بينما يوضع المهندسون والأطباء في مكانة نخبوية فكرية عالية؛ لتبحرهم في الكون وجسم الإنسان، إلا أنهم ليسوا أكثر ذكاء من سائر فئات الشعب. هذا ما توصلت إليه دراسة بريطانية حديثة حققت ولأول مرة في دقة سمعة هاتين الفئتين الفكرية على وجه التحديد.
فريق من العلماء البريطانيين قارنوا النتائج في الاختبارات المعيارية للأداء المعرفي لـ73 جراح أعصاب و329 مهندس طيران مع نتائج 18000 فرد من عامة الناس.
كشفت النتائج، التي نُشرت في دورية The BMJ الطبية البريطانية وسلطت الضوء عليها The Guardian، أن الأشخاص العاديين لا يختلفون كثيراً عن جراحي الدماغ وعلماء الصواريخ.
علماء الهندسة والطب ليسوا أذكى
وعندما يتعلق الأمر بالذكاء الخام، لم تتفوق هاتان الفتان على البقية، وإن أظهرت اختلافات صغيرة مع الأشخاص العاديين، وهي اختلافات تساعد في اختيار المسارات المهنية التي تحقق أقصى استفادة من القدرات العقلية.
وأظهرت النتائج أن أداء علماء الأعصاب كان أفضل قليلاً في أجزاء من الاختبارات التي تقيس سرعة اتخاذ القرار، لكنهم كانوا أبطأ في استعادة الذاكرة.
من ناحية أخرى، كان علماء الصواريخ أفضل بشكل عام في التلاعب العقلي، أو تدوير الصور ذهنياً.
وبينما تتطلب جراحة المخ والأعصاب من الجراحين اتخاذ قرارات عالية المخاطر تحت ضغط زمني شديد، يستفيد المهندسون عند تصميم الصواريخ من قدرتهم على تدوير التصاميم ذهنياً وعرضها من زوايا متعددة.
ولكن هل تم تطوير هذه المهارات الخاصة بالمهنة في أثناء العمل أم أن من يملك هذه القدرات الفطرية ينجذب إلى هذه المهن؟
لم يتمكن الباحثون من تحديد الإجابة.
مطابقة نقاط القوة مع المهنة المناسبة
ما تُظهره هذه الدراسة هو أن النجاح حتى في أكثر المهن النخبوية سببه مطابقة الفرص مع نقاط القوة المحددة لدماغ الفرد أكثر من الإمكانات الفكرية وغير الموجهة، حسب معدَّة البحث الرئيسية وطالبة الدكتوراه في جراحة المخ والأعصاب بكلية لندن الجامعية إنجا أوشر.
بمعنى أخرى، أنه عند التفكير في المسار الوظيفي الصحيح، لا داعي للقلق بشأن معدل الذكاء بل بالمواهب الشخصية التي ستضيف إلى هذا الاختصاص.
هناك العديد من أنواع الذكاء المختلفة، والوظيفة المناسبة هي تلك التي تستفيد من أنواع الذكاء المحددة للإنسان والتي سيتفوق فيها عند تلقيه التدريب المناسب.
وأشارت أوشر في حديثها لموقع CBC، إلى أن الأطفال غالباً ما يهتمون بالعلوم والرياضيات والتكنولوجيا في سن مبكرة، ولكن مع تقدمهم في السن، يبتعدون عن هذا المجال، خصوصاً الفتيات.
وقالت: "أعتقد أن من المهم التشكيك في هذه الصور النمطية لهذا الغرض، لمحاولة تشجيع بعض هذه الفئات المحرومة على مواصلة التفكير في امتهان هذه التخصصات".
وكما رجل الأعمال الناجح اكتشف جيف بيزوس وغيره من الباحثين الأكاديميين، فإن النجاح لا يعتمد على أن يكون الإنسان عبقرياً شاملاً، بل أن يكون شديد الوضوح بشأن نقاط قوته وضعفه.
وقال أحد مؤلفي الدراسة وهو أسوين شاري: "لكل شخصٍ مجموعة من المهارات، وبعض الأشخاص أفضل في بعض الأشياء من آخرين، ومن الصعب جداً أن تكون الأفضل في كل شيء وفي جميع المجالات".