إذا قرأت كتاباً لطيفاً أثّر فيك بشكل كبير أو عبّر عن الكثير مما يدور في ذهنك، فستشعر على الأرجح بالفضول لمعرفة المزيد عن الكاتب. من هو بالضبط؟ وكيف كانت حياته؟ وإلى أي مدى يُشبه الصورة التي تخيلتها عنه أثناء قراءة كُتبه؟
الغريب أن المعلومات المتوفرة عن الكثير من الكُتاب والأدباء عبر التاريخ كانت شحيحة للغاية، وبالكاد يُعرف شيء أو اثنان عن الكثير منهم، وذلك للمفاجأة يرجع إلى أنهم لم يكن لهم وجود حقيقي!
ويرجع ذلك على الأغلب لأسباب تتعلق بالخصوصية، أو لكون الكاتب غزير الإنتاج، أو حتى بسبب عمل مجموعة كبيرة من الأشخاص على العمل، وبالتالي اتخذوا أسماء مستعارة للكتابة الجماعية.
صحيح أن هؤلاء الأشخاص تخلوا عن حق نسبة أعمالهم لشخصيتهم الفعلية، ولن يتمكنوا مثلاً من حضور لقاءات توقيع كتبهم أو مناقشتها مع القراء، لكنهم استطاعوا أن يصنعوا اسماً راسخاً لأنفسهم في عالم الكتابة، حتى لو كان مُستعاراً.
1- ستيفن كينغ صاحب الإنتاج الغزير.. جداً!
لاحظ أمين إحدى المكتبات بالولايات المتحدة الأمريكية ويُدعى ستيف براون شيئاً مثيراً للفضول حول عمل مؤلف الإثارة الغامض ريتشارد باشمان، وهو أن لغة رواياته تشبه أعمال ستيفن كينج، المؤلف والكاتب الأمريكي المعروف صاحب العديد من الأعمال التي تحولت لأفلام شهيرة مثل It وThe Shining.
فكتب براون إلى وكيل أعمال ستيفن كينغ للاستعلام عن أوجه التشابه بينهما، وعند هذه النقطة عرف الكاتب الشهير أن اللعبة قد انتهت.
وحدث أن أمضى كينغ 8 سنوات في كتابة روايات مثل Rage وThe Long Walk وThinner تحت اسم ريتشارد باشمان المستعار، وذلك للهروب من استراتيجية عدم إغراق السوق وإشباعه والاكتفاء بنشر عمل واحد سنوياً.
وبعد هذا الكشف زعم المؤلف الأمريكي المعروف أن إصابته بتشوهٍ في الوجه تجعله حذراً من المقابلات، وسجل حقوق الطبع والنشر للكتب باسم وكيله.
وبعد الفضيحة المدوية، أعلن كينغ أن باتشمان "مات بسبب سرطان الاسم المستعار"، بحسب موقع Mental Floss.
2- حتى أنتِ يا أغاثا كريستي؟!
نعلم جميعاً الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي، ونُحبها لقدرتها المميزة على نسج قصص الغموض والإثارة مع لمسة فنية ومجموعة من الشخصيات المألوفة التي نشعر بالصلة معها.
ولكن خلال فترة عملها كمؤلفة غموض شهيرة قررت أجاثا كريستي، الكتابة تحت اسم مستعار لغرض بسيط. وهو أنها كانت تعلم أن معجبيها يتوقعون منها دائماً نشر روايات غامضة، فين حين رغبت هي في التفرُّع والكتابة لمواضيع مختلفة، بحسب موقع List Verse.
لذلك كتبت كريستي 6 كتب باسم مستعار، هو ماري ويستماكوت، ما أتاح لها فرصة الغوص في عالم علم النفس البشري، وهو أمر لم يكن يتوقعه عشاق كريستي التقليديون ومحبو رواياتها البوليسية وألغازها الغامضة.
كما تم اختيار الاسم المستعار نفسه بعناية، فقد كان اسم ماري هو الاسم الأوسط لأغاثا، وكان ويستماكوت اسماً متداولاً في عائلتها.
والمثير للدهشة أن المعجبين لم يربطوا بين أجاثا كريستي وماري ويستماكوت أو يعرفوا أي علاقة بين أعمال الاسمين لما يقرب من عشرين عاماً.
3- بنجامين فرانكلين لم يكن سياسياً فقط
السياسي وأحد المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة الأمريكية، بنجامين فرانكلين لم يتوقف عند دوره في تاريخ أمريكا فحسب، بل كان ذلك جانباً واحداً فقط من حياته التي ما زلنا لا نعرف الكثير عنها حتى اليوم.
وقد امتلك جيمس، شقيق بنجامين فرانكلين، صحيفة تدعى The New-England Courant، وركزت الصحيفة بشكل أساسي على نقد ومناقشة آراء بوسطن السياسية والدينية.
لم يرغب بنجامين فرانكلين، البالغ من العمر ستة عشر عاماً في أوائل القرن الـ18، الظهور لأول مرة كصحفي في جريدة مملوكة لأخيه، لذا بدلاً من السير في الطريق التقليدي اختار فرانكلين أن يضع مقالاته تحت باب مكتب الصحيفة، مستخدماً الاسم المستعار السيدة "سايلنس دوجود"، التي تعني ضمنياً "فعل الخير بصمت".
وتحت هذا الاسم المستعار كتب فرانكلين أربعة عشر مقالاً، لقيت جميعها استحساناً من القُرّاء واستقبالاً جيداً.
4- جيه كيه رولينغ مؤلفة هاري بوتر
ج. ك. رولينغ اسم مألوف، خاصة لسلسلة هاري بوتر، لكن هل تعلم أن المؤلفة الشهيرة لديها شخصية افتراضية أخرى؟ تحت الاسم المستعار روبرت جالبريث، كتبت رولينغ 5 كتب بوليسية في سلسلة بعنوان Cormoran Strike.
واعترفت الكاتبة بأنها تستمتع بالكتابة تحت اسم مستعار لشخصية ذكورية، مدعية أنها استوحتها من مؤلفين مثل أغاثا كريستي وروث ريندل وبي دي جيمس.
وقد أرادت رولينغ "البدء من الصفر" بتلك السلسلة من الروايات الغامضة، بعيداً عن شهرتها العالمية المعروفة، إذ لم ترغب في أن يؤثر نجاحها في رواياتها الأخرى على التعليقات التي ستحصل عليها على تلك الأعمال.
5- الأديب العالمي جورج إليوت كان في الواقع امرأة!
كانت ماري آن إيفانز، المعروفة في عالم الأدب باسم جورج إليوت، من أنجح كُتاب العصر الفيكتوري في بريطانيا.
وقبل كتابة أي رواية عملت إيفانز ككاتبة مستقلة في لندن، حيث تعاونت في مشاريع أدبية متخصصة في الكتابة مثل The Westminster Review.
وقد اشتهرت الكاتبة بتطويرها للأسلوب الرائد في التحليل النفسي في الخيال المعاصر، وعلى الرغم من إرثها المضطرب من الفضائح والقيل والقال (وذلك لأنها كانت على علاقة طويلة الأمد مع رجل متزوج)، استطاعت إيفانز أن تُغير بصمتها في العالم الأدبي إلى الأبد، مع رواياتها التي نشرتها باسم مستعار، بسبب وصمة العار في ذلك الوقت حول شخصيتها الحقيقية.
كما أرادت أن يؤخذ عملها على محمل الجد، وأن يتضمن جميع المزايا التي يستطيع أن يوفرها لها اسم مستعار لرجل.
كان اسمها مزيجاً من جورج -الذي اختارته تكريماً للرجل الذي وقعت في حبه- وإليوت، وهي كلمة كان من السهل حفظها وتذكرها بعد نشر رواياتها.
6- جورج أورويل كان اسماً مستعاراً لحفظ الخصوصية
اشتهر جورج أورويل بروايته النقدية السياسية العالمية "1984" و"مزرعة الحيوان"، لكن اسم الكاتب الحقيقي هو إريك آرثر بلير، وهو ليس مألوفاً لدى العديد من محبي الأدب.
كان بلير ناشطاً سياسياً شغوفاً وكاتب مقالات وصحفياً ومؤلفاً أمريكياً، ولأن كتابه الأول Down and Out in Paris and London، كان كتاباً فيه العديد من التفاصيل الشخصية عن فترة حياته في فقر مدقع في فرنسا ولندن، قرر بلير استخدام اسم مستعار حتى تظل عائلته غافلة عن تفاصيل حياته وفترة حياته التي قضاها في الفقر.
وبعد نشر هذا الكتاب، بدأ بلير في كتابة ونشر روايته الأكثر مبيعاً ونجاحاً في تلك الفترة، وهي مزرعة الحيوان، والتي كتبها استناداً إلى أحداث وأفراد الثورة الروسية.
كان الاسم المستعار الذي اختاره بلير مزيجاً من كنيسة سانت جورج في إنجلترا ونهر أورويل، وهي إحدى البقع المفضلة لديه للزيارة.
7- جوائز أدبية تكشف أسماء مستعارة معروفة
اجتذبت جائزة أدبية بقيمة مليون يورو ثلاثة رجال إسبان للكشف عن أنهم يقفون وراء روايات الإثارة الإجرامية؛ إذ كان الرجال الثلاثة يكتبون تحت الاسم المستعار كارمن مولا.
وبحسب صحيفة The Guardian البريطانية، عندما فازت إحدى رواياتهم بجائزة بلانيتا الأدبية المرموقة، ذهب الثلاثي لاستلام الشيك والتكريم في حفل رفيع حضره الملك الإسباني.
وقد نشر كل من أوغستين مارتينيز، وجورج دياز، وأنطونيو ميرسيرو الروايات وعملوا كُتابَ سيناريو بأسمائهم الحقيقية، قبل أن يجتمعوا معاً للكتابة باسم مولا المستعار في أعمال مشتركة.
وبعد كشف هوياتهم نفى الرجال اختيار اسم مستعار لأنثى للمساعدة في بيع الكتب، بل اعتبروا أنه كان مجرد اسم مستعار للكتابة الجماعية تحته لا أكثر.