تحظى تمارين الحفاظ على اللياقة البدنية بالرواج الواسع والاهتمام الكبير لأسباب وجيهة. فاللياقة وصحة الجسم الجيدة يمكنها أن تقينا فعلاً من حالات صحية مثل أمراض القلب والسكري. كما أنها تساعدك في الحفاظ على صحتك العامة مع تقدمك في العمر.
إلا أن اللياقة العقلية ومستوى لياقة ذهنية متقدم لا يقل أهمية عن اللياقة البدنية، ولا ينبغي إهماله لمجرد أنك لا يمكنك أن تستعرضها أمام الآخرين مثل عضلات البطن المشدودة.
ويمكن أن يساعدك تضمين التمارين العقلية في روتينك اليومي في كسب فوائد عديدة تجعل قدراتك العقلية أكثر براعة وفاعلية، وتواصل التمتع بمزاياك الذهنية بعد سنوات وسنوات من التقدم في السن.
ما هي اللياقة الذهنية؟
تعني اللياقة العقلية أو اللياقة الذهنية الحفاظ على صحة عقلك وصحتك العاطفية بشكل يمكنك من أداء وظائفك الحياتية ببراعة ومرونة.
بالطبع لا يعني ذلك التدريب ضمن "أولمبياد الدماغ" أو النجاح في اختبارات الذكاء. ولكن يشير الأمر إلى سلسلة من التمارين التي تساعدك فيما يلي بحسب موقع Mindful للتأمل والاسترخاء:
- القدرة على تمالك نفسك والاسترخاء عند الحاجة.
- إمكانية تفصيل الأمور وتحليلها وتخفيف الشعور بالضغط.
- التمتُّع بذاكرة جيدة وقدرة على التذكُّر.
اتصال العقل والجسم لبناء لياقة ذهنية متينة
ليس من المستغرب أنه كلما ساعدت جسمك في الشعور بصحة أكبر، ساعدت عقلك أكثر في التمتُع بقدرات ذهنية متطورة.
إذ يزيد النشاط البدني من تدفق الأكسجين إلى العقل، كما يرفع من كمية الإندورفين، وهي المواد الكيميائية "التي تُشعرنا بالرضا"، في الدماغ.
لهذا السبب، ليس من المستغرب أن الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة بدنية جيدة يميلون أيضاً إلى التمتع بمستوى أعلى من سلاسة الحركة الذهنية.
وبحسب موقع Healthline للصحة والطب، يمكن أن يساعدك الانخراط في تمرين بدني قوي في محاربة الاكتئاب واكتساب نظرة أكثر إيجابية للحياة. وهي أيضاً طريقة فعالة للتغلب على التوتر الذي يمكن أن يؤذيك عقلياً وجسدياً.
التمرينات العقلية لها أهمية تمارين الجسم
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences العلمية، يمكن لبعض تمارين الذاكرة أن تزيد "الذكاء السائل"، وهو القدرة على التفكير وحل المشكلات الجديدة.
وبالإضافة إلى أهمية التمارين الجسدية في تعزيز قدرات الدماغ والجسم معاً، كذلك يُعتبر التأمُّل من أهم التمارين التي تحقق فائدة للأمرين في ذات الوقت.
ويُعد التأمل ضمن روتين حياة صحي ومتوازن، طريقة بديلة لعلاج الاكتئاب. وهو يتيح لك تهدئة عقلك وحل مشكلاتك بطريقة أكثر هدوءاً.
فوائد اللياقة العقلية
عندما تذهب إلى الفراش بعد يوم طويل وحافل، قد يبدأ جسمك في الاسترخاء فعلاً، لكن عقلك لا يتمكن من الاسترخاء بالضرورة.
لذلك من الضروري تدريب عقلك على الشعور بالاسترخاء من خلال تمارين التصور والتخيُّل المُحددة.
ونظراً إلى أننا يمكننا غالباً تحقيق إحساس بالهدوء من خلال التصور وتخيُّل مواقف مريحة ومشاهد هادئة، يمكن بممارسة تلك التقنية بطريقة واعية أن تقلل من شعورك بالتوتر في جسمك وعقلك، وتحدي خلايا دماغك العصبية للشعور بالهدوء.
الجانب الذي لا يخضع لنفس السيطرة في عقلك هو المنطقة التي تتحكم في مشاعر الثقة بالنفس والتفاؤل؛ لذلك عندما تفكر في شيء آخر غير مخاوفك اليومية، فإنك تزيد من نشاط الهياكل العصبية لتلك المنطقة من دماغك.
وفي النهاية، يمكن أن يعزز تخيُّل المشاهد المريحة والسيناريوهات الهادئة والمحببة مستوى رفاهيتك العاطفية ويهدئك عقلياً ليحفز استرخاء الجسم والدماغ في آنٍ واحد.
إليك كيف تكتسب اللياقة العقلية بالخطوات
الحفاظ على لياقتك الذهنية ليس بالأمر الصعب مثل الاستعداد لسباق الماراثون، ومع ذلك قد يكون ذلك تشبيهاً جيداً إلى حدٍ ما.
يمكنك إضافة تمارين ذهنية مختلفة إلى العديد من الأنشطة التي تقوم بها بالفعل خلال يومك، والتي من شأنها تحقيق مستوى لياقة ذهنية أفضل، مثل:
- القراءة.
- ممارسة أحلام اليقظة (بشروط).
- إيجاد الفكاهة والإيجابيات في الحياة.
كذلك يمكنك تجربة الأساليب التالية لزيادة لياقتك العقلية:
1- توقف عن ممارسة تعدد المهام
قد تعتقد أن تعديد المهام في الجلسة الواحدة يمكّنك من إنجاز المزيد من الأشياء في وقت قصير، لكنه في الواقع يخلق مشاكل أكثر بكثير من فوائده.
إذ يؤدي التركيز على مهمة واحدة في المرة الواحدة إلى تحسين تركيزك ومساعدتك على أن تكون أكثر إنتاجية، وهو ما يحقق مستوى لياقة ذهنية أفضل في دماغك.
2- كن إيجابياً مع نفسك
التأكيد الإيجابي هو أحد السبل لزيادة الكفاءة العقلية والرخاء الذهني.
ومن خلال ممارسة التوكيدات الأيجابية، أو التحدث إلى نفسك بطريقة مُحببة، يمكنك تقوية المسارات العصبية في الدماغ بطريقة من شأنها رفع ثقتك بنفسك ورفاهيتك ورضاك العام عن الحياة إلى مستوى أعلى.
وللبدء، ضع قائمة بصفاتك الحميدة. ثم ذكّر نفسك أنه ليس عليك أن تكون مثالياً. وضع أهدافاً لما تريد تحسينه وابدأ تدريجياً لتجنُّب الإرهاق.
3- تجربة الأشياء المختلفة
يمكن أن تدفعك التجارب الجديدة أيضاً إلى طريق الحصول على مستوى لياقة ذهنية أفضل. يمكنك إدخال أساليب جديدة في حياتك اليومية بعدة طرق من أصغرها لأكبرها، مثل:
- تجربة الأطعمة الجديدة، وزيارة الأماكن الجديدة.
- تجربة طرق وتقنيات جديدة لإنجاز المهام الروتينية.
- اتخاذ طريق جديدة للذهاب إلى العمل أو الوجهات المعتادة.
- تعلُّم مهارات جديدة ومارسة هوايات جديدة.
وفقاً لجمعية ألزهايمر الأمريكية، تظهر الأبحاث أن الحفاظ على نشاط عقلك بمختلف المهام والأنشطة، يزيد من حيويته ومستوى لياقته الذهنية.
إذ يبدو أن القيام بأشياء جديدة بطرق جديدة يساعد في الحفاظ على خلايا المخ ووصلاته مثلما تحافظ التمارين على قوة العضلات.
حتى إن تلك الممارسة قد تنتج خلايا دماغية جديدة. وبالتالي يمكن أن يساعد الخروج من روتينك ومساحة الراحة الخاصة بك في الحفاظ على صحة عقلك.
4- ألعاب الذكاء واللياقة الذهنية
كذلك تُعد ممارسة الألعاب التي تختبر التفكير وأجزاء أخرى من دماغك هي طرق ممتعة للحفاظ على مهاراتك العقلية وقدراتك الذهنية. ضع في اعتبارك هذه الألعاب: الكلمات المتقاطعة، السودوكو، الألغاز، وألعاب الذاكرة وقوة الملاحظة وسرعة البديهة. إذ تُعد تلك الألعاب طريقة رائعة لبناء عضلات الدماغ.
علاوة على ما سبق، تُعد ألعاب الفيديو سريعة الوتيرة بدورها وسيلة جيدة لتعزيز قدرتك على تعلم مهام جديدة، وفقًا لدراسة في مجلة Current Biology العلمية.
كما وجدت دراسات علمية عديدة أن ألعاب الفيديو قد تزيد من مدى انتباهك، ووقت رد الفعل لديك، والقدرة على تبديل المهام وسرعة الانتباه. يمكنك قراءة المزيد عن فوائد ألعاب الفيديو في هذا التقرير.
5- القراءة ثم القراءة لتحقيق لياقة ذهنية متقدمة
جميعنا يعلم أن القراءة نشاط سحري لعقلك. حتى أثناء قراءة هذه الجملة، فإن عقلك يعالج كل كلمة، ويتذكر المعنى ويكسب الفائدة منه على الفور.
ويلفت موقع Very Well Mind للصحة العقلية أن القراءة تساعدك على تصور الموضوع على الصفحات المعروضة أمامك، وتخيُّل كيف تبدو الأصوات في الحوار المكتوب.
وهي خيار مثالي أيضاً للاسترخاء والشعور بالهدوء. كما تُعد نشاطاً مفيداً من أكثر من ناحية لأنها تؤجج الخيال وتشعل الكثير من أجزاء الدماغ المختلفة في أنٍ واحد.
6- لا تنس أهمية الراحة والاسترخاء
لا يجب أن تستغرق اللياقة العقلية الكثير من وقتك. يمكن أن يساعدك قضاء بضع دقائق في ذلك كل يوم على الشعور بالتحسن والتفكير بشكل أكثر وضوحاً. وتذكر أن الاسترخاء والتخيل لهما نفس الأهمية في التمرين العقلي مثل الأنشطة الأكثر إجهاداً، مثل تمارين الذاكرة أو ممارسة الألعاب.