أصيب عدد كبير من الطلاب في بريطانيا بصدمة نفسية بعد أن اكتشفوا أنهم وقعوا في فخ نصبه لهم شخص يدعى "لي مان هي" من أجل ادعاء أنهم ينتسبون إلى كنيسة شينتشونجي المسيحية التي أسَّسها، وذلك بعد أن نصَّب نفسه مسيحاً جديداً في كوريا الجنوبية، حيث يُلقَّن الأتباع هناك الإيمان بأن مان هي (90 سنة) هو القس الموعود به في إنجيل العهد الجديد.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الجمعة 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، فإن الطلاب البريطانيين توصلوا برسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تحثهم على المشاركة في تظاهرات اجتماعية تشرف عليها الكنيسة بهدف "تجديد ارتباطهم الروحي" مع المسيحية، ليفاجؤوا بأن الأمر يتعلق برجل يدَّعي أنه مسيح جديد.
كنيسة شينتشونجي
كانت إليزابيث في عامها الدراسي الثاني بإحدى جامعات لندن عندما تلقت رسالة على موقع إنستغرام تطلب منها ملء استبيان.
كانت الرسالة التي أُرسلت إلى إليزابيث في مايو/أيار 2019، صادرة عن "مبادرة اجتماعية" تُسمى UK God Blog، وطُلب منها في الاستبيان الإجابة عن أسئلة متنوعة، تتراوح بين السؤال عن لونها المفضل، وما ستطلبه من الله إذا التقيا لشرب القهوة! ولمَّا كانت إليزابيث مسيحية ملتزمة جدَّدت انضمامها الروحي إلى المسيحية في العام السابق، فهي لم تمانع ملء الاستبيان الذي بدا معنيّاً بالحالة الدينية للمشاركين فيه.
لكن إليزابيث (20 عاماً)، لم يدُر في خَلَدها قط أنها على وشك الانتماء إلى منظمة شبه مسيحية، يُعتقد الآن أنها "طائفة" مستقلة.
يُعتقد أن إليزابيث واحدة من بين مئات البريطانيين الذين استقطبتهم كنيسة شينتشونجي المسيحية التي أسَّسها "لي مان هي"، وهو شخص نصَّب نفسه مسيحاً جديداً في كوريا الجنوبية. ويُلقَّن الأتباع هناك الإيمان بأن مان هي (90 سنة) هو القس الموعود به في إنجيل العهد الجديد.
توسَّعت شينتشونجي، التي تنكر كونها طائفة، على الصعيد الدولي خلال السنوات الأخيرة. ويُعتقد الآن أن التجمعات المرتبطة بها تتركز في لندن ومانشستر وبرمنغهام. ويقال إن قائمة المنتمين إليها تشمل طلاب جامعات ومعلمين وممرضات وأطباء ومهندسين. ويُزعم أن التواصل مع الأفراد الذين يُحتمل انضمامهم إليها، يتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وفي الحرم الجامعي ومراكز التسوق ومحطات القطار.
لكن اثنين من الأعضاء السابقين، ومنهم إليزابيث، زعما أن تجنيدهما جاء عبر دعوات من مجموعات ذات أسماء بديلة، وأنه لم ترد إشارة إلى شينتشونجي إلا بعد شهور من الحضور في دروس للكتاب المقدس. واتُّهم معلمو الكنيسة بمنع الأتباع حتى من البحث عن المجموعة أو إخبار أصدقائهم أو عائلاتهم بالانضمام إليها.
الوصول إلى الحقيقة
ينكر فرع الكنيسة في المملكة المتحدة تلك المزاعم بشدة، وشدَّد على أنه لا يحرِّض أعضاءه على الكذب على عائلاتهم وأصدقائهم، وإن أقر بأن بعض المشاركين في التبشير بالكنيسة قد لا يكشفون عن عضويتهم للآخرين على الفور.
كذلك، زعم فرع الكنيسة البريطاني أيضاً أنه يكشف للأعضاء المحتملين الهويةَ الحقيقية للكنيسة في بداية دراستهم للكتاب المقدس، وقبيل دعوتهم للانضمام إلى عضوية الكنيسة.
دُعيت إليزابيث إلى حضور جلسات تدارُس جماعية للكتاب المقدس في قاعة تابعة لمعهد سيكس فورم، ثم رُحِّب بها لاحقاً للحضور في مقر تابع للمجموعة بحي المال والأعمال "كناري وارف" في لندن، لمزيد من الجلسات.
تدَّعي إليزابيث أنها لم تشاهد صوراً أو مقاطع فيديو لـ"القس الموعود" لي مان هي، إلا بعد شهور من مشاركتها الأولى، وبعد أن رأت الطالبة اسم شينتشونجي في ملف باور بوينت عُرض عليهم، بدأت في البحث عن المجموعة وأصلها.
لكنها تزعم أنها تعرضت لـ"التوبيخ"، لأنها أخبرت عضواً آخر بالبحث الذي تُجريه عن المجموعة. ومن ثم فقد كتبت رسالة اعتذار إلى الله.
في رسالتها، قالت إليزابيث: "أسألك أن تحميني من أي كذبة تسلَّلت إليَّ أمس من قراءة ما كان موجوداً على جوجل، لأنني لا أريد أن أكون من أبناء الشيطان".
أصبحت إليزابيث عضوة كاملة العضوية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وحضرت مجموعتها "التخرُّج" مرتدين العباءات والقبعات. وبعد ذلك، ازداد التزامها بأنشطة المجموعة وتضاعفت مشاركتها في تقديم الخدمات التي تنظمها، في حين يرتدي أعضاؤها الزي الأسود والأبيض المخصص للمجموعة.
كما بدأت إليزابيث في تجنيد أعضاء جدد، في عملية تُعرف باسم "الحصاد"، ويُشار إلى مواقع البحث عن أعضاء جدد باسم "الحقول"، ويُوصف المجنَّدون المحتملون بأنهم "الثمار"، حسبما ورد في ملاحظاتها المكتوبة.
تقول إليزابيث: "كنا نذهب إلى أي مكان به عدد كبير من الناس". وكانت هي واحدة من فريق يضم خمسة طلاب من بين نحو 300 عضو بمجموعتها في لندن.
صدمة نفسية كبيرة
مع ذلك، فإن صحة إليزابيث النفسية بدأت في التدهور سريعاً، حسبما زعمت؛ وهو ما دفعها إلى مغادرة المجموعة خلال العام الماضي. وكانت مضطرة إلى إعادة السنة الدراسية في الجامعة، بسبب ما فاتها من دروس.
تقول إليزابيث: "لقد جاء تشخيصي بـ(اضطراب ما بعد الصدمة) بعد ذلك". وقد تخلت اليوم تخلياً تاماً عن كل معتقداتها الدينية.
رداً على ذلك، قالت كنيسة شينتشونجي في رسالة، إن الإشارة إليها على أنها طائفة دينية مستقلة "ليس إلا افتراء خبيثاً جائراً".
كما أضافت الكنيسة أنها "لا تفرض أي نوع من التحكم في أعضائها على الإطلاق"، وأن العضوية فيها "قرار طوعي يتخذه كل فرد بنفسه"، وأنها تحث على الالتزام الدراسي الجامعي، ونمط الحياة الصحي، والحفاظ على الالتزامات العائلية.
إلى جانب ذلك، ادَّعت شينتشونجي أن جمعيتها في المملكة المتحدة "كيان مستقل قانونياً" عن الكنيسة التي تأسست في كوريا الجنوبية، وأضافت أن "كنيسة شينتشونجي هي كنيسة تضم أعضاء يؤمنون بالكتاب المقدس ويعملون به".