هل سهرت لوقت متأخر من الليل في العمل على مشروعك الخاص أو لمذاكرة ما تراكم عليك من دراسة، أو حتى لكونك أباً أو أماً جديدةً وتعاني مع جدول نوم طفلك الرضيع المقلوب رأساً على عقب؟
أحياناً تدفعنا مشاغل الحياة والالتزامات اليومية للسهر وعدم الحصول على القسط اليومي الكافي من النوم العميق كل ليلة. لكن ما قد تجهله هو أن حصولك على قسط لا يتجاوز 5 ساعات من النوم كل ليلة هو وصفة سحرية طويلة المدى لتدمير جسمك وقدراتك العقلية على حد سواء.
وفقاً لدراسة أجريت عام 2018 على أكثر من 10000 شخص بحسب موقع Academic للأبحاث العلمية، تنخفض قدرة الجسم على العمل إذا لم يكن النوم كل ليلة يتراوح بين 7 و8 ساعات متصلة.
وقد وجد الباحثون أن المهارات اللفظية، ومهارات التفكير، والقدرة العامة على التفكير لدى من ينامون لفترات أقصر من ذلك، ما بين 4 و5 ساعات كل ليلة، لم تكن بكامل طاقتها وقدراتها.
ما هو قدر النوم الذي يحتاج إليه الجسم يومياً؟
يختلف مقدار النوم المطلوب لكل ليلة من شخص لآخر. قد يشعر جسمك بالراحة الكاملة بعد 8 ساعات، بينما قد يحتاج صديقك إلى 10 ساعات كاملة لكي يشعر بالتركيز والانتعاش.
ولكن بالنسبة للبالغين بشكل عام، توصي مؤسسة النوم الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية بالحصول على 7 ساعات أو أكثر من النوم كل ليلة للتعافي تماماً من إجهاد النهار.
وبشكل أكثر تفصيلاً تحتاج كل فئة عمرية لقسط معين من النوم، مثل:
- البالغين 65 وما فوق: من 7 إلى 8 ساعات.
- البالغين من 26 إلى 64 سنة: من 7 إلى 9 ساعات.
- البالغين من 18 إلى 25: من 7 إلى 9 ساعات.
- المراهقين: من 8 إلى 10 ساعات.
- الأطفال في سن المدرسة: من 9 إلى 11 ساعة.
- مرحلة ما قبل المدرسة: من 10 إلى 13 ساعة.
- الأطفال الصغار: 11-14 ساعة.
- الرضع: من 12 إلى 15 ساعة.
- حديثي الولادة: من 14 إلى 17 ساعة.
يعتمد مقدار النوم الذي تحتاجه بالضبط على إيقاعك اليومي، أو الساعة البيولوجية الداخلية التي تخبرك أن الوقت قد حان للنوم أو الاستيقاظ.
وعادة ما تعتمد إيقاعات الساعة البيولوجية على نسبة إفراز المواد الكيميائية للنوم في جسمك، مثل الميلاتونين، علاوة على العوامل البيئية، مثل الضوء والظلام.
ما هي أعراض قلة النوم؟
تشمل الأعراض المباشرة للحرمان من النوم ما يلي بحسب موقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية:
- النعاس المفرط.
- التثاؤب المتكرر.
- قلة التركيز.
- التهيج وسرعة العصبية.
- التعب أثناء النهار.
- النسيان المتكرر.
- القلق والتوتر.
وعادة ما تزداد الأعراض سوءاً كلما طالت مدة بقائك بدون نوم كافٍ. وقد تعاني حتى من الهلوسة إذا واصلت الحصول على قسط قليل من الراحة كل ليلة.
المخاطر الصحية من قلة النوم
هناك عدد من المخاطر الصحية المرتبطة بالحرمان من النوم، وعادة ما يعانيها الأشخاص الذين يحرصون على عدم تخطي قسط النوم 5 ساعات كل ليلة، وتشمل الآتي:
1- إصابة الشخص بأعراض الشيخوخة المبكرة. كشفت دراسة أجريت عام 2018 ونُشرت بمجلة Oxford Academic، على آثار الحرمان الشديد من النوم (من أربع إلى خمس ساعات في الليلة)، أن النوم بتلك الجرعة المحدودة لمدة طويلة أدى إلى انخفاض القدرة على التفكير والتركيز يعادل إضافة ما يقرب من ثماني سنوات في العمر على سن الشخص. ما يعني أنه يعجل من فرص الإصابة بالشيخوخة المبكرة.
2- خطر الإصابة بمرض السكري. وجدت دراسة أجريت عام 2005 ونُشرت بمجلة Jama للأبحاث الطبية، أن النوم لفترات قصيرة جداً (6 ساعات أو أقل) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري. كما ارتبط النوم لفترات طويلة (9 ساعات أو أكثر) أيضاً بهذا الخطر المتزايد.
3- مخاطر الموت المبكر. وجدت مراجعة لعدد من الدراسات عام 2010، أن النوم القليل جداً في الليل يزيد من خطر الموت المبكر بشكل عام نتيجة تدهور الوضع الصحي للشخص.
4- خطر الإصابة بسكتة دماغية أو أمراض القلب. وجدت مراجعة عام 2011 لـ15 دراسة أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 7 ساعات في الليلة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض القلب من الأشخاص الذين ينامون 7 إلى 8 ساعات كل ليلة.
حتى وإن شعرت باليقظة.. 5 ساعات تؤذيك تدريجياً
النوم بمجرد أن تلمس رأسك الوسادة يجعلك تعتقد أنك تنام "جيداً". وقد تشعر بالنعاس المعتدل أثناء النهار وتلقي باللوم على عدم حصولك على ما يكفي من القهوة هذا الصباح، لكن الحقيقة مختلفة.
إذ قد يشير النوم على الفور ما أن تستلقي في فراشك إلى الحرمان الشديد من النوم. في هذه الأثناء، ما تشعر به على أنه إحساس معتدل بالنعاس هو في الواقع إشارة تحذير أخرى لتراكم ديون النوم الهائلة.
في الواقع، وجد ويليام ديمينت، أحد مؤسسي مجال طب النوم، أن "النعاس هو تنبيه وعلامة تحذير"، وفقاً لموقع The Greatist للمنوعات.
حتى لو كنت تشعر بتعب طفيف خلال النهار فقط، فهذا في الواقع مؤشر على أن جسمك يعاني بالفعل من الحرمان من النوم ويحتاج للمزيد من ساعات النوم العميق كل ليلة.
دماغك وجسمك يخدعانك
كبشرٍ، قد نتكيف بيولوجياً بعد بضع ليالٍ من قلة النوم. قد تعتقد أنك تبلي بلاءً حسناً، لكن في الواقع، أداؤك وكفاءتك في تراجع مستمر.
سبب آخر قد يجعلك لا تشعر بالتعب بشكل خاص بعد ليلة أو عدة ليال من قلة النوم، هو ارتفاع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر الذي يعزز اليقظة) في اليوم التالي.
علاوة على ذلك، يشير موقع Rise Science لأبحاث النوم، إلى أن إيقاعك اليومي (أي ساعة جسمك الداخلية التي تحدد ذروتها وتراجعها على مدار اليوم) لا تزال مستمرة في الخلفية.
وقد تسمح لك مستويات التوتر المرتفعة المقترنة بذروة الطاقة اليومية لديك بالاستمرار (وإن لم تكن في أفضل حالاتك) حتى عندما تكون محروماً من النوم بشكل كبير.
لذا إن كنت تعتقد أنه بالسهر وتقليل ساعات النوم كل ليلة فأنت توفر الوقت لإنجاز المهام الأخرى، فكر مجدداً. جودة هذا الوقت لن تساعدك في أدائها على أكمل وجه على أية حال، وقد تساهم في إصابتك بالأمراض والشيخوخة وحتى خطر الموت المبكر.