تمسك هاتفك وتبدأ التصفح، عنواناً تلو الآخر، ثم تعليقات، ثم صور وتدخل في دوامة من الأخبار اللامتناهية والتي إما تسرق النوم من عينيك أو ترفع مستويات التوتر فيغلي الدم في عروقك. تخيل العيش داخل كواليس صناعة هذه الدوامة.
يتبادل العاملون في مجال الصحافة على سبيل المزاح أن مهنة "نقل الأخبار تقصّر الأعمار"، وهو ما ثبتت صحته فعلاً لناحية تأثيرها على الصحة النفسية للمتلقين وصانعي المحتوى، على حد سواء.
بدورها قالت الأستاذة المساعدة في جامعة كاليفورنيا دانا روز جارفين، والتي تدرس كيفية تأثير الصدمة على الصحة الجسدية والعقلية لموقع Self: "نعلم من أبحاث كثيرة أن المستويات العالية من التعرض لوسائل الإعلام، خاصة عندما يكون متكرراً، تميل إلى الارتباط بالضيق النفسي".
ورقة بحثية نُشرت عام 2020 في مجلة Health Psychology التابعة للجمعية الأمريكية لعلم النفس أظهرت هذا التأثير، حيث ربطت زيادة التعرض لوسائل الإعلام في أعقاب الأحداث المأساوية (مثل 11 سبتمبر/أيلول أو العنف الجماعي) إلى ضائقة نفسية أعلى بالإضافة إلى انعكاسات جسدية سلبية.
إذاً يطرح سؤال نفسه: كيف نتعامل مع الأخبار خلال أوقات التغطية الإعلامية المتزايدة، وعندما تصبح عناوين الأخبار حديث الجميع؟ كيف نحقق التوازن بين الاطلاع والمشاركة من ناحية، والاعتناء بأنفسنا عقلياً وعاطفياً من ناحية أخرى؟
لا توجد إجابات بسيطة، ولكن هناك الكثير من النصائح التي تساعد على كبح جماح العواطف.
التعامل مع ضغط التغطيات الإعلامية
نستعرض في ما يلي 10 نصائح للتعامل مع التغطيات الإخبارية المستنزفة نفسياً:
1. امنح جسمك الطعام والماء اللذين يحتاجهما
من أساسيات الرعاية الذاتية التي يمكن أن تُهمل بسهولة عندما تنغمس تماماً في التغطية الإعلامية هي التغذية والماء، وعدم الاهتمام بهما يمكن أن يضع ضغطاً إضافياً على جسمك، وبالتالي على صحتك العقلية. لذا احرص على تغذية الجسم بما يحتاجه.
2. الراحة ثم الراحة
النوم حاجة أساسية أخرى، وعندما لا تتم تلبيتها تؤدي إلى تفاقم عبء التوتر. كلما قل عدد ساعات النوم التي نحصل عليها، كنا أكثر عرضة للقلق والسلبية، وكلما كنت مرتاحاً بشكل أفضل، كنت أفضل تجهيزاً للتعامل مع دورة الأخبار المجهدة.
3. خصص وقتاً للتخلص من التوتر
إلى جانب تلبية احتياجاتك الأساسية، لا بد من البحث عن منافذ تساعد في تبديد أو توجيه الضغط المتزايد الذي غالباً ما يصاحب التغطية الإعلامية المستمرة.
بمعنى آخر، من المفيد ممارسة الرعاية الذاتية والقيام بالأنشطة التي تعزز الشعور بالراحة، ولكل إنسان تفضيلاته وهواياته.
4. المزيد من المعلومات ليس بالضرورة أفضل
خلال المواقف غير المستقرة أو المخيفة أو سريعة التطور، من الطبيعي أن تشعر بالقلق. ومن المفهوم أننا نحاول التعامل مع هذا القلق من خلال البحث عن الراحة واليقين والتحكم من خلال المعلومات.
لكن التفكير في أنه يمكننا اكتساب السيادة على الموقف أو معرفة ما سيحدث في المستقبل عبر قراءة المزيد من التحليلات أو التعليقات أو التغريدات هو أمر خاطئ.
لا يمكن للأخبار أن تجيب عن جميع الأسئلة، لذلك قد يكون من المفيد التركيز على الأشياء التي لديك سلطة عليها، مثل الاعتناء بنفسك، وإعادة تشكيل عادات استهلاك الأخبار الخاصة بك، ومساعدة الآخرين.
5. التزم بمصادرر الأخبار الجديرة بالثقة
تنوع وسائل الإعلام أمر صحي، لكنك لست بحاجة إلى قراءة كل ما يتم عرضه على الإنترنت- خاصة المصادر التي تتعمد الإثارة أو الترويج للخوف أو المعلومات المضللة.
لذا، تمسَّك بعدد قليل من مصادر الأخبار الموثوقة التي تقدم لك الحقائق فقط.
6. الاشتراك في النشرة الإخبارية
تُعد النشرات الإخبارية التي تقدمها العديد من المنافذ الإخبارية، طريقة ملائمة للحصول على ملخص منتظم للتحديثات الرئيسية من مصادر موثوقة.
عندما تصلك الأخبار بطريقة منظمة على أساس ثابت، يمكنك تماماً تجنب البحث اللامتناهي عن الأخبار الجديدة.
7. نظّم منبع الأخبار
إذا كنت ممن يتصفحون التطبيقات بطريقة غير منظمة، يجب إجراء بعض التعديلات المدروسة لتعديل وتحسين العملية.
قد يعني هذا إلغاء متابعة حسابات معينة تؤدي إلى زيادة معدل ضربات قلبك بلا داعٍ، أو تقليل عدد المنافذ الإخبارية والمراسلين الذين تتابعهم.
هناك استراتيجية أخرى تتمثل في إضافة الحسابات التي تقدم محتوى مشجعاً، سواء كانت قصصاً إخبارية إيجابية، أو مقالات مدروسة أو ميمات مضحكة، أو دعم الصحة العقلية.
8. اطلب من شخص موثوق ملخصاً للأخبار
يمكنك تقليل وقت الشاشة ومنح نفسك بضع دقائق من التواصل الاجتماعي المريح، من خلال الحصول على أخبارك من شخص تحبه وتثق به.
9. ضع حدوداً لنفسك
جرِّب قواعد صغيرة وبسيطة لضبط التغطية الإعلامية. على سبيل المثال، قد تجعل الساعة الأولى من الأخبار الصباحية خالية من الأخبار، أو تتحقق فقط من موجز الأخبار، ويمكن أن تجعل غرفة نومك أو طاولة المطبخ منطقة خالية من الأخبار والهاتف الذكي.
10. أوقف الإشعارات
هذه استراتيجية واضحة ولكنها غالباً ما تُستخدم بشكل غير كافٍ، لذا يجب وضع بعض المسافة المادية بينك وبين هاتفك لمساعدتك على مقاومة رغبتك في التحقق من كل إخطار.
هناك تكتيك آخر وهو استخدام الإشعارات بشكل أكثر استراتيجية، مثل تشغيل الإشعارات لشخص واحد أو مصدرين إخباريين محددين وإيقاف تشغيل كل شيء آخر.
وبهذه الطريقة، يمكنك التأكد من أنه سيتم تنبيهك بشأن تحديثات الأخبار المهمة بينما تتفقد هاتفك لتمضية الوقت و"التسكع أونلاين".