كان جوني ديب أحد الممثلين الأعلى أجراً في العالم على مدار سنوات طويلة، ويُعتقد وفقاً لمجلات المشاهير العالمية أن صافي ثروته الإجمالية بلغ 650 مليون دولار في وقتٍ ما.
ومع ذلك، وقبل فوزه في قضيته ضد آمبر هيرد التي شاهدها العالم، تُقدر ثروته بنحو 150 مليون دولار أمريكي لا أكثر.
على الرغم من أن هذا لا يزال ثروة طائلة، فمن المعروف أن نجم قراصنة الكاريبي ينفق بشكل تعسفي، ولم يتوقف السلوك عند هذا الحد، بل يقول مراقبون إن النجم الأمريكي لديه نزعة إلى التدمير الذاتي وارتكاب الأخطاء المالية الفادحة.
إذن كيف كان سلوك جوني ديب قبل أن تعيده تلك القضية للأضواء والجدل؟ ولماذا خسر الكثير من النجومية والثروة نتيجة لسلوكه وتدهور حالته النفسية؟
الإسراف البالغ فتك بمعظم ثروته تقريباً
أنفق النجم الهوليوودي الشهير جوني ديب على كل شيء تقريباً في سنواته الأخيرة، بدايةً من الهدايا الباهظة لآمبر هيرد إلى شراء جُزُر لنفسه في يوم مولده.
الظاهرة لفتت بطبيعة الحال أنظار الصحف والمجلات الفنية، وقد حاول ديب الدفاع عن إنفاقه في الماضي، وقال في تصريحات إعلامية عام 2017: "هذه أموالي الشخصية. إذا كنت أرغب في شراء 15.000 كرة قطن في اليوم، فهذا شيء يخصني".
النجم الأعلى أجراً في هوليوود
قطع ديب شوطاً طويلاً منذ ظهوره الأول في فيلم الرعب Nightmare on Elm Street عام 1984، بعدها اندلعت شهرته كالنار في الهشيم بعد فيلم Tim Burton's Edward Scissorhands.
وبصفته أيقونة المراهقين في ذلك الوقت، كان جوني ديب يكسب 45.000 دولار أمريكي لكل حلقة من عرض Jump Street خلال عام 1987.
كل ذلك لا يضاهي شيئاً بعد أن حازَ النجم امتيازَ بطولة سلسلة Pirates of the Caribbean، فكان راتبه الأساسي للأفلام أكثر من 20 مليون دولار أمريكي.
وبحسب ما ورد بمجلة Fandom Wire، حصل على إجمالي 300 مليون دولار أمريكي لظهوره في 5 من أفلام القراصنة الشهيرة، كما تلقى 68 مليون دولار أمريكي مقابل لعبه دور صاحب القبعة المجنون في فيلم "أليس في بلاد العجائب".
وعلى الرغم من رفضه دوراً في فيلم Fantastic Beasts عام 2020، فإنه حصل على 16 مليون دولار بعد تصوير مشهد واحد فقط من الفيلم.
الأعلى أجراً والأكثر إنفاقاً أيضاً
رفعت مجموعة TMG لإدارة الأعمال دعوى قضائية ضده بعد أن تنازل عن عقده معهم، قبل أن يساوم الممثل في 2018 على التنازل مقابل مبلغ مالي دفعه للشركة لم يُكشف عنه حتى اليوم.
كما منح جوني ديب طليقته آمبر هيرد 7 ملايين دولار أمريكي في تسوية الطلاق.
وفي عام 2020، رفع دعوى قضائية ضد صحيفة التابلويد البريطانية The Sun بتهمة التشهير، لكنه خسر القضية وأُمر بدفع 840.000 دولار أمريكي قيمة الرسوم القانونية للقضية.
وصرحت TMG- التي أدارت شؤون جوني ديب المالية بين عامَي 1999 و2016- بأن الممثل فجَّر ثروته من خلال إنفاق مليونَي دولار أمريكي شهرياً على أسلوب حياته الفائق.
وفي عام 2017، أطلقت صحيفة Hollywood Reporter الفنية على جوني ديب لقب "نجم في أزمة"، بعد أن كشفت عن إنفاقه معظم ثروته البالغة 650 مليون دولار في السنوات الـ13 السابقة.
وُصف ديب بأنه "خارج عن السيطرة" لإهداره أمواله على عمليات شراء باهظة وغير منطقية، وصفها البعض بأنها "وصفة سحرية لتدمير الذات"، بما في ذلك إنفاق أكثر من 5 ملايين دولار أمريكي لشراء ثلاث جُزُر من جزر الباهاما بالبحر الكاريبي عام 2004.
"الكثير من الكحول وقرارات الإنفاق الخاطئة"
ذكرت المجلة أيضاً أن جوني ديب دفع 300 ألف دولار أمريكي شهرياً، بما يزيد على 36 مليون دولار أمريكي سنوياً كمرتبات لـ40 موظفاً لديه بدوام كامل، علاوة على 30 ألف دولار أمريكي شهرياً على النبيذ.
في عام 2018، قال ديب لصحيفة Rolling Stone الفنية: "إنه لأمر مهين أن أقول إنني أنفقت 30 ألف دولار أمريكي على النبيذ؛ لأنه كان أكثر من ذلك بكثير".
كما اشتهر الممثل بإنفاق الملايين على عملية إطلاق رماد صديقه Hunter S Thompson المتوفَّى عام 2005، من مدفعٍ تم رفعه فوق برج يبلغ ارتفاعه 153 قدماً؛ تكريماً لذكراه.
وصرح في مقابلات إعلامية بأنه أنفق 5 ملايين على تلك الفكرة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتصدَّر فيها إنفاق ديب عناوين الصحف؛ فقد تورط جوني ديب أيضاً في معركة قانونية مع مستشاريه الماليين، ألقى خلالها باللوم على مديري أعماله السابقين بسبب مشاكله المالية، بعد أن ادعى أنهم مدينون له بـ25 مليون دولار؛ بسبب "سوء إدارة جسيم" لأمواله.
في حين اتُّهم ديب في المقابل بأنه يعيش أسلوب حياة مبهرجاً للغاية، بما في ذلك إنفاق 75 مليون دولار على 14 منزلاً ضمن أملاكه، وامتلاك 45 سيارة فاخرة وطائرة خاصة ويخت فاره، الأمر الذي يكلفه 10 ملايين دولار سنوياً، بحسب مجلة Harpers Bazaar.
"دوامة" الإدمان ونسيان الأدوار!
زعم مدير أمواله السابق كذلك أن جوني ديب كان ينفق كل شهر 100.000 دولار أمريكي على طبيب إدمان، بعد أن تورَّط في إدمان الكوكايين، و200.000 دولار أمريكي على السفر بالطائرة الخاصة.
وبحسب صحيفة The Guardian البريطانية، يُزعم نتيجة تداعيات صحته بسبب الإسراف في تناول الكحول والمخدرات التي جعلته يفقد الوعي والإدراك معظم الوقت، أنه كان يدفع لمهندس صوت 100.000 دولار أمريكي سنوياً؛ لكي يلقنه كلمات الأدوار أثناء التمثيل في بعض المناسبات.
كما أنفق ديب 10.000 دولار أمريكي في اليوم (1.8 مليون دولار أمريكي سنوياً) على الأمن فقط. وبعد زواجه من آمبر هيرد في 2015، عُرف بهداياه الباهظة لها حينما ابتاع لها سيارة فورد موستانغ، وكتاباً أصلياً للكاتب الأمريكي إرنست همنغواي.
بداية الانهيار قبل قضية آمبر
قد يكون صانعو القرار في هوليوود أقل تسامحاً مع هذا التدهور في حياة النجم، خاصة مع انكشاف أزمة جوني ديب مع المخدرات من الكوكايين والكحول والزاناكس والفطر السحري وحبوب الإكستاسي.
حتى إن ديب كان يقترض ما يزيد على 20 مليون دولار مقدماً عن أدواره من الاستوديوهات الكبرى المملوكة لعمالقة وسائل الإعلام، مما ضرب شهرته في مقتل، وجعله يفقد ترشيحات الأدوار، ولا يتلقى أية عروض.
وأثناء تصوير فيلم Pirates of the Caribbean: Dead Men Tell No Tales في أستراليا عام 2017، ابتلع ديب 8 حبات من الإكستاسي -أو حبوب النشوة- على مرة واحد، وفقاً لشهادة وردت في القضية التي رفعها ضد آمبر هيرد في المملكة المتحدة.
وبلغت تداعيات أزمته مع زوجته ذروتها بقطع طرف إصبعه خلال ذلك العام؛ مما أدى إلى ترك الفيلم وسفره إلى لوس أنجلوس لإجراء عملية جراحية.
اضطر فيلم القراصنة، آنذاك، لإيقاف الإنتاج لمدة أسبوعين؛ مما كلف الاستوديو حوالي 350 ألف دولار في اليوم الواحد. وحينها ادَّعى ديب أن هيرد ألقت زجاجة من الكحول عليه؛ مما أدى إلى إصابة إصبعه.
يقول إريك شيفر، ممثل العلاقات العامة للمشاهير في الأزمات: "لقد عانى جوني ديب من (مذبحة جسيمة) لسُمعته بعد مجموعة متهورة من الخيارات التي تركته في حالة من الوحل التعفني".
التضامن العالمي مع النجم الضحية يعيد إليه "الزخم"
بعد أن انحازت هيئة المحلفين الأمريكية بغالبيتها إلى جانب جوني ديب في معركته ضد التشهير أمام طليقته آمبر هيرد، قال الممثل مبتهجاً يوم الأربعاء 1 يونيو/حزيران 2022 إن هيئة المحلفين "أعادت لي حياتي".
وقد حصل جوني ديب على أكثر من 10 ملايين دولار كتعويض عن التشهير، على عكس 2 مليون دولار فقط لزوجته السابقة، التي رفعت دعوى مضادة.
وبعد هذا الزخم والتناول الإعلامي الكبير لقرصان الكاريبي المثير للجدل، هل يمكن أن يساعد الحُكم جوني ديب على إعادة إحياء مسيرته المتدهورة؟