تحدث حساسية الطعام عندما يقوم جهاز المناعة في الجسم باستجابة التهابية غير طبيعية تجاه الطعام، معتقداً أنه خطر محدق بصحة الإنسان عن طريق الخطأ.
وعادة ما تكون معظم ردود الفعل التحسسية للطعام الطبيعي خفيفة أو متوسطة، ومع ذلك قد تصبح ردود الفعل التحسسية تجاه الطعام قاتلة في حالات معينة.
وتشمل الأعراض الشائعة لحساسية الطعام حكة في الفم، وتورُّم اللسان، والبثور أو الطفح الجلدي المثير للحكة، والعيون الدامعة وسيلان الأنف، والتقيؤ والإسهال الشديد، وتورُّم الفم وانسداد الحلق.
تؤدي الحالات الأكثر خطورة إلى الحساسية المفرطة في الجسم، وهي إطلاق مواد كيميائية تؤدي إلى إصابة الجسم بالصدمة التي قد تُدخل المصاب بها بغيبوبة تستدعي الحصول على رعاية طبية فورية وإلا قد تهدد حياته.
لماذا نصاب بحساسية الطعام ومتى يطورها الجسم؟
وفقاً للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الأمريكي (NIAID)، لا يولد أي شخص بحالة أساسية من حساسية الطعام.
لذلك لا يزال الباحثون يحققون في سبب إصابة بعض الأشخاص بالحساسية الغذائية دون غيرهم، لكن هناك ترجيحات أن الجينات والتاريخ العائلي والعمر كلها جوانب تؤثر على تطور الحساسية عند الشخص.
الأطفال الصغار على سبيل المثال عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بحساسية تجاه الطعام من الأطفال الأكبر سناً أو الأشخاص البالغين.
وإذا اشتبه أخصائي الرعاية الصحية في وجود حساسية تجاه الطعام، فسيحيلك إلى أخصائي الحساسية للاختبار. سيجري أخصائي الحساسية اختباراً للدم أو اختبار وخز الجلد لتحديد نوع الحساسية.
وبشكل تفصيلي، تبحث اختبارات الدم عن اميونو جلوبين E، وهو جسم مضاد يصنعه الجسم استجابةً لحساسية الطعام. فيما تعمل اختبارات الجلد على وخز الجلد بكمية صغيرة من الطعام المسبب للمشاكل وتنتظر استجابة الحساسية لمعرفة مصدر المشكلة.
ورغم شيوع حساسية الأكل لدى الأطفال تشير الأبحاث إلى أن العديد من الأطفال يتغلبون على الحساسية تجاه بعض الأطعمة، عندما يصلون إلى سن المراهقة أو البلوغ، وذلك بشكل عفوي ودون أي تدخل طبي أو بالعقاقير.
ومن أبرز أنواع حساسية الأكل ما يلي:
حساسية الفول السوداني
إحدى أكثر أنواع حساسية الأكل شيوعاً هي حساسية الفول السوداني.
وعلى الرغم من الإشارة إليه غالباً كجزء من عائلة الجوز، فإن الفول السوداني عبارة عن بقوليات ويختلف بشكل كبير عن المكسرات.
ووفقاً لـ NIAID، تُعد حساسية الفول السوداني هي السبب الرئيسي للوفاة من الحساسية المفرطة التي يسببها الغذاء في الولايات المتحدة الأمريكية كمثال محدود.
كما كشفت دراستان حديثتان أنه كلما تم إطعام الأطفال الفول السوداني بشكل مبكر، تم تجنُّب مخاطر الإصابة بحساسية الفول السوداني، وقل احتمال تعرضهم لردود فعل خطيرة تهدد سلامتهم.
لذلك يُنصح بإدخال الفول السوداني مبكراً في نظام الطفل الغذائي منعاً لتطوير رد فعل مبالغ.
حساسية الحليب
وفقاً للكلية الأمريكية للحساسية والمناعة، يعاني 2% إلى 3% من الأطفال دون سن الثالثة من حساسية الحليب في الولايات المتحدة وحدها.
وعادة ما يتجاوز حوالي 80% من الأطفال هذه الحساسية عندما يبلغون من العمر 16 عاماً، أو أثناء سن المراهقة والبلوغ.
وتؤدي حساسية الحليب لظهور البثور والطفح الجلدي المثير للحكة، إضافة لاضطرابات المعدة والقيء والبراز الدموي وأحياناً الحساسية المفرطة والصدمة.
ويجب على المصابين بحساسية الحليب تجنب منتجات الألبان بجميع أشكالها ومشتقاتها.
وهذا يشمل جميع منتجات الألبان والأجبان وحتى الحليب ومشتقاته "الخالي من اللاكتوز" أيضاً.
هذا يعني كذلك تجنب الأطعمة التي تحتوي على مكونات الحليب ولو بنسب ضئيلة، مثل بعض نوعيات الشوكولاتة والحلوى والمخبوزات.
حساسية البيض
يعاني حوالي 2% من الأطفال حول العالم من حساسية البيض وفقاً لموقع الكلية الأمريكية للحساسية والمناعة، لكن ما يقرب من 70% منهم يتخلصون منها بحلول سن 16 عاماً بدون أي تدخل.
ويمكن أن تتراوح الأعراض المصاحبة لحساسية البيض من الطفح الجلدي الخفيف إلى الحساسية المفرطة والصدمة.
ويجب على الأشخاص الذين يعانون من حساسية البيض تجنب أي منتج يحتوي على البيض، وكذلك اللقاحات والعقاقير التي يدخل في تصنيعها مشتقات من البيض.
حساسية السمك
قد تظهر حساسية السمك عند المصابين بها بشكل مفاجئ في مرحلة البلوغ، ولا تعني بالضرورة أن المصاب يعاني من الحساسية من جميع أنواع الأسماك.
إذ قد يكون لدى الشخص المصاب بحساسية السمك رد فعل مناعي تجاه التونة أو السلمون فقط، بينما لا يكون لديه رد فعل تجاه المحار مثل السلطعون والروبيان وسرطان البحر وأسماك أخرى كالشبار والسردين.
وتتراوح الأعراض وفقاً لدرجة حساسية السمك عند الشخص، لكن يُنصح باستشارة أخصائي الحساسية حول أنواع الأسماك التي يجب تجنبها لكي لا تثير تلك الحساسية لديك.
حساسية القمح
تعتبر حساسية القمح من بين الأنواع الأكثر شيوعاً عند الأطفال، ولكن يتخلص منها حوالي الثلثين منهم من تلك الحالة بشكل طبعيي في سن 12 عاماً تقريباً، وفقاً لموقع Very Well Fit للصحة.
على الرغم من أن حساسية القمح عادة ما تكون خفيفة، فإن بعض الحالات يمكن أن تكون شديدة للغاية، وتدخل الشخص في غيبوبة إذا لم يتلقَّ العناية الطبية الفورية.
وفي حين أن العديد من الأشخاص المصابين بحساسية القمح يمكنهم تحمل الحبوب الأخرى، إلا أنها تختلف من شخص لآخر وفقاً لدرجة الحساسية عند المصاب.
وتعتبر حساسية القمح أقرب نوع من أنواع حساسية الأكل لإصابة المصابين بأمراض الربو والأكزيما.
علاج حساسية الطعام وطرق التعامل معها
أفضل طريقة لمنع إثارة رد فعل تحسسي هي تحديد الأطعمة التي تسبب الحساسية وتجنبها، وتحاشي تناول أي من مشتقاتها في الطعام.
وتبحث الدراسات العلمية حالياً في طرق لعلاج حساسية بعض المواد الغذائية بشكل كامل، مثل حساسية الفول السوداني وحساسية الحليب، ومع ذلك لم يتم التوصل لعلاج فعال بعد حتى الآن، بحسب هيئة الصحة البريطانية NHS.
كما ينبغي تجنب إجراء أي تغييرات جذرية، مثل الاستغناء عن منتجات الألبان بالكامل في نظامك الغذائي دون أسباب، أو منع طفلك منها دون التحدث أولاً إلى طبيب متخصص.
ويمكن أن تساعد مضادات الهيستامين في تخفيف أعراض رد الفعل التحسسي الخفيف أو المتوسط. وغالباً ما تكون هناك حاجة لجرعة أعلى من مضادات الهيستامين للسيطرة على أعراض الحساسية الحادة.
الأدرينالين كذلك يعتبر علاجاً فعالاً لأعراض الحساسية الشديدة، مثل الحساسية المفرطة Anaphylaxis.
وغالباً ما يُعطى الأشخاص المصابون بحساسية الطعام جهازاً يُعرف باسم قلم الحقن الذاتي، والذي يحتوي على جرعات من الأدرينالين يمكن استخدامه في حالات الطوارئ.