قلبت أنثى شابة من فصيلة قرود المكاك، في جنوب اليابان، الأعراف السائدة في مجتمع القرود بتولي السيطرة على جماعتها المكونة من 677 فرداً من الذكور والإناث بعد انقلاب عنيف على الزعيم. لكن إمبراطوريتها التي كسبتها بشق الأنفس قد تنهار بسبب قوة واحدة لا يمكن وقفها: موسم التزاوج.
الأنثى المتمردة ياكي، والتي تبلغ من العمر 9 سنوات، تعيش في محمية يابانية من قرود المكاك تسمى حديقة حيوان تاكاساكياما الطبيعية، حيث قضت العام الماضي في منصب أول قائدة في تاريخ الحديقة الممتد 70 عاماً.
ونشرت صحيفة The New York Times تقريراً، في 21 يناير/كانون الثاني 2022، يؤرخ الصعود المذهل للملكة القرد إلى السلطة، بعد الاعتداء على والدتها وتوليها دور الأنثى العليا في المجموعة.
ثم شرعت ياكي في الثأر العنيف ضد الذكور الأربعة الأعلى رتبة في جماعتها، وأخيراً تولت منصب الألفا (الأعلى سلطوياً) بعدما ضربت نانشو -قرد ذكر مسن يبلغ من العمر 31 عاماً كان قد حكم الجماعة لمدة خمس سنوات.
ديناميكية العلاقات ونمط حياة قرود المكاك
من الجدير بالذكر أن قرود المكاك هي حيوانات اجتماعية ونهارية وشجرية.
تمشي هذه القرود على أطرافها الأربعة، وهي نشيطة جداً وتتواصل بأصواتها العالية. تحب التواجد في الماء ويمكنها السباحة جيداً.
تشكل هذه القرود مجموعات من 200 فرد، وعندما يصل حجم المجموعة إلى 80 إلى 100، يمكن لمجموعة فرعية من الإناث الانقسام لإنشاء مجموعة جديدة.
بشكل عام، تتكون المجموعات من عدة ذكور غير مرتبطين، مع العديد من الإناث المرتبطة ارتباطاً وثيقاً. يُظهر الذكور والإناث داخل المجموعة تفضيلاً للأفراد ذوي الرتب العالية من الجنس الآخر، حسب ما نشره موقع Animalia Bio.
ولا تعد قرود الريسوس إقليمية، ولكن لكل مجموعة منطقة نوم خاصة بها، كما تندر المواجهات بين المجموعات المختلفة. أما عندما تلتقي المجموعات فتسري العادة بأن تتجنب المجموعة الأضعف المجموعة الأقوى.
ثورة أنثوية نادرة
ويعد الاستحواذ العدائي من جانب الإناث نادر الحدوث في مجتمع قرود المكاك الياباني، مع وجود عدد قليل فقط من الحالات المُسجَّلة التي سبقت انقلاب ياكي، كما نقل موقع Live Science عن الزميل الباحث في الجمعية اليابانية لتعزيز العلوم يو كايغاشي.
وأوضح كايغاشي أنَّ قرود المكاك اليابانية (Macaca fuscata) -المعروفة أيضاً باسم قرود الثلج بسبب عادتها في التشمس في الينابيع الحارة عندما يصبح الطقس ثلجياً- تعيش في مجتمعات هرمية صارمة؛ تحصل فيها القرود ذات الرتب الأعلى على أفضلية الطعام والأصحاب.
وعادةً ما تتحدد رتبة الذكر من خلال مقدار الوقت الذي يقضيه في فرقة معينة (يميل الذكور إلى ترك المجموعة التي ولدوا فيها بعد وصولهم إلى سن البلوغ)، بينما ترث أنثى قرود المكاك المرتبة التي تقل عن رتبة أمهاتهم.
وفي بعض الأحيان، تستولي قرود المكاك بعنف على الرتب العليا.
موسم التزواج يهدد سلطة القردة ياكي المتمردة
وأوضح كايغايشي أنَّ هذه التنافسات على المناصب تكاد تكون حصرية بين الذكور؛ ولهذا السبب كان صعود ياكي للسلطة صادماً ومثيراً في الوقت نفسه للباحثين الذين تابعوا حالتها.
وبعد إطاحة الذكر الأعلى، بدأت ياكي في إظهار السلوكيات الذكورية التقليدية، مثل المشي وذيلها لأعلى وهز أغصان الأشجار بجسدها، كما قال خبراء في المحمية.
لكن منصب القيادة لن يكون مضموناً لياكي، إذ تكتنف الفوضى موسم التزاوج -الذي يمتد عادةً من نوفمبر/تشرين الثاني إلى مارس/آذار من كل عام، فإما ينقضي أمر اقتراب الذكور الجرئية منها بمغازلة عابرة وإما يتطور العراك بينهما لينتصر الأقوى.
عادات التزاوج لدى قرود المكاك
يعتمد قرود المكاك نظام تعدد الزوجات والأزواج خلال موسم التكاثر، وتختلف مواسم التكاثر بشكل كبير بين القرود التي تعيش في المناطق ذات الشتاء البارد، فتتزاوج في الخريف، وتلك التي تعيش في مناطق ذات تغيرات موسمية قليلة، فتقل معها مواسم التكاثر.
تستمر فترة الحمل حوالي 165 يوماً، وعادةً ما تحمل الأم جنيناً واحداً، حسب ما نشر موقع Animals.
ترضع القردة وليدها لمدة عام تقريباً، وبينما تنضج الإناث في سن الإنجاب عند بلوغها 2.5 إلى 3 سنوات، يتأخر سن النضج لدى الذكور حتى بلوغها عمر 4.5 إلى 7 سنوات.