عجائب الدنيا ليست فقط التي نراها فوق الأرض، فهناك الكثير من الأشياء الغريبة والمثيرة للدهشة تحت أقدامنا أحياناً على بعد أمتار قليلة، وأحياناً على بعد أميال قليلة. بعضها يتطلب حفريات وفريقاً من الباحثين الدوليين، والبعض الآخر مجرفة متواضعة ومصباحاً يدوياً.
تعرف معنا على أشياء رائعة ومثيرة للدهشة تحدث تحت الأرض.
البحث عن المادة المظلمة ليس فقط في الفضاء!
في منجم ذهب مهجور على عمق 1.6 كيلومتر (1 ميل) أسفل بلاك هيلز في ساوث داكوتا الأمريكية، قام 250 عالماً من 37 مؤسسة ببناء مرفق سانفورد للبحوث تحت الأرض. وتتمثل مهمتها في تحقيق تقدم كبير في البحث عن المادة المظلمة، ويسمى المشروع LUX-ZEPLIN.
الهدف من المشروع هو حل ما قد يكون آخر قطعة في لغز وجود المادة المظلمة والتي تتمحور حولها جميع عناصر الكون من الصخور والماء والغازات إلى البروتونات والإلكترونات والجسيمات دون الذرية. والتي لا تساوي كتلتها المجمعة كتلة الكون؛ لذلك يأمل العلماء أن بحثهم عن المادة المظلمة وفهمها سيساعدهم على فهم طبيعة كتلة الكون بشكل أفضل.
تتضمن المهمة خزاناً يبلغ ارتفاعه 1.5 متراً مملوءاً بحوالي ربع الإمداد العالمي السنوي من مادة الزينون السائل.
الزينون يُشبه إلى حدٍ ما المادة المظلمة ذاتها، فهو موجود بكل مكانٍ حولنا، ولكنه عديم اللون والرائحة ويصعب فصلُه عن أي شيءٍ آخر. على الرغم من أنه موجود في الهواء الذي نتنفسه، ولكنه أيضاً من أندر العناصر الموجودة على الأرض؛ إذ يوجد حوالي جزء واحد منه في كل 11.5 مليون جزء من الهواء.
الزينون مثلهُ مثل العديد من الغازات النادرة الأخرى، يمكن أن تنبعث منه ومضات من الضوء والإلكترونات عندما تُصدم ذراته بجسيماتٍ أخرى. لذلك سيوضع كاشف محمي من معظم الجسيمات الأخرى، لمراقبة صدور أي إشارة من جسيمات المادة المظلمة.
20 ألف جثة تحت حديقة واشنطن سكوير في مدينة نيويورك
في عام 1797، تم شراء أراضٍ زراعية وضمها لمدينة نيويورك لإنشاء حقل دفن كبير للمعوزين والفقراء والمجرمين وضحايا المرض أو مجهولي النسب. وكانت قطعة الأرض على بعد أقل من ميل واحد شمال التوسع الحضري المتزايد للمدينة.
بعد فترة وجيزة، اجتاحت الحمى الصفراء وموجات من المرض القاتل والمعدى مدينة نيويورك واستمرت حتى عام 1803. بدأت المقبرة تمتلئ ووصلت إلى طاقتها الاستيعابية في أوائل عشرينيات القرن التاسع عشر. عندما أعلن عمدة المدينة عن خطط لتحويل حقل الدفن إلى ساحة عامة. لكن دون إخراج القبور وإعادة دفنها في مكان آخر.
تم تغيير اسم الحقل إلى "Washington Military Parade Ground" – إشارة إلى الذكرى الخمسين لتأسيس الدولة – قبل اختصارها إلى واشنطن سكوير بارك.
ووفقاً لكتاب Streetwise History of New York City، فمن المرجح وجود أكثر من 20 ألف شخص قد دفنوا في الأرض تحت الساحة وظلوا حتى يومنا هذا تحت العشب وأرصفة ميدان واشنطن.
كائنات حية تعيش البرد القارس والظلام التام
في أواخر عام 2021، تم العثور على أعداد كبيرة من أنواع الكائنات الحية التي تعيش في البرد القارس والظلام التام، على عمق 200 متر (650 قدماً) تحت الجليد في واحدة من أكثر المناطق برودة في العالم: الجرف الجليدي Ekström في القارة القطبية الجنوبية.
تم العثور على سبعة وسبعين نوعاً متميزاً من الديدان وحيوانات الطحالب تسمى bryozoans في المياه شديدة الظلمة في -2 درجة مئوية (28 درجة فهرنهايت).
تعمل وفرة المخلوقات على تغيير الطريقة التي ينظر بها الباحثون إلى قابلية العيش في مثل هذه البيئات البحرية المتطرفة، وعلى الرغم من تحديد أمثلة لبعض هذه الحيوانات في مكان آخر في القارة القطبية الجنوبية، فإن العثور على مثل هذه المنطقة بشكل خاص تعج بالحياة هو الأول.
للوصول إلى البقعة الجوفية المدهشة، استخدم الباحثون كاميرات أسقطت لعمق أكثر من 60 طابقاً. وكشف التأريخ الكربوني أن الحياة كانت موجودة هناك بشكل مستمر منذ ما يقرب من 6000 عام.
مدينة تحت مدينة لتجنب الطقس البارد في مونتريال
تعتبر مونتريال أبرد مدينة في أمريكا الشمالية، كما أنها ثاني أبرد منطقة من حيث حجمها في العالم بعد الصين.
يبلغ متوسط درجة الحرارة 6.2- درجة مئوية في الشتاء، وبسبب موقعها مباشرة على نهر سانت لورانس، تبدو المدينة أكثر برودة حتى.
وبسبب صعوبة التنقل والقيام بالتسوق أو حتى النشاطات اليومية والمشي في درجات الحرارة شديدة الانخفاض وظروف الطقس القاسية، طورت المدينة طريقة جديدة لمكافحة البرد، وهي: إنشاء مدينة أخرى تحتها.
تحت أقدام الأشخاص الذين يسيرون على مستوى الشارع توجد شبكة هائلة من مراكز التسوق والأنفاق وأنظمة النقل التي تسمح لسكان مونتريال بالبقاء في جو أكثر دفئاً في المدينة المسماة Le Réso، والتي تمت لأكثر من 32 كيلومتراً (20 ميلاً) من الممرات التي تربط مترو الأنفاق بالمحطات ومباني المكاتب والمجمعات السكنية، وتشمل معظمها أرقى أماكن التسوق وتناول الطعام.
وقد تتفاجأ عندما نخبرك أن العديد من الأشخاص قد لا يأخذون معهم معطفاً للعمل؛ لأنهم ببساطة لن يضطروا للخروج على الإطلاق. كما هو الحال بالنسبة للطلاب والزوار، الذين يمكنهم مغادرة مساكن الطلبة أو الفنادق والوصول إلى المدارس والجامعات والمتاحف والمسارح وغير ذلك الكثير بالتنقل تحت الأرض.
نفق لتهريب المخدرات طوله أكثر من 1 كم
قد تؤدي الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى إحداث تراجع في معدلات الهجرة غير الشرعية، لكنها لا تستطيع أن تفعل الكثير لمكافحة تهريب المخدرات.
وتعتبر وجهة المهربين المفضلة للولايات المتحدة هي سان دييغو، التي تمتد ضواحيها إلى حدود المكسيك؛ إذ توجد على مشارف المدينة مناطق صناعية شاسعة تساعد على إخفاء هوية مباني المستودعات الكبيرة.
تم اكتشاف أكبر أنفاق تهريب المخدرات بين الدولتين في مارس/ آذار 2020 في مستودع في ضاحية أوتي ميسا في سان دييغو. يبلغ طول الممر حوالي 1.5 كيلومتر (1 ميل) وعمقه 9 أمتار، ووصف الممر بأنه الأكثر تعقيداً على الإطلاق، مع نظام سكة حديد وعربة واسعة لنقل المخدرات بسرعة، وتهوية وتوصيل لتيار كهربائي مرتفع.
ويطلق على النفق اسم "مترو باجا" من قبل عناصر الحدود، كما يوجد مصعد عند مدخله ونظام صرف معقد. صادرت الجهات الأمنية عند اكتشافه أكثر من طنين من المخدرات، بما في ذلك 590 كيلوغراماً من الكوكايين، بقيمة تقدر بـ 30 مليون دولار.
بوابة الجحيم في تركمانستان
في صحراء كاراكوم النائية في تركمانستان، توجد منطقة جذب سياحي تجتذب الآلاف من السياح كل عام تسمى "بريق كاراكوم" أو "حفرة غاز ديرويز" أو بوابات الجحيم المشتعلة.
تمتد هذه الحفرة المشتعلة بالنيران بطول (70 متراً) وعمق (21.3 متر)، وكان المُنقِّبون السوفييت أول من اكتشفوها أثناء محاولاتهم العثور على النفط في الصحراء عندما كانت جمهورية آسيا الوسطى جزءاً من الاتحاد السوفييتي.
عند اكتشاف ما اعتقدوا أنه حقل نفط كبير، شرع المنقبون في الحفر، لكنهم لم يجدوا النفط، بل اصطدموا بجيب مجوف من الغاز الطبيعي سبَّب انهيار الموقع وابتلع أجهزة الحفر والكثير من الانهدامات.
وبحلول الوقت الذي استقرت فيه الأرض، كان هناك العديد من الحفر المفتوحة، أكبرها يبلغ عرضها 70 متراً وعمقها 20 متراً.
وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت الحياة البرية في الصحراء المحيطة بالموت بسبب المستويات العالية من غاز الميثان في الحفر.
لذلك قرر العلماء إشعال النار في الحفرة، على أمل أن يحترق كل الغاز الطبيعي الذي يحتمل أن يكون مميتاً. لكن الحفرة ظلت مشتعلة حتى بدايات عام 2022 عندما أصدر الرئيس غوربانغلي بيردي محمدوف الأمر بإطفائها إلى الأبد.
اللغة السرية للأشجار
تحت الأرض، ومن خلال الجذور المتصلة عبر الفطريات أو المواد البكتيرية أو النباتات الأخرى، تتواصل الأشجار فيما بينها وتنقل المعلومات حول العوامل البيئية مثل الجفاف والأمراض وتزود بعضها بالعناصر الغذائية أو الماء.
حتى إن هناك اسماً أنيقاً لهذه الظاهرة وهو شبكة الويب الخشبية.
في عام 2019، أنتجت دراسة دولية، غطت حوالي 1.2 مليون قطعة من الغابات وما يقرب من 30000 نوع من الأشجار، أول خريطة عالمية للشبكات تحت الأرض التي تشكل هذا العالم السري.
وجد العلماء أن الأشجار تقوم بإرسال إشارات كهربائية كيميائية وهرمونية لنقل المعلومات عن الجفاف المتوقع أو التهديدات الطفيلية أو اضطرابات المغذيات وسموم التربة المحتملة.
أكبر كائن حي على وجه الأرض
يعتقد الكثير من الناس أن أكبر حيوان في العالم هو الحوت الأزرق، لكن للعثور على أكبر كائن حي في العالم، يجب علينا المغامرة تحت الأرض.
فقد اكتُشف في عام 1998 كائن فطري واحد في غابة مالهيور الوطنية بولاية أوريغون ويغطي مساحة واسعة تبلغ حوالي 9 كيلومترات مربعة أي (3 ميل مربع)!
هذا النوع من الفطريات العملاقة يسمى Armillaria ostoyae، والسبب أن كثيراً منا لا يعرف بها أو وجودها الجوفي بشكل حصري تقريباً. Armillaria ostoyae هو عبارة عن شبكة من الخيوط الفطرية والحبال التي تتسلل إلى لحاء الأشجار وأنظمة الجذور.
بينما تظهر أجزاء منه من وقت لآخر للتكاثر، يظل الفطر الضخم بعيداً عن الأنظار تحت الأرض.