان يُزعم أن العلاج بالماء البارد والجليد يقلل من الإثارة، خاصة لمن يعانون من نوبات الهوس، لذلك كان يتم غمر الناس في الحمام لساعات في كل مرة، أو لفّهم كالمومياوات، ورشهم بكثير من الماء البارد بشكل صادم أثناء الاستحمام.

علاج غيبوبة الإنسولين

تم تقديم علاج غيبوبة الإنسولين في عام 1927، واستمر حتى الستينيات.

كان يضع الأطباء من خلاله المريض عمداً في غيبوبة انخفاض السكر في الدم، لأنهم يعتقدون أن التقلبات الكبيرة في مستويات الإنسولين يمكن أن تغير طريقة عمل الدماغ.

يمكن أن تستمر غيبوبة الإنسولين من ساعة إلى أربع ساعات بعد تلقي المرضى حقنة الإنسولين التي تتسبب في فقدانه للوعي بعد انخفاض نسبة السكر في الدم.

كان من مخاطر هذا العلاج الغيبوبة المطولة وحتى الوفاة التي تراوح معدلها بين 1% و10% وتوقف العلاج خلال الستينيات.

العلاج بالصدمات باستخدام الميترازول

في عام 1934، اكتشف الطبيب المجري لازلو فون ميدونا، أن عقار ميترازول يمكن أن يسبب تشنجات تشبه النوبات لدى المرضى، وبالتالي تصدم أدمغتهم وجسدهم أيضاً. وبدأ بالترويج له على أنه العلاج الواعد للاكتئاب والفصام.

كان يسبب ميترازول تشنجات شديدة عنيفة، لدرجة أنها يمكن أن تسبب، بالمعنى الحرفي للكلمة، كسوراً في الظهر.

وقد أُثبت ذلك في عام 1939، عندما وجدت دراسة بالأشعة السينية في معهد ولاية نيويورك للطب النفسي، أن 43% من المرضى الذين خضعوا للعلاج بالميترازول تعرضوا لكسور في فقراتهم.

ألغت إدارة الأدوية الفيدرالية موافقة استخدام الميترازول في عام 1982، واختفت طريقة علاج الفصام والاكتئاب هذه في الخمسينيات من القرن الماضي.

علاج الأمراض النفسية بالحمى

لاحظ الإغريق القدماء أن فترة الحمى في بعض الأحيان تشفي الأشخاص من أعراض أخرى، ولكن لم يتم استخدام الحمى لمحاولة علاج الأمراض العقلية حتى أواخر القرن التاسع عشر، عندما جرب الطبيب النفسي النمساوي يوليوس واجنر جوريج تحفيز الحمى لدى المصابين بالفصام عن طريق حقنهم بدم ملوث بالملاريا.

أكسبت هذه الطريقة جوريج جائزة نوبل عام 1927 في علم وظائف الأعضاء أو الطب، وهي أول جائزة على الإطلاق تُمنح في مجال الطب النفسي.

وبعد أن اشتهرت هذه الطريقة، بدأت المصحات باستخدامها لعلاج مرضى الفصام والاكتئاب والهوس والهستيريا، وحقنهم بمجموعة متنوعة من الأمراض المسببة للحمى.

الغريب أن بعض المرضى أظهروا تحسينات دراماتيكية في حالتهم العقلية، وأصبحوا يتحدثون بشكل طبيعي.

ولكن كان للحمى الناجمة عن الأمراض معدل وفيات مرتفع، وحوالي 15% من المرضى الذين عولجوا بعلاج الحمى ماتوا من هذا الإجراء، ما أدى إلى التوقف عن استخدامه.

تحميل المزيد