كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعملون على تجنب التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة من خلال تبني أنماط حياة صحية سليمة هم الأعلى فرصاً في تجنب الإصابة بالخرف، حتى لو كان لديهم الاستعداد الوراثي، وذلك وفق ما جاء في تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021.
استند الباحثون في دراستهم التي نشرتها دورية Journal of Neurology Neurosurgery, and Psychiatry العلمية، إلى بيانات أكثر من 196 ألف شخص فوق سن الستين، من المسجلين في "البنك الحيوي" في المملكة المتحدة UK Biobank، وخلصوا في الدراسة إلى أن الشروع في خطوات فعالة للعمل على الحدِّ من التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة يمنع الخرف أيضاً.
يعتبر البنك الحيوي في المملكة المتحدة بمثابة قاعدة بيانات تحتوي على المعلومات الوراثية والصحية والأنماط المعيشية الخاصة بنحو نصف مليون مشارك من المملكة المتحدة، وتُتاح البيانات مجهولة المصدر لاستخدام الباحثين.
يمكننا أن نوقف الخرف
يقول الدكتور ديفيد وارد، من قسم طب الشيخوخة في جامعة دالهوزي في كندا والباحث الرئيسي في الدراسة: "نشهد مزيداً من الأدلة على أن اتخاذ إجراءات ملموسة فيما يتعلق بنمط الحياة الصحي يمكن أن يكون له فعالية كبيرة في التقليص من خطر الإصابة بالخرف".
تابع الدكتور وارد: "إن بحثنا لهو خطوة كبيرة إلى الأمام في تفسير الطريقة التي يساعد بها العمل على الحدِّ من التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة في تحسين فرص الشخص في تجنب الخرف تحسناً كبيراً، حتى لو كان لديه الاستعداد الوراثي للإصابة به".
كما أضاف: "هذا أمر مدهش لأننا نعتقد أن بعض الأسباب الكامنة للتدهور الصحي يمكن منعها في حدِّ ذاتها، وقد بدا لنا خلال الدراسة أن هذا الأمر متاح بدرجة كبيرة من خلال تبني نمط حياة صحي".
قارنت الدراسة بيانات المشاركين على أساس معيار يقيس عوامل الضعف والتدهور الصحي المرتبطة بالشيخوخة، ومنها التراجع في صحتهم العقلية ومرات المعاناة المتكررة من السقوط، وما إذا كانوا يواجهون مشكلات في الرؤية أو السمع أو غيرها من المشكلات الصحية.
أنباء سارة لمن يتمتعون بلياقة بدنية
جاءت النتائج لتكشف ارتباط عوامل الضعف والتدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة بزيادة معدلات الإصابة بالخرف بنحو مرتين ونصف من خلال البيانات الخاصة بنحو عقد من المتابعة الصحية للحالات، وذلك بقطع النظر عما إذا لدى الشخص استعداد وراثي للإصابة بالخرف أم لا.
من خلال النظر أيضاً في الأنماط الحياتية للمشاركين، تبين للباحثين أن حصة تزيد على النصف من نسب حالات الارتباط بين أنماط الحياة الصحية وخطر الإصابة بالخرف كان سببها عوامل الضعف والتدهور الصحي المرتبطة بالشيخوخة.
في هذا السياق، قالت الدكتورة غانيس رانسون، من كلية الطب بجامعة إكستر وباحثة مشاركة في الدراسة، إن النتائج المتضمنة في تلك البيانات "إيجابية للغاية"، فقد "[أظهرت] أن الإصابة بالخرف ليست حتمية، حتى لو كان الاستعداد الوراثي للإصابة به استعداداً عالياً".
كما خلصت الدكتورة غانيس من ذلك إلى أنه: "يمكننا اتخاذ إجراءات فعالة للحد من مخاطر الإصابة بالخرف، يمكن أن يكون العمل على تقليص التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة استراتيجية فعالة للحفاظ على صحة الدماغ، ومساعدة الناس على البقاء مستقلين وواعين لفترة أطول في الحياة".
كذلك، كشفت الدراسة بوجه عام أن 1762 حالة من أصل 196123 حالة مشاركة في بيانات الدراسة كانت مصابة بالخرف.
من بين الأشخاص الذين كان لديهم استعداد وراثي عال للإصابة بالخرف، كانت نسبة الإصابة بالخرف أقل لدى الأشخاص الذين تمتعوا بلياقة صحية عالية وأعلى عند الأشخاص الذين افتقروا إلى اللياقة الصحية.
عندما جُمع الاستعداد الوراثي العالي إلى التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة تبيَّن أن خطر الإصابة بالخرف أكبر بست مرات.
برهنت البيانات على أن الذين تبنوا أنماط حياة صحية أقل عرضة للإصابة بالخرف، وبعض أسباب ذلك هو انخفاض مستوى التدهور الصحي والضعف المرتبط بالشيخوخة لديهم.
يقول الدكتور كينيث روكوود، أستاذ طب الشيخوخة وطب الأعصاب في جامعة دالهوزي: "إن خطر الإصابة بالخرف يستند إلى عوامل وراثية وعصبية ونمط حياة وعوامل صحية عامة تؤدي بدورها إلى مجموعة من العلل الدماغية".
بناء على ذلك، قال الدكتور ديفيد ليولين، أستاذ علم الأوبئة السريرية بجامعة إكستر وأحد باحثي الدراسة: "لتقليل خطر التدهور الصحي المرتبط بالشيخوخة، يجب التركيز على النشاط البدني والعقلي، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، والتقليل من التدخين أو الإقلاع عنه تماماً".