قد يكون سؤال: "ما هو لونك المفضل؟" من أول الأسئلة التي يتعلم الأطفال الإجابة عنها أو تستخدم حتى عند التعرف على صديق جديد.
وبالفعل لكل شخص منا لون مفضل يطغى على اختيارات ملابسه وأشيائه الخاصة وحتى أثاث منزله.
لكن يبدو أن هناك لوناً واحداً يستأثر بحب البشر بشكل كبير وخاصة الرجال، إنه اللون الأزرق. إليكم التفاصيل والتفسيرات المحتملة وفقاً للأبحاث وعلم سيكولوجية الألوان.
دراسة غطت أربع قارات توصلت إلى أن العالم يتفق على حب اللون الأزرق
توصلت سلسلة من الاستطلاعات التي غطت 10 دول عبر أربع قارات قامت بها مؤسسة YouGov الأمريكية عام 2015، إلى أن اللون الأزرق هو اللون المفضل في العالم، وفقاً لموقع صحيفة Independent.
أُجريت استطلاعات الرأي في المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا والصين وهونغ كونغ وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وإندونيسيا، وفي كل منها، تصدر اللون الأزرق القائمة بأعلى النسب.
على سبيل المثال أجمعت نسبة 33% من البريطانيين الذين شملهم الاستطلاع أن الأزرق هو لونهم المفضل، وهو أعلى مستوى من بين جميع البلدان المدرجة. حتى في إندونيسيا، التي حازت على أقل نسبة من محبي اللون، 23%، بقي اللون الأزرق هو رقم 1 بنسبة كبيرة مقارنة بين نسب محبي باقي الألوان.
تعد الشعبية الشاملة للون الأزرق مثيرة للاهتمام، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض البلدان المدرجة في القائمة ترى ألواناً مختلفة على أنها محظوظة أو ميمونة.
على سبيل المثال، في الصين، تعتبر الألوان مثل الأخضر والأحمر والأصفر والأبيض والأسود جميعها مهمة، حيث ترتبط بالعناصر الخمسة التقليدية للخشب والنار والأرض والمعدن والماء.
ومع ذلك، قال أكثر من ربع المشاركين في الصين إن اللون المفضل لديهم هو الأزرق، أكثر من أي لون آخر.
اللون الأزرق مفضل بشكل خاص عند الرجال والأكثر شيوعاً وجاذبية
علاوة على ذلك، وجد عالم الاجتماع بجامعة ميريلاند فيليب كوهين ارتباطاً بنسبة 78% بين الإجابات التي قدمها الرجال والنساء عند سؤالهم عن لونهم المفضل بعد استطلاع شمل آراء 2000 شخص عام 2012.
كان الخيار الأفضل لكلا الجنسين هو اللون الأزرق، مع اللون الأخضر في المرتبة الثانية بشكل عام. ولكن كان هناك فارق آخر وهو أن نسبة الرجال الذين يفضلون اللون الأزرق وصلت إلى 42% بينما كانت نسبة النساء 29%.
كما تتسرب هذه الجاذبية للون الأزرق أيضاً إلى ذوق الأشخاص، فقد وجد استطلاع أن الأمريكيين يفضلون بشكل كبير رؤية لوحات المناظر الخارجية بنسبة 88%، والتي تعبر عن أشياء مثل البحيرات والأنهار والمحيطات بنسبة (49%) والغابات بنسبة (19%)، أي الكثير من ظلال الأزرق والأخضر.
وفي دراسة مشهورة عام 2003 استطلعت آراء أشخاص من 22 دولة، وجد الباحث الأمريكي جو هالوك أن اللون الأزرق هو اللون الأكثر شيوعاً بشكل عام.
علاوة على ذلك، لم يتم اختيار اللون الأزرق مطلقاً على أنه اللون الأقل تفضيلاً من قبل الأشخاص في دراسة هالوك، مما يشير إلى أنه حتى لو اعتبر الناس الألوان الأخرى أكثر جاذبية من اللون الأزرق، فإنهم لم يجدوا اللون الأزرق غير جذاب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا غزا اللون الأزرق العالم؟
هناك الكثير من التفسيرات وراء كيفية تفاعلنا مع الألوان وتفضيلنا لبعضها، لكن جوهرها ينبع من فكرة أن الألوان تحمل معنى بالنسبة لنا، وهذا المعنى يمكن أن يكون فطرياً أو مكتسباً.
في كلتا الحالتين، يمكن أن تجعلنا هذه الألوان نتصرف بطرق معينة اعتماداً على السياقات التي نتواجد فيها، مما يؤدي إلى تفضيل بعض الأشياء، والميل إلى القيام بأشياء معينة أو التفاعل بطرق معينة وفقاً للألوان التي نراها.
وقد يكون المكان الأكبر الذي يمتلئ باللون الأزرق هو الإنترنت، إذ إن أكثر المواقع الإلكترونية شهرة في العالم تعتمده مثل فيسبوك وتويتر ووردبريس وحتى جوجل وأمازون.
وقد يعود السبب لاستخدام اللون الأزرق في هذه المواقع إلى أنه وفقاً لسيكولوجية الألوان فإن الأزرق يمثل التواصل الواضح والمنطق والموثوقية؛ لذلك تستخدمه العديد من الشركات في الدعاية والتسويق.
علاوة على ذلك، يظهر اللون الأزرق على أنه أحد أفضل ظلال الألوان مبيعاً للتصميم الداخلي والهندسة المعمارية.
ووفقاً لنتائج دراسة هالوك التي ذكرناها سابقاً، فإن السبب هو أن اللون الأزرق يتميز بخاصية أنه لا يبدو رخيصاً لأي شخص تقريباً.
كما أن للون الأزرق تأثيراً صحياً وطبياً؛ فقد اقترحت دراسة تمت عام 2018 شاركها موقع Sciencedaily، أن الألوان الزرقاء الفاتحة تميل إلى خفض ضغط الدم عند التعرض لها كوسيلة علاجية. وقد يفسر ذلك أيضاً شعورنا بالهدوء حول الممرضات والأطباء الذين يرتدون اللون الأزرق الفاتح.
وقد يكون هذا أيضاً سبب طلاء العيادات والمستشفيات أحياناً للجدران باللون الأزرق الفاتح.
كما يرتبط الأزرق الفاتح بالانفتاح والسلام ويعطي شعوراً بالطمأنينة؛ إذ إن الرمز العالمي للسلام، المستخدم في كل لافتة تقريباً ليوم السلام العالمي، هو عبارة عن حمامة بيضاء تحمل فرعاً صغيراً أمام خلفية زرقاء فاتحة.