تحوّل الحزب الشيوعي الصيني إلى "خطّابة" تساعد العازبين على إيجاد شريك الحياة، كجزء من برنامج للحزب يهدف إلى رفع معدلات الولادة المنخفضة في البلاد، وسط تراجع في الإقبال على الزواج بات يتسبب بقلق للسلطة الحاكمة.
تشانغ شاوغي شاب صيني في الثلاثين من عمره، لم يوفق في العثور على زوجة، مع أن أصدقاءه عرّفوه على عدد من الفتيات، ووجد نفسه مضطراً إلى الاستعانة بخدمات الحزب الشيوعي، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الإثنين 14 فبراير/شباط 2022.
حضر شاوغي لقاءً نظمته رابطة الشباب الشيوعي التي تحاول بفضل شبكتها الواسعة أن تكون حلقة وصل بين الراغبين في التخلص من الوحدة والانخراط في الحياة الزوجية.
شاوغي قال خلال مشاركته في لقاء تنظمه الرابطة في جينان شرق الصين: "في سني، حان الوقت لأجد فتاة أتزوجها"، مضيفاً: "لم أجد طلبي في محيطي وأريد توسيع دائرة أصدقائي".
يأتي هذا بينما يسجل الزواج تراجعاً في الشعبية لدى الصينيين، إذ تضم البلاد 8.14 مليون ثنائي متزوج، فيما كان العدد 13.47 مليون سنة 2013، لذا تبدي الصين قلقاً على انعكاسات هذا الوضع على صعيد المجتمع والأنشطة الاقتصادية.
ما يزيد الوضع سوءاً، هو أن عدد الرجال بات أعلى بعشر مرات من عدد النساء، ما يعزى إلى سياسة الطفل الواحد التي طُبقت لعقود طويلة، وتفضيل أزواج كثر خصوصاً في الأرياف إنجاب الذكور، وأدى ذلك إلى ازدياد كبير في عمليات الإجهاض الانتقائية للأجنة الإناث.
كان الاختلال في التوازن بين الإناث والذكور واضحاً بصورة خاصة بين عامي 1980 و2016 (السنة التي سمحت فيها الحكومة للأزواج بإنجاب طفلين).
ضغوط على الرجال
يواجه بعض الرجال ضغوطاً مجتمعية أيضاً من أجل الزواج، ويقول شاوغي وهو مسؤول مبيعات في إحدى الشركات: "لم تتح لي فرصة لقاء نساء كثيرات في عملي"، مشيراً إلى أنه يتعرض إلى ضغوط متزايدة من محيطه لدفعه إلى الزواج.
إلى جانب شاوغي يشارك مئات العازبين في الحدث المقام في جينان من تنظيم الرابطة التابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
في إحدى الحدائق، يتولى شخص تعريف المشاركين على بعضهم البعض على وقع موسيقى شعبية، وألعاب جماعية، يشاركون فيها لكسر الجليد بين بعضهم البعض.
كذلك ولتسهيل التواصل بين أفراد الجنسين، تدوَّن معلومات شخصية (السن والعمل والدخل) على أوراق موضوعة على الشجر.
سجّل شو فنغ ذو السنوات الأربعين، في هذا اللقاء أيضاً، بسبب ضغط العائلة عليه ليتزوج، وقال: "كلما تقدمت في السن، ازداد الضغط شدة".
استخدام التكنولوجيا للتعارف
في مقاطعة أخرى اسمها أنهوي في شرق البلاد، أطلقت الرابطة التابعة للحزب الشيوعي تطبيقاً للهواتف الذكية، ويمكن للمستخدمين الاطلاع على معلومات بشأن عازبين آخرين، كالاسم والطول والعمل أو الدخل.
يقول ممثل الرابطة لي هنغ: "إذا ما أعجبكم أحدهم، يمكنكم أن تضيفوه إلى قائمة الأصدقاء"، وبفضل شبكتها الممتدة على مختلف أنحاء الصين، يمكن للمنظمة أن تطال موظفين في شركات كثيرة.
كذلك تنظم رابطة الشباب الشيوعي منذ سنوات حصصاً عن العلاقات العاطفية في الجامعات، أو لقاءات للعازبين.
تقول ليتا هونغ فينشر، وهي ناشطة نسوية أمريكية كتبت كتباً عدة عن الصينيات: "قلق الدولة لا يقتصر على معدل الولادات"، إذ إن السلطات الحاكمة تدفع أيضاً النساء للانضمام إلى مؤسسة الزواج لما تمثله من أساس للاستقرار الاجتماعي".
إجراءات للتشجيع على الزواج
كانت الصين قد سمحت منذ 2021 لجميع الأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال، غير أن معدل الولادات لم يرتفع، كما أن الاختلال في التوازن بين الجنسين كبير لدرجة يصعب على الرجال إيجاد شريكة حياتهم.
كذلك تحاول السلطات التصدي أيضاً إلى عادات الزيجات غير السليمة بما فيها الهدايا التي تُقدَّم عادة في الأرياف من جانب عائلة العريس، ويمكن أن تصل قيمة هذا المهر إلى 160 ألف يوان (25 ألف دولار) في بعض قرى مقاطعة هينان، حيث يدفع الاختلال بين الجنسين بالعائلات إلى المزايدة في دفع المهر، وفق مدبري الزيجات.
لمحاولة تغيير العادات، وضعت السلطات المحلية سقفاً لهذه المبالغ عند 66 ألف يوان (10400 دولار)، ويوضح تشوان باويونغ، وهو وسيط زيجات في مقاطعة هينان "العائلات تطلب أن يكون لدى الشخص منزل وسيارة على الأقل (…) هذا يكلف ما بين 500 ألف يوان و600 ألف (79 ألف دولار و94 ألفاً)".
ليس توفير مثل هذه المبالغ مهمة سهلة للعائلات الريفية، كما أن السلطات المحلية قد تصعب أحياناً المهمة على السكان، وهذا ما حصل العام الماضي عندما دعت هيئات رسمية ريفية الشابات إلى البقاء في مناطقهن والاقتران برجال محليين.
بعد انتقادات واسعة عبر الشبكات الاجتماعية، اضطر القادة المحليون إلى أن يوضحوا أن حملتهم التي سمّوها "سرير دافئ" لا ترمي إلى إرغام أحد على البقاء في دياره.