رابط مفاجئ بين فن “المانجا اليابانية” والإسلام.. فهل يُسهم في زيادة نسبة الشباب المسلمين باليابان؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/27 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/27 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
shutterstock المانجا اليابانية

انتشر الإسلام في العديد من المناطق في شرق آسيا، لكن عندما نتحدث عن اليابان لا يتبادر إلى أذهاننا الوجود التاريخي للإسلام في هذه الدولة، مع ذلك تصاعدت وتيرة هجرة المسلمين إلى اليابان في العصر الحديث، كما تحوَّل عدد من اليابانيين إلى الإسلام؛ ليصبح عدد المسلمين هناك قرابة 230 ألفاً. على الرغم من ذلك، يعتقد بعض اليابانيين أن الإسلام غريب على التاريخ والثقافة اليابانية، لكن للأكاديمي الياباني ناوكي ياماموتو رأي آخر؛ إذ يعتقد أننا نستطيع ملاحظة انعكاسات لتعاليم الإسلام في العديد من التقاليد الثقافية اليابانية، ولعل المانجا أبرزها.

ما هي المانجا اليابانية، وما علاقتها بالإسلام؟

قد تعتقد أن المانجا ما هي إلا ثورة حديثة في عالم القصص المصورة، ومن غير المنطقي أن يكون هناك جسر يصل ما بينها وما بين التاريخ الإسلامي، إلا أن هذا الاعتقاد ليس دقيقاً تماماً لسببين:

الأول: لأن المانجا فن انتشر في اليابان منذ القديم، ولم يكن في بداياته على الشكل الذي نراه في الوقت الحالي.

الثاني: لأن العديد من الباحثين في هذا المجال يجادلون بأن المانجا قد تكون الطريقة الأمثل لتعليم اليابانيين وخاصة جيل الشباب تعاليم الإسلام، ويعتبر ياماموتو واحداً من أولئك الباحثين؛ إذ يعمل في جامعة مرمرة في إسطنبول على مشروع بعنوان: "مقدمة إلى الصوفية من خلال المفاهيم الأساسية للمانجا".

shutterstock\ المانجا اليابانية
shutterstock\ المانجا اليابانية

دعونا نغوص أكثر في تاريخ المانجا

كما هو معلوم، فإن كلمة مانجا في وقتنا الحالي تشير الكتب والروايات المصورة. وفي حين أن أشكال أبطال قصص المانجا قد تطورت للغاية منذ القرن التاسع عشر حتى الآن، إلا أن أصول هذا الفن تعود إلى القرن الثاني عشر في واقع الأمر، ويرتبط بشدة بالأفكار الدينية والتعاليم الروحية، إذ لم يكن الترفيه هو الهدف من إصدار رسوم المانجا.

بدأ ظهور المانجا في اليابان في القرن الثاني عشر عندما أنشأ الرهبان البوذيون لفائف "إيماكي" أو النصوص المصورة، التي ناقشت قضايا مثل الروحانيات والسياسة.

أما مصطلح "مانجا" فلم يطلق على الرسوم المصورة حتى القرن الثامن عشر، وذلك من قِبَل الفنان الياباني كاتسوشيكا هوكوساي، ومانجا مصطلح مؤلف من كلمتي "مان" وتعني "غريب الأطوار" و"غا" وتعني "صور".

مع ذلك لم تكن صور ورسومات هوكوساي غريبة الأطوار على الإطلاق، فهو صاحب لوحة الموجة العملاقة الشهيرة والتي تحمل اسم The Great Wave of Kanagawa، وهي واحدة من أكثر اللوحات شهرة في العالم.

كذلك أنتج هوكوساي الآلاف من صور المانجا المجموعة في 15 مجلداً، إذ تم نشرها للمرة الأولى في عام 1814.

وقد تأثر الأوروبيون بأسلوب هوكوساي، عندما انفتحت اليابان على بقية العالم في القرن التاسع عشر، وألهم الفن الياباني العديد من الرسامين الأوروبيين مثل فان جوخ ومونيه ومانيه لينتشر اتجاه فني جديد يعكس التأثير الياباني عرف باسم Japonisme.

shutterstock\ المانجا اليابانية
shutterstock\ المانجا اليابانية

المانجا والإسلام

التأثير الفني الياباني وصل أيضاً إلى الدولة العثمانية، وراح الرسامون العثمانيون يبتكرون نسخهم الخاصة من هذا الفن.

مع العلم أن العالم الإسلامي كان معتاداً في وقت سابق على فكرة سرد الحكايا عن طريق الرسومات والصور، إذ كان لدى الفرس والهنود والمغول منمنمات ورسومات شبيهة بفنون المانجا اليابانية.

فقد انتشرت رواية القصص المصورة من قِبَل المغول الذين تحولوا إلى الإسلام في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وتطور هذا النوع من السرد القصصي في أجزاء مختلفة من الشرق الأقصى، لكن انتقاده في بعض الدوائر المحافظة في المجتمعات الإسلامية لتصويره البشر في لوحات أدى إلى ندرته في نهاية المطاف.

ومع ذلك، بقي سرد القصص المرئية طريقة شائعة لنقل التعاليم الدينية عند الصوفية في الإسلام وكذلك عند طوائف دينية مختلفة في اليابان، فقد كانت المانجا وسيلة لجذب المريدين الجدد إلى هذه الأديان، ومن هنا يعتقد الباحثون أنها قد تكون الوسيلة الأمثل في العصر الحالي لتثقيف الشباب الياباني حول الإسلام، وفقاً لما ورد في موقع Middle East Eye.

الدين مقابل الفطرة اليابانية

وفقًا لجوليون باراكا توماس، الخبير في المانجا ومؤلف كتاب "المانجا والأنيمي والدين في اليابان المعاصرة" فإن الأديان اليابانية التقليدية مثل البوذية والشنتوية وحتى الكونفوشيوسية قد نقلت عن طريق المانجا العديد من المفاهيم اليابانية حول مجموعة من القضايا مثل الحياة والموت والأخلاق وعلم الكونيات.

ولا ينظر إلى هذه المفاهيم على أنها جزء من الدين بقدر ما ينظر إليها على أنها "جوشيكي" أو "فطرة يابانية".

وغالباً ما وُصفت أعمال مخرج الرسوم المتحركة الشهير هاياو ميازاكي بأنها تتضمن عناصر دينية من "الشينتو" بما في ذلك صور للآلهة، إلا أن مؤسس استوديو غيبيلي يرفض هذا الادعاء ويقول إنه لا يصور الدين في أعماله إنما يعكس "الطابع الياباني".

هل يمكن إدخال القيم الإسلامية بنفس الطريقة؟

يعتقد الأكاديمي الياباني ناوكي ياماموتو أنه يمكن استخدام المانجا أيضاً لنقل الأفكار الإسلامية، كما تم استخدامها من قبل لنقل أشكال أخرى من التعاليم الدينية، ويجادل أن هذه الطريقة ستلقى أصداء إيجابية لدى الناس الذين تشكل القصص المصورة جزءاً من ثقافتهم.

ويعتقد ياماموتو أن السبب في شعبية قصص المانجا مثل قصة "ناروتو" على سبيل المثال لا ترد إلى نوع شخصيات النينجا أو الساموراي التي تتضمنها القصة فقط إنما ترد كذلك إلى التعاليم الروحية التي تعكسها القصة.

ويضيف العالم الإسلامي الذي سبق وأنتج ترجمة يابانية للقرآن، البروفيسور توشيهيكو إيزوتسو، أن هذه الفكرة ليست مجرد افتراض تأملي، فالقيم المشتركة بين الإسلام، وخاصة الصوفية مع الطاوية والشنتوية، وفيرة، واليابانيون معتادون على استقبال مفاهيم الشنتوية والطاوية ورموزهما في العديد من قصص المانجا المفضلة لديهم.

إذ تركز قصص مثل "ناروتو" مثلاً على أبطال يخوضون رحلة أخلاقية للاكتشاف والتطوير، حيث يتم توجيههم من قبل المعلمين والحكماء، ونتيجة لذلك، يجدون معنى للحياة يتجاوز عالمنا المادي البسيط. هذا الرفض الضمني للمادة له نظير في الصوفية، والتي تشجع بالمثل على الابتعاد عن "الدنيوية" والتركيز على تهذيب النفس وتعليمها.

علاقة "السيد والطالب"، تعتبر تشابهاً آخر بين مضمون قصص المانجا الشهيرة والصوفية التي تركز على علاقة المعلم بمريديه، وهي علاقة نجدها أيضاً في القصة القرآنية التي تروي حكاية النبي موسى والخضر.  

هناك أيضاً مفاهيم عديدة مشتركة ما بين التعاليم الإسلامية ومضمون قصص المانجا مثل التوبة وروح الجماعة والدعوة إلى العمل.  

تحميل المزيد