تمكن باحثون في جامعة لاتروب بمدينة ملبورن الأسترالية، من ابتكار أداة فحص "مبكّر" لاكتشاف التوحد عند الأطفال، نتيجة دراسة استمرت 5 سنوات على أكثر من 13.500 طفل بين 12 و24 شهراً.
ووجد الباحثون خلال الدراسة أن 83% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و24 شهراً، و"حدّدتهم الأداة"، أصيبوا لاحقاً بالتوحد.
وقال الباحثون إن هذا الفحص يكشف التوحد قبل الفحوصات الاعتيادية الحالية بحوالي 4 سنوات. وإن التشخيص "كلما كان مبكراً، سارت حياة الأشخاص المصابين بالتوحد بشكل أفضل".
وكتبت قائدة الباحثين في الدراسة جوزفين باربارو في رسالة بريد إلكتروني لشبكة Deutsche Welle الألمانية: "الأطفال الذين شُخصت إصابتهم بالتوحد مبكراً كان إدراكهم الشفهي والعام أفضل حالاً في سن المدرسة، والتحق أكثرهم بالمدارس العادية وحاجتهم إلى الدعم المستمر أقل من الأطفال الذين شُخصت حالتهم متاخراً".
ومن المعروف أن التوحد لا يعتبر مرضاً أو مشكلة طبية يمكن علاجها أو تحتاج إلى علاج، بل هو جزء من الشخص ويستمر معه طوال حياته. ولكن قد يجد الأشخاص المصابون بالتوحد صعوبة في التواصل والتفاعل مع الأشخاص أو الاستجابة للمحفزات الحسية مثل الأضواء الساطعة أو الضوضاء العالية دون الشعور بالانزعاج.
أداة الفحص مترجمة إلى ثماني لغات
الاختبارات الحالية، مثل M-CHAT (قائمة المراجعة المعدلة للتوحد عند الأطفال)، عادة ما تكشف التوحد بين سن 4 و6 سنوات.
والأداة الجديدة، المعروفة باسم SACS (مراقبة الاهتمام الاجتماعي والاتصال)، تتكون من عنصرين هما: SACS-Revised وSACS-Preschool.
وكتبت جوزفين أن التحليل الشمولي لـ13 دراسة وجد أن دقة أداة M-CHAT تبلغ 6% عند استخدامها في ما يسمى إعدادات المجتمع "منخفض المخاطر"، فيما بلغت دقة أداة SACS-R نسبة 83%.
وقد تُرجمت أداة SACS إلى ثماني لغات وتُستخدم في 11 دولة هي: بنغلاديش والصين وإيطاليا واليابان ونيبال ونيوزيلندا وبولندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وإسبانيا والمملكة المتحدة.
التشخيص صعب
جوزفين تريد أن تُستخدم هذه الأداة على نطاق أوسع. مشيرة إلى أن "وضع هذه الأداة الفعالة في أيدي خبراء صحة مدربين، بحيث يكشفون عن التوحد أثناء الفحوص الصحية المعتادة يحدث فرقاً كبيراً في التشخيص المبكر".
وأشارت دراسة أسترالية أخرى إلى أن العلاج لدعم التطور الاجتماعي للأطفال الذين تظهر عليهم العلامات المبكرة للتوحد يساعد بدرجة كبيرة.
وأشارت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أنه "لا يوجد فحص طبي، مثل فحص الدم". إذ يراجع الأطباء تاريخ نمو الطفل وسلوكه لتشخيص حالته.
دراسة جديدة توصف بـ"المدهشة"
على صعيد آخر، كانت صحيفة The Times البريطانية نشرت في سبتمبر/أيلول 2021، تفاصيل دراسة جديدة تظهر أن تقديم جلسات علاجية لآباء الأطفال الذين تظهر عليهم علامات الإصابة بالتوحد يزيد من احتمالية تماثلهم للشفاء والتخلص من الأعراض الشديدة للمرض مع تقدم السن.
وقالت الصحيفة إن هذه الدراسة تظهر لأول مرة هذا التحسن على مستوى العالم، فيما وصف باحثون نتائجها بـ"المدهشة".
بحسب الدراسة، فقد شُخصت حالة 6.7% من الأطفال في سن الثالثة، الذين شاركوا في دورة مدتها خمسة أشهر تهدف إلى تحسين التواصل بين الآباء وأطفالهم بإصابتهم باضطراب طيف التوحد (ASD). وفي مجموعة مماثلة لم تشارك في هذه الدورة، وصلت النسبة إلى 20.5% من الأطفال.
يُشار إلى أن ما بين 1% و2% من الأشخاص مصابون بمرض التوحد، ولذا قد يستفيد منه أكثر من 10 آلاف طفل سنوياً في المملكة المتحدة.
وقد شملت التجربة أطفالاً في أستراليا تتراوح أعمارهم بين 9 و14 شهراً اختيروا للمشاركة بعد أن ظهرت عليهم علامات الإصابة المحتملة بالتوحد مثل الاختلافات في التواصل البصري التلقائي أو الإيماءات الاجتماعية أو التقليد أو الطريقة التي يستجيبون بها لأسمائهم.
وقاد فريق البحث البروفيسور أندرو وايتهاوس من جامعة غرب أستراليا، وضم البروفيسور جوناثان غرين من جامعة مانشستر.