دراسات على الأطفال منعتهم من النطق ومحاولات لزرع أعضاء حيوانات بمساجين..تجارب مروعة تمت بذريعة العلم

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/02 الساعة 16:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/02 الساعة 16:12 بتوقيت غرينتش
بعض المرضى تضررت صحتهم بشكل جذري بسبب تلك التجارب - iStock

لطالما كانت التجارب العلمية والأبحاث الطبية سبيلاً من أجل التوصُّل لنتائج من شأنها إنقاذ كثير من الأرواح. لكن في بعض الأحيان يفقد العلماء الأمل في تحقيق نتائج إلا من خلال تجارب علمية مشبوهة وغير موثوقة أخلاقياً.

على سبيل المثال، أصدرت حكومة الولايات المتحدة اعتذاراً رسمياً لغواتيمالا في 2010 بحسب وكالة رويترز للأنباء، بسبب التجارب التي أجريت هناك في الأربعينيات من القرن الماضي والتي تضمنت إصابة السجناء والأفراد المصابين بأمراض عقلية بمرض الزهري لأغراض بحثية، دون موافقة أو علم هؤلاء الضحايا أو ذويهم فيما يشاركون فيه، أو إخطارهم بالتبعات الصحية لاحقاً.

مشروع غواتيمالا مجرد واحد من العديد من التجارب الصادمة التي أجريت على البشر باسم الطب. بعض تلك التجاوزات الأخلاقية كانت أخطاء من قبل أشخاص كانوا متأكدين من أنهم يفعلون ما يلزم للغاية الأسمى والفائدة الأشمل والأعم، بينما اقترفها البعض الآخر من منطلق شر محض.

فيما يلي نستعرض عدد من التجارب العلمية الصادمة التي تم إجراؤها على البشر ولم تتماشَ مع مقاييس النزاهة الأخلاقية المتبعة طبياً على مدار التاريخ.

بعض هؤلاء العلماء أجروا التجارب بدون أي مرجع أخلاقي - iStock
بعض هؤلاء العلماء أجروا التجارب بدون أي مرجع أخلاقي – iStock

طبيب السجن الذي أجرى التجارب العلمية على خصية النزلاء

منذ عام 1913 إلى عام 1951، كان عالم تحسين النسل الأمريكي ليو ستانلي كبيرَ الجراحين في سجن ولاية سان كوينتين، أقدم مؤسسة إصلاحية بولاية كاليفورنيا.

وبعد إجراء عمليات قطع القناة الدافقة في أجساد السجناء لمنعهم من الإنجاب، بعد أن جندهم من خلال وعود بتحسين الصحة والنشاط العام للجسم دون توضيح التفاصيل الدقيقة للعملية، حوَّل ستانلي تخصصه إلى مجال طب الغدد الصماء.

وتضمن هذا المجال دراسة بعض الغدد والهرمونات التي تنظمها في الجسم.

اعتقد الطبيب أن آثار الشيخوخة وانخفاض الهرمونات تساهم في الإجرام وضعف الأخلاق وضعف الصفات الجسدية للمصابين، ما جعل مرضاه من السجناء الخيار الأمثل بالنسبة له للتجربة.

وبحسب موقع Research Gate للأبحاث، كان ستانلي يعتقد أن زرع خصيتي الرجال الأصغر سناً لدى كبار السن سيعيد لهم ذكورتهم وقدراتهم الجنسية.

وحينها بدأ ستانلي باستخدام خصيات السجناء الذين أُعدموا على كبار السن من النزلاء. حتى إنه حاول استخدام خصيتي الحيوانات، وضمن ذلك الماعز والغزلان. في البداية، قام بزرع الخصيتين جسدياً مباشرة في نزلاء السجن. ولكن كانت لذلك مضاعفات خطيرة على المرضى.

لذلك انتقل إلى خطة جديدة، وهي تحضير مساحيق من خصيات الحيوانات في تركيبة سائلة، ثم حقنها مباشرة في بطون السجناء بالمؤسسة الإصلاحية، محاولاً إثبات قدرة تلك الفرضية على تعزيز قدراتهم الذكورية.

وبحلول نهاية فترة وجوده في سان كوينتين، أجرى ستانلي ما يقدر بنحو 10 آلاف عملية من هذا النوع من التجارب العلمية الصادمة.

طبيب الأورام الذي حقن الخلايا السرطانية في المرضى والسجناء

خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أجرى عالم الأورام في معهد سلون كيترينج الأمريكي، تشيستر سوثام، التجارب العلمية غير الأخلاقية لمعرفة كيفية تفاعل أجهزة المناعة لدى المصابين عند تعرضهم للخلايا السرطانية.

ومن أجل معرفة ذلك، قام بحقن خلايا سرطانية حية في المرضى بدون إذن منهم أو إخطارهم بتبعات هذه العملية الخطيرة على صحتهم، بحسب موقع CNN.

وحتى عندما تم أخذ الموافقة من مرضى بعينهم، غالباً ما كانت التفاصيل المتعلقة بالطبيعة الحقيقية للتجربة سرية وغير واضحة أو صريحة النتائج والمخاطر.

بعض هؤلاء العلماء يتم الاحتفاء بإنجازاتهم حتى اليوم - iStock
بعض هؤلاء العلماء يتم الاحتفاء بإنجازاتهم حتى اليوم – iStock

وقد أجرى سوثام أول تجربة على مرضى السرطان المصابين بأمراض عضال، والذين كان يسهل الوصول إليهم في العيادات والمستشفيات.

وكانت نتيجة الحقن نمو العقيدات السرطانية لدى المصاب، ما أدى إلى معاناتهم من الورم الخبيث.

وفي امتداد لتجاربه، حاول الطبيب إجراء مزيد من الأبحاث على نزلاء إحدى العيادات اليهودية في نيويورك، لكن هذه المرة، كانت هناك مقاومة لتجاربه بدعوى عدم نزاهتها.

إذ رفض ثلاثة أطباء طلب منهم المشاركة في التجربة واستقالوا وذهبوا للجمهور؛ للإفصاح عن تلك الجرائم الطبية المشبوهة.

لاحقاً تداولت عناوين الصحف أخبار هذه الجريمة، وبدأت الإجراءات القانونية ضد الطبيب بالفعل. وأدان بعض الخبراء في الأوساط العلمية والطبية تجارب الطبيب، بينما أيدها آخرون بدوى الغاية العلمية الأسمى.

لكن بشكل رسمي، تم تعليق رخصة ساوثهام الطبية لمدة عام واحد فقط، وسرعان ما تم تخفيضها بعد ذلك إلى فترة من المراقبة لتجاربه لا أكثر.

وقد استمرت حياته المهنية بعد ذلك، حتى إنه في نهاية الأمر تم انتخابه رئيساً للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان.

التجارب العلمية المتوحشة التي تسببت في تلعثُم الأطفال

عانى اختصاصي أمراض النطق الأمريكي ويندل جونسون حالة من التلعثم الحاد التي بدأت في وقت مبكر من طفولته. فحفَّزت هذه التجربة الشخصية تركيز الطبيب على إيجاد سبب التلعثُم وتطوير علاج له بأي ثمن.

وخلال تجربته، افترض جونسون أن التلعثم عند الأطفال يمكن أن يتأثر بعوامل خارجية في أثناء مراحل النمو المبكرة بالطفولة، مثل التعزيز السلبي أو الانتقاد والتوبيخ.

في عام 1939، وتحت إشراف جونسون، أجرت طالبة الدراسات العليا ماري تيودور التجارب العلمية المتوحشة باستخدام 22 طفلاً من دار أيتام آيوا.

تلقى نصف الأطفال التعزيز الإيجابي لكي يتمكنوا من النطق السليم للكلام عند الحديث. في حين تعرض النصف الآخر من الأطفال للسخرية والانتقاد عند حديثهم، سواء كانوا يتلعثمون بالفعل أم لا لتجربة ما إذا كان السلوك سيؤدي لنتيجة في قدرة الطفل على الكلام.

وبحسب مجلة Discover العلمية، أدى هذا السلوك المشين إلى تفاقم مشاكل الكلام عند الأطفال الذين تلقوا ردود فعل سلبية من انتقادات وسخرية وتوبيخ.

ووفقاً للمجلة، ندمت الطالبة تيودور على الضرر الذي سببته التجربة بعد انتهائها، وحاولت العودة إلى دار الأيتام؛ لمساعدة الأطفال في حديثهم لاحقاً.

وعلى الرغم من أخطاء التجربة الأخلاقية، تحمل عيادة ويندل جونسون للنطق والسمع بجامعة آيوا اسم جونسون حتى اليوم، وهي إشارة إلى مساهماته في هذا المجال.

طبيب الجلدية الذي استخدم السجناء كفئران تجارب

كان اختراع Retin-A أحد أكبر الإنجازات بمجال طب الأمراض الجلدية في فترات مادية، وهو كريم يمكنه علاج أضرار أشعة الشمس والتجاعيد وأمراض الجلد الأخرى.

أدى نجاح المستحضر إلى ثروة وشهرة للمخترع المشارك في ابتكاره، وهو ألبرت كليغمان  طبيب الأمراض الجلدية بجامعة بنسلفانيا، بحسب موقع Micro Health.

لكن كليغمان معروف أيضاً بتجاربه الجلدية المشينة على السجناء، والتي بدأت في عام 1951 واستمرت لنحو 20 عاماً دون أي مواقف حكومية رسمية ضده.

وقد أجرى الطبيب بحثه نيابة عن شركات عالية معروفة حتى اليوم، من بينها Johnson & Johnson لمستحضرات العناية بالبشرة.

وفي التجارب، كان كليغمان يترك السجناء يعانون من الألم والندوب، حيث استخدمهم كمواضيع دراسية في التئام الجروح وعرّضهم لمزيلات العرق ومساحيق القدم ومزيد من المستحضرات الكيميائية ومستحضرات التجميل.

كما حاول كليغمان ذات مرة، دراسة تأثيرات مادة الديوكسين الكيميائية لأغراض بحثية على 75 نزيلاً في سجن هولمزبيرج في بنسلفانيا، حيث دفع مبلغاً صغيراً للسجناء مقابل مشاركتهم ولكن لم يقم بإخبارهم بالآثار الجانبية المحتملة التي كان من بينها الحروق والتسمم.

أخصائي الغدد الصماء الذي قام بتعريض السجناء للإشعاع

عندما أرادت هيئة الطاقة الذرية الأمريكية معرفة كيف يؤثر الإشعاع على القدرة الإنجابية للذكور، لجأوا إلى عالم الغدد الصماء كارل هيلر.

وفي دراسة شملت سجناء سجن ولاية أوريغون بين عامي 1963 و1973، صمم هيلر أداة غريبة تشع الخصيتين بكميات متفاوتة؛ لمعرفة تأثيرها على قدرة الرجال على الإنجاب، لاسيما على إنتاج الحيوانات المنوية.

كما تم إخضاع السجناء لخزعات متكررة ضمن تلك التجارب العلمية، وطُلب منهم الخضوع لقطع القناة الدافقة بمجرد انتهاء التجارب، وهو الأمر الذي حرمهم من الإنجاب بقية حياتهم.

وعلى الرغم من دفع أجور المشاركين في الدراسة، فإن التجربة الصادمة أثارت قضايا أخلاقية حول الطبيعة القسرية المحتملة للتعويض المالي لنزلاء السجون.

إذ تم إبلاغ السجناء بمخاطر الإصابة بحروق الجلد على الأكثر، ولكن من المحتمل أنه لم يتم إخبارهم باحتمال تعرضهم لألم شديد والتهاب وخطر ضئيل للإصابة بسرطان الخصية، علاوة على تهديد قدراتهم على الإنجاب لاحقاً.

معظم تلك التجارب تمت بدون إخطار المرضى بآثارها الجانبية - iStock
معظم تلك التجارب تمت بدون إخطار المرضى بآثارها الجانبية – iStock

تجربة لمعرفة ما إذا كان البشر طيبين بطبيعتهم أم يمكن تحويلهم لوحوش؟

في عام 1971، شرع فيليب زيمباردو، الأستاذ في علم النفس بجامعة ستانفورد الأمريكية، في اختبار "أصل الطبيعة البشرية" للإجابة عن أسئلة مثل "ماذا يحدث عندما تضع الأشخاص الطيبين في مواقف شريرة؟".

ولمعرفة جواب السؤال قام بتجربة غير أخلاقية عبر إنشاء سجن مخصص ودفع أموالاً لطلاب الجامعات ليلعبوا دور الحراس والسجناء، والذين بدا كأنهم يتحولون إلى حراس مسيئين وسجناء هستيريين، بحسب موقع Live Science العلمي.

تم إيقاف التجربة التي استمرت أسبوعين بعد ستة أيام فقط، لأن الأمور سارت بسرعة فوضوية وكاد الطلاب يرتكبون فيها الفظائع ضد بعضهم البعض.

وبحسب النتائج التي تداولتها الصحف والمجلات، في غضون أيام قليلة فقط أصبح الحراس ساديين وأصيب السجناء بالاكتئاب وبدت عليهم علامات الإجهاد الشديد والانهيار العصبي مع منتصف تلك التجارب العلمية.

إذ تعامَل الحراس منذ البداية مع السجناء معاملة مروعة، وأذلوهم من خلال تجريدهم من ملابسهم ورش أجسادهم بمواد كيميائية سامة، وعملوا على ترويعهم، بسبب السلطة التي تمكنوا من امتلاكها عليهم.

وتبين، وفقاً لتقرير على موقع Medium في 2018، أن الحراس لم يصبحوا عدوانيين بشكل ميكانيكي؛ بل شجع الطبيب هذا السلوك التعسفي، وقام بعض السجناء بتزييف انهيارهم العاطفي لإثبات نتيجة بعينها للاختبار.

تحميل المزيد