يعد البُعد عن أجزاء أخرى من العالم والتيارات المتجمدة والقوية ووجود أسماك القرش المفترسة من بعض العقبات التي تجعل الهروب من السجون التي تتواجد في الجزر أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً.
وقد يكون هذا هو سبب اختيار الجزر لبناء السجون منعاً للمجرمين من أي هروب محتمل تكون عاقبته موتهم غرقاً أو اعتقالهم من جديد.
لكن في سبيل نيل حريتهم من جديد والتخلص من حياة السجون الصعبة والقاسية والتي قد تكون أبدية، هناك العديد من قصص الهروب التي حاول فيها السجناء الهرب من سجون موجودة في جزر نائية.
الهروب من أكثر السجون أماناً في أمريكا
كان السجن الفدرالي الأمريكي في جزيرة McNeil موطناً للعديد من أخطر المجرمين في البلاد. وكان من بين نزلائه قطاع الطرق، والمعتلون اجتماعياً، والقتلة، والمحتالون وبعضهم كان من ذائعي الصيت وله شهرة واسعة.
تبلغ مساحة الجزيرة التي يتواجد فيها السجن 17.27 كيلومتر مربع (6.63 ميل مربع) قبالة سواحل تاكوما، واشنطن. والهروب منها يعتبر صعباً، لكنه لم يكن مستحيلاً.
كانت المشكلة الأكبر هي عبور مضيق بوجيه ساوند. على الرغم من أن الجزيرة تقع من الشرق إلى الغرب على طرف مضيق يبعد حوالي ثلاثة أميال من بلدة Steilacoom، إلا أن جانبها الغربي يبعد 700 ياردة فقط عن منطقة Key Peninsula في واشنطن، لكن المياه فيها تكون ضحلة بدرجة كافية للغرق فيها.
على مر السنين، فر ما يصل إلى 100 سجين من السجن نفسه، لكن حوالي عشرين منهم فقط تمكنوا من عبور المضيق. ولقي الآخرون حتفهم بسبب الغرق على الأرجح.
كان روي غاردنر (1884-1940) المعروف بسارق القطارات أحد السجناء الشهيرين في الجزيرة. ووفقاً لمقال نشر في Sky History، فإن أكثر ما يتذكره الناس عنه هو هروبه من جزيرة McNeil، التي كانت تُعتبر "أكثر السجون أماناً في أمريكا في ذلك الوقت".
تضمنت خطته إشراك اثنين من السجناء ليكونوا فخاً وطعماً لرجال الأمن إن تم اكتشاف أمره، وقد أقنعهم أنه يمكنهم الهروب بأمان وتجاوز المضيق من خلال الفرار معاً.
وعند هروبهم أطلق الحراس النار عليهم جميعاً. واستطاع غاردنر فقط الإفلات وحده بعد إصابته بجرح طفيف في ساقه. وعلى الرغم من الإصابة، سبح إلى جزيرة مجاورة وأصبح حراً.
الهروب من جزيرة الشيطان
بأمر من الإمبراطور نابليون الثالث، تم إنشاء السجن الملقب بجزيرة الشيطان في عام 1852. كانت الجزيرة الصغيرة واحدة من مجموعة جزر بالقرب من ساحل غيانا الفرنسية.
وكان يرسل لسجن الجزيرة الجناة من القتلة والمغتصبين، وكذلك السجناء السياسيين. وكانت شروط الحياة صعبة بالنسبة للسجناء فيه، فقد كانوا مقيدين بالسلاسل نهاراً ومقيدين بقضبان حديدية ليلاً، ويعملون من شروق الشمس إلى غروبها في البناء والأعمال الشاقة.
كما كانت الحصص الغذائية فقيرة للغاية لدرجة أن بعض السجناء أصبحوا يشبهون الهياكل العظمية بسبب فقدان الوزن.
لتجنب الأعمال الورقية، غالباً ما سمح الحراس للمشاجرات بين السجناء بالإفلات من العقاب. وكان يتم إلقاء السجين المتوفى في المحيط، ثم يتم قرع جرس لاستدعاء أسماك القرش.
وقال مرشد السجن هيرمان كلارك لموقع News: "لقد كان حقاً جحيماً حياً، لا سيما عندما تدرك أنه من بين 70.000 رجل، مات ثلاثة أرباعهم هنا بسبب المرض والجوع وسوء المعاملة.
كان هناك حالتا هروب ناجحتان فقط من سجن الشيطان، واحدة لكليمانت دوفال، والأخرى لهنري شاريير ورفيقه سيلفان.
دوفال الذي هرب عام 1901، عاش حياته في ملجأ في الولايات المتحدة وكتب قصة هروبه في كتابه الذي نشر بعد وفاته عام (2012) بعنوان "الغضب: مذكرات أناركية للمستعمرة العقابية".
لغز السجناء الثلاثة الذين لم يعرف مصيرهم
وضع جون أنجلين وشقيقه كلارنس وفرانك موريس خطة هروب "بارعة" التفاصيل من سجن جزيرة الكاتراز سيئ السمعة في خليج سان فرانسيسكو ونفذوها على مدى شهر تقريباً في عام 1962.
قام السجناء الثلاثة بنحت رؤوس وهمية ووضعوا عليها شعراً لتبدو وكأنها حقيقية ثم وضعوها على أسرَّتهم بحيث تبدو وكأنها رؤوس الرجال أنفسهم وهم نائمون.
خدعت الحيلة الحراس في البداية، ولكن عند اكتشاف الهروب، تم إغلاق السجن، وبدأ التحقيق واكتشف المحققون، أن السجناء قاموا بحفر ثقوب حول إطار فتحات الهواء في مؤخرة زنازينهم ثم أزالوا هذه الأقسام من جدران زنزاناتهم ودخلوا ردهة الخدمة غير المحروسة التي تمر خلف الزنازين.
سمح لهم الممر بالوصول إلى سطح زنزاناتهم التي كانت داخل مبنى السجن حيث أقاموا "ورشة عمل سرية" صنعوا فيها "أدوات بدائية" من العناصر المتاحة من بينها صنع "منظار" يمكن من خلاله مراقبة الحراس أثناء عملهم ومجاديف وسترة نجاة مؤقتة.
بعد أن دخلوا السطح، قام السجناء بتسلق مداخن مخبز السجن وعبوره ثم صعدوا السياج، وهربوا وأطلقوا طوافهم من الشاطئ الشمالي الشرقي للجزيرة.
على الرغم من كثرة الشائعات حول مكان وجودهم وحياتهم بعد الهروب، إلا أنه حتى يومنا هذا، لا أحد يعرف مصير الهاربين من سجن جزيرة الكاتراز.
سجن يشبه المنتجع لم يهرب منه سوى شخص واحد
كانت جزيرة أسينارا الإيطالية، الممتدة على طول أقصى الطرف الشمالي الغربي لجزيرة سردينيا، موطناً للسجن الإيطالي الشهير فيها "الكاتراز" الذي حبس فيه قاطع الطرق الشهير ماتيو بوي.
لم يكن هذا السجن عادياً من حيث المظهر، فقد كانت جدرانه بيضاء عاكسة لأشعة الشمس الساطعة والأبواب وإطارات النوافذ ذات لون أزرق داكن يحاكي لون السماء الزرقاء، مما يضفي على السجن مظهراً لطيفًا. هذا يجعل السجن يبدو وكأنه منتجع على شاطئ البحر أكثر من كونه مبنى إصلاحياً.
يتكرر نظام الألوان في الداخل: حيث أبواب الزنزانات وإطارات النوافذ الصغيرة فوقها والأرقام المرسومة على الجدران البيضاء بجانب الزنازين، هي نفس اللون الأزرق الداكن مثل إطارات نوافذ الجدران الخارجية للسجن. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يشعرك بأن المكان هو في الحقيقة سجن هو وجود الأقفال والسلاسل.
عرف السجن بأنه شديد الحراسة ولم يهرب منه أحد قط باستثناء قاطع الطرق ماتيو الذي فر من الجزيرة باستخدام قارب مطاطي.
تم إغلاق السجن شديد الحراسة في عام 1998 وهو الآن جزء من حديقة Asinara الوطنية، وهو مكان مفضل لدى السياح الزائرين.
الهروب من السوفييت
كتب فلاديمير ف. تشير نافين، عالم الأسماك، كتابه "أنا أتحدث باسم سجناء السوفييت الصامتين" عام (1935) بعد هروبه من سجن في جزر سولوفيتسكي حيث حُكم عليه لمدة خمس سنوات بعد إدانته، في عام 1931 من خلال الترويج لزيادة الأسعار المتعلقة ببعض "المواد ومعدات الإنتاج" وتهم أخرى غامضة.
كانت رواية نافين عن سجنه مروعة، وكذلك تفاصيل أساليب الاستجواب السوفييتية، والتي تضمنت منع الطعام، والحرمان من النوم، وسحب الامتيازات، والحبس الانفرادي، وجلسات الاستجواب المطولة، والتهديد بالإعدام، والتعذيب.
ولممارسة ضغط إضافي على تشيرنافين للاعتراف بجرائم أخرى، قام السوفييت أيضاً باعتقال وسجن زوجته تاتيانا.
كان تشيرنافين يترأس العديد من المشاريع المتعلقة بالصيد في مواقع مختلفة في روسيا في فترة سجنه، وقام باختيار أحد هذه المواقع بالقرب من المكان الذي كان يخطط للهروب فيه.
كانت تنتظره هناك زوجته تاتيانا التي أفرج عنها من السجن وابنهما. وانطلقت العائلة، كما كتب تشيرنافين في كتابه "في زورق مرقع صنعه بيديه". ثم، بدون بوصلة ولا خريطة، ساروا "فوق الجبال البرية، عبر الغابات والمستنقعات، إلى فنلندا". تؤرخ تاتيانا أيضاً هروبهم بتفصيل أكبر في كتابها عام 1934 "الهروب من السوفييت".